رئيس التحرير
عصام كامل

حكاوي زمان.. يوميات‭ ‬أم‭ ‬كلثوم‭ ‬وتوفيق‭ ‬الحكيم‭ ‬ونجيب‭ ‬الريحاني ‬في ‭ ‬«عشة‭ ‬التابعي»‬‭ ‬على‭ ‬شاطئ‭ ‬رأس‭ ‬البر

حكاوى زمان، فيتو
حكاوى زمان، فيتو

حول‭ ‬ذكرياته‭ ‬مع‭ ‬أم‭ ‬كلثوم‭ ‬في ‬مصيف‭ ‬رأس‭ ‬البر‭ ‬كتب‭ ‬الصحفى‭ ‬محمد‭ ‬التابعى‭ ‬مقالا‭ ‬في‭ ‬مجلة‭ ‬آخر‭ ‬ساعة‭ ‬عام‭ ‬1958‭ ‬يقول‭ ‬فيه: ‬قامت‭ ‬الحرب‭ ‬العالمية‭ ‬الثانية‭ ‬في‭ ‬شتاء‭ ‬1939‭ ‬وأقبل‭ ‬صيف‭ ‬عام‭ ‬1940‭ ‬والطريق‭ ‬مسدودًا‭ ‬إلى‭ ‬أوروبا‭ ‬بالنسبة‭ ‬لمن‭ ‬اعتادوا‭ ‬قضاء‭ ‬الصيف‭ ‬هناك‭.‬


وكانت‭ ‬غارات‭ ‬المحور‭ ‬الألمانية‭ ‬والإيطالية‭ ‬قد‭ ‬بدأت‭ ‬تزلزل‭ ‬الإسكندرية‭ ‬وبورسعيد‭ ‬فحالت‭ ‬دون‭ ‬تصييف‭ ‬المصريين‭ ‬في‭ ‬هذين‭ ‬المنطقتين،‭ ‬واضطر‭ ‬المصريون‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬ينزلوا‭ ‬في‭ ‬تواضعهم‭ ‬درجة‭ ‬وأن‭ ‬يلجأوا‭ ‬إلى‭ ‬مصيف‭ ‬رأس‭ ‬البر‭ ‬المتواضع‭ ‬الفقير‭ ‬البعيد‭ ‬عن‭ ‬طائرات‭ ‬المحور‭.‬


ولأول‭ ‬مرة‭ ‬أصبح‭ ‬رأس‭ ‬البر‭ ‬مصيفًا‭ ‬لأصحاب‭ ‬المقام‭ ‬الرفيع‭ ‬فأقامت‭ ‬الملكة‭ ‬نازلى‭ ‬وبناتها‭ ‬في‭ ‬فندق‭ ‬كريستال‭ ‬على‭ ‬الضفة‭ ‬الشرقية‭ ‬للنيل‭ ‬أمام‭ ‬رأس‭ ‬البر،‭ ‬ويقيم‭ ‬رئيس‭ ‬الوزراء‭ ‬النحاس‭ ‬باشا‭ ‬وأسرته‭ ‬في‭ ‬جناح‭ ‬بفندق‭ ‬كورتيل،‭ ‬وكذلك‭ ‬مكرم‭ ‬باشا‭ ‬عبيد..‭

 

 ‬ويقيم‭ ‬إسماعيل‭ ‬صدقى‭ ‬صاحب‭ ‬الدولة‭ ‬وعبد‭ ‬الفتاح‭ ‬يحيى‭ ‬باشا‭ ‬فى‭ ‬فندق‭ ‬مارين‭ ‬فؤاد‭ ‬،‭ ‬أما‭ ‬أنا‭ ‬العبد‭ ‬لله‭ ‬محمد‭ ‬التابعى‭ ‬فقد‭ ‬كانت‭ ‬لى‭ ‬عشة‭ ‬صغيرة‭ ‬على‭ ‬شاطئ‭ ‬البحر‭ ‬فى‭ ‬رأس‭ ‬البر‭ ‬كانت‭ ‬أشبه‭ ‬بدار‭ ‬ضيافة‭ ‬للأصدقاء‭ ‬الذين‭ ‬كنت‭ ‬أرجوهم‭ ‬أن‭ ‬يقيموا‭ ‬معى‭ ‬ويؤنسوا‭ ‬وحدتى‭ ‬وكانوا‭ ‬يتفضلون‭ ‬بقبول‭ ‬الرجاء‭. ‬


