رئيس التحرير
عصام كامل

الثقافات الوافدة تدمر الهوية!

اللغة العربية أحد أهم عناصر الحفاظ على الهوية، عندما نردد هذا الشعار لا يتقبله البعض، ويستهزأ به البعض الآخر، ونادرا ما تجد من يقتنع، وقد تندهش من أن الجميع يسعى لإدخال أبنائه إلى مدارس أجنبية، لا تدرس إلا باللغات الأجنبية، وتدرس تاريخ الدول الأجنبية وتتجاهل تاريخنا..

 

الأسبوع الماضى وفى لقاء مع الأستاذة الدكتور وفاء كامل أول سيدة تصبح عضوا فى مجمع اللغة العربية منذ 2014، وحتى الآن لاتزال السيدة الوحيدة في مجمع اللغة العربية، من خلال اللقاء كشفت أن اللغة العربية إهمالها له أبعاد كثيرة وخطيرة أكثر مما كنا نتوقع.. 

 

في بداية حديثها قالت: اللغة هى قوام الفكر والثقافة، وإنها مرآة العقل ووعاء الأفكار والمشاعر، كما إنها من أهم مقومات وحدة الشعوب، والدرع الواقى لأمتنا في مواجهة الغزو الثقافى إبان عصر المعلومات، ولهذا فإن إضعاف اللغة العربية أو ضياعها يعنى تحطم الوعاء الأول للثقافة والمخزون التاريخى للتقاليد والأعراف والفنون والإبداع، ومع مرور الوقت تذوب الهويات الحقيقية وتطمس الملامح الذاتية!

 

هذه كانت مقدمة اللقاء مع الدكتورة وفاء كامل، ونتساءل: ماذابعد ضياع الهوية وإختفاء المخزون التاريخى للتقاليد والفنون؟ ماذا يبقى لنا من وطن ننتمى إلى ترابه وتاريخه؟

اللغة العربية والهوية

وتضيف الدكتورة وفاء كامل: إن من أبرز التحديات التى تواجه هويتنا، العولمة ومهندسوها يستخدمون اللغة وسيلة للاختراق الحضارى للتأثير على الهوية الثقافية ثم خلخلتها من الداخل حتى يمكن القضاء على الموروث الحضارى الذى يعد من أهم مقومات الدول.. 

 

لهذا لابد من الارتقاء باللغة والحفاظ على ثقافتنا وقيمنا الايجابية المكتسبة على مر العصور، كما أنه لابد أن ندرك أهمية اللغة لها دور جوهرى في مجتمع المعرفة، والثقافة ولابد من تطويع تكنولوجيا المعلومات لخدمة الثقافة العربية، وذلك بمواكبة اللغة العربية التطور المتسارع في تقنيات المعلومات، مع التسليم بأن كل مجتمع له ثقافته التى تحقق لحمته.

 

وتشير الدكتورة وفاء كامل إلى قضايا في غاية الأهمية عندما تشير إلى أهمية توطيد العلاقة بين اللغة العربية ونقل المعرفة، والمعروف أن هناك تيارا ضد تعريب العلوم ويطالب بتدريسها بلغات أجنبية، أما هى فإنها تطالب بضرورة تعريب التعليم الجامعى وهذا شرط أساسى لتنمية أدوات التفكير والقدرات الذهنية والملكات الإبداعبة.. 

 

وهذا مدخلا لتأصيل العلم عندنا وتعريب فكرنا ونهضة لآن اللغة عنصر رئيسى للكيان الذهنى والعاطفى للانسان، كما أن اللغة العربية تواجه خطرين، الأول الغزو الاقتصادى للشركات الأجنبية وسيادتها في سوق العمل مما يدفعنا إلى تعلم أبنائنا للغات وعلى حساب اللغة العربية، والخطر الثانى الغزو الثقافى وتسابق الدول الأجنبية لإقامة مدارس وجامعات في مصر وتدرس بلغات بلادها، ونحن نرحب طمعا في العلم، ولا مفر أمامنا إلا أن نتعلم العلم بلغتنا العربية.

 

وتشير الدكتورة وفاء كامل إلى أن تعليم اللغات يجب أن يكون في المرحلة الأولى، ومن هنا لابد من تدعيم مجالات تعزيز اللغة العربية من خلال التوسع في ترجمة العلوم لملاحقة الاكتشافات العلمية، ولابد من توطين اللغة العربية وتعريب العلوم، إننا نجد الطب في الصين باللغة الصينية، وفي ألمانيا باللغة الالمانية.. الخ

 

 

وقد أشار تقرير التنمية الانسانية في الوطن العربى الصادر في 2003، أن طريق التنمية لا يتحقق عبر الثقافات الوافدة ولا يمكن أن يؤتى ثماره من خلال لغات الآخرين.                                  في النهاية هل ندرك أهمية اللغة العربية؟ قلنا إنها الهوية فسخر منا الكثيرون، وكشفت الدكتورة وفاء كامل أن الأخطار كثيرة وكثيرة وعلينا أن نستيقظ قبل فوات الأوان..

الجريدة الرسمية