كل‭ ‬هؤلاء‭ ‬عدا‭ ‬الأصدقاء‭ ‬الذين‭ ‬كانوا‭ ‬يقيمون‭ ‬في‭ ‬الفنادق‭ ‬ويفدون‭ ‬إلى‭ ‬العشة‭ ‬الصغيرة‭ ‬المتواضعة‭ ‬لتمضية‭ ‬السهرة،‭ ‬وكنا‭ ‬نسمى‭ ‬هؤلاء‭ ‬الزائرين‭ ‬أعضاء‭ ‬شرف‭ ‬ومنهم‭ ‬أم‭ ‬كلثوم‭ ‬وحفنى‭ ‬محمود‭ ‬ويوسف‭ ‬وهبى‭ ‬ونجيب‭ ‬الريحانى‭ ‬الذى‭ ‬كان‭ ‬يصطحب‭ ‬معه‭ ‬استفان‭ ‬روستى‭،‬أما‭ ‬الأعضاء‭ ‬الذين‭ ‬يقيمون‭ ‬معى‭ ‬في‭ ‬العشة‭ ‬منهم‭ ‬سليمان‭ ‬نجيب‭ ‬وتوفيق‭ ‬الحكيم‭ ‬وكامل‭ ‬الشناوى‭ ‬وأحمد‭ ‬الصاوى‭ ‬وإحسان‭ ‬عبد‭ ‬القدوس‭ ‬ومحمد‭ ‬عبد‭ ‬الوهاب‭.‬


كنا‭ ‬نلتقى‭ ‬أم‭ ‬كلثوم‭ ‬يوميا‭ ‬في‭ ‬عشتى‭ ‬المتواضعة‭ ‬مع‭ ‬نجوم‭ ‬أهل‭ ‬الفن‭ ‬وأحيانا‭ ‬السياسة،‭ ‬ويا‭ ‬لها‭ ‬من‭ ‬أحاديث‭ ‬سمر‭ ‬وأحيانا‭ ‬طرب،‭ ‬فأحيانا‭ ‬كانت‭ ‬أم‭ ‬كلثوم‭ ‬تدندن‭ ‬ويعلو‭ ‬النغم‭ ‬قليلًا‭ ‬قليلًا،‭ ‬وإذا‭ ‬بسليمان‭ ‬نجيب‭ ‬يشد‭ ‬شعره‭ ‬ثم‭ ‬يركل‭ ‬قدمه‭ ‬بعصبية،‭ ‬ويتراجع‭ ‬توفيق‭ ‬الحكيم‭ ‬على‭ ‬مقعده‭ ‬إلى‭ ‬الوراء‭ ‬ويقول‭ ‬آه‭ ‬آه‭ ‬ويهز‭ ‬رأسه‭ ‬ويمصمص‭ ‬شفتيه،‭ ‬وما‭ ‬إن‭ ‬ينتهى‭ ‬الغناء‭ ‬حتى‭ ‬نسمع‭ ‬التصفيق‭ ‬من‭ ‬خارج‭ ‬العشة‭ ‬لنجد‭ ‬عشرات‭ ‬من‭ ‬سكان‭ ‬العشش‭ ‬المجاورة‭ ‬وقد‭ ‬اجتمعوا‭ ‬ليسمعوا‭ ‬أم‭ ‬كلثوم‭ ‬وقد‭ ‬افترشوا‭ ‬الرمال‭ ‬حول‭ ‬عشتي.‭


كانت‭ ‬أم‭ ‬كلثوم‭ ‬إذا‭ ‬تهامسنا‭ ‬في‭ ‬حديث‭ ‬عن‭ ‬أحد‭ ‬المصطافين‭ ‬تقول‭ ‬أعوذ‭ ‬بالله‭ ‬من‭ ‬لسانكم‭ ‬اللى‭ ‬زى‭ ‬المبرد،‭ ‬ومع‭ ‬ذلك‭ ‬تخوض‭ ‬معنا‭ ‬فى‭ ‬الحديث‭ ‬وتقول‭: ‬حاتطلق‭ ‬لسانك‭ ‬على‭ ‬مين‭ ‬النهارده،‭ ‬فإذا‭ ‬كان‭ ‬من‭ ‬الوجود‭ ‬كامل‭ ‬الشناوى‭ ‬تقول‭ ‬له‭ ‬“اوعَ‭ ‬تنزل‭ ‬البحر‭ ‬لحسن‭ ‬تعمل‭ ‬فيضان”،‭ ‬وكان‭ ‬سليمان‭ ‬نجيب‭ ‬يعشق‭ ‬أكل‭ ‬الشطة‭ ‬فتقول‭ ‬له:‭ ‬ولو‭ ‬والله‭ ‬لو‭ ‬شربت‭ ‬الشطة‭ ‬بالمعلقة‭ ‬مفيش‭ ‬فايدة،‭ ‬فيسأل‭ ‬توفيق‭ ‬الحكيم:‭‬ مافيش‭ ‬فايدة‭ ‬في‭ ‬إيه؟‭ ‬وإذا‭ ‬كان‭ ‬المطرب‭ ‬الشعبى‭ ‬محمد‭ ‬عبد‭ ‬المطلب‭ ‬موجود‭ ‬عندى‭ ‬تقول‭ ‬“اوعى‭ ‬تخرج‭ ‬لحسن‭ ‬قرعتك‭ ‬تسيح‭ ‬فنضحك‭ ‬جميعًا،‭ ‬ويا‭ ‬ويله‭ ‬من‭ ‬يصيبه‭ ‬الدور‭ ‬من‭ ‬سخريتها‭ ‬ونكاتها‭.‬

الجريدة الرسمية