رئيس التحرير
عصام كامل

دكتوراه تحت القصف!

كانت أسئلة المسابقات في المعلومات العامة عن بلادنا العربية ونحن تلاميذ تكرر سؤالا واحدًا عن كل بلد عربي.. من عينة أذكر بلد المليون شهيد؟ أو أذكر أكثر بلد عربي لديه احتياطي من النفط؟ أو لماذا سميت تونس بالخضراء؟ وهكذا.. 

 

ورغم بساطة الأسئلة إلي حدود السذاجة لكنها كانت تنعش الذاكرة.. وتأخذنا إلي خيال طيب.. ومعلومات يحق معرفتها ولكن البناء عليها أيضًا.. كان نصيب الشعب الفلسطيني الشقيق منها أنه أكثر الشعوب العربية تعليمًا وبالتالي فهو أقلها في نسبة الأمية.. ذلك رغم الإحتلال والشتات؟! 

 

نعم.. رغم القهر والإجرام الصهيوني؟! نعم.. رغم الغربة ووجود آلاف الأسر بين أكثر من بلد؟! نعم.. رغم وجود شهيد في كل بيت ؟! نعم


لماذا كل هذه المقدمة ؟! لنقول: هنا شعب الجبارين.. هنا إرادة الإنتصار ولا شئ غيرها.. هنا الإصرار علي تحصيل العلم وإنهاء المراحل التعليمية والإلتزام بالمواعيد المقررة قبل العدوان رغم العدوان! كيف ذلك؟! 

 

مريم يحيى أيوب أبو سمرة من قطاع غزة، ناقشت رسالتها للدكتوراه أمس الأول عبر تقنية الرؤية عن بعد (الفيديو كونفرانس)! هي في القاهرة واللجنة في غزة! دمر العدوان جامعة الازهر فرع غزة بمبانيها وقاعاتها.. ودمر ما حولها.. عذر مريم معها ولا لوم عليها.. لكن كلا.. العلم علم.. العلم كالصلاة لا يمنعه سبب ولا توقفه أعذار..

 

اللجنة تجتمع في مكان واحد.. يترك كل منهم أسرته.. لا يعرف كل واحد هل سيرجع لأسرته أم لا.. لا تعرف كل أسرة عائلها سيرجع إليها أم لا.. بل لا تعرف مريم هل ستكتمل المناقشة أم لا.. ومع ذلك يجتمعون.. ويناقشون.. بكل جدية.. دون رعب أو خوف أو ارتعاش.. ومريم توفر لها السفارة الفلسطينية بالقاهرة كل سبل الإتصال والهدوء والمناقشة العلمية الجادة..


كل التحية والدعوات بحفظ الله للأساتذة من غزة الدكتور محمد فارس مشرفًا ورئيسًا.. والدكتور رامز بدير مشرفًا والدكتور خليل ماضي مناقشًا خارجيًا.. والتحية للدكتور مروان الأغا في سفارة فلسطين بالقاهرة والدكتور عمر ميلاد رئيس جامعة الأزهر بغزة والدكتور إيهاب المصري عميد الدراسات العليا.. 

والدكتورة نهى نجم عميد كلية الاقتصاد والعلوم الإدارية، وكل التحية للاخ والصديق العزيز ناجي الناجي المستشار الثقافي لسفارة دولة فلسطين بالقاهرة، الذي بذل جهدا كبيرا لترتيب وتنظيم المناقشة ومعه إياد أبوالهنود مسؤول الشؤون الأكاديمية والبحثية بقسم الشؤون الثقافية بالسفارة..

 


القصة ليست مناقشة رسالة.. إنما القصة الحقيقية في رسالة للعالم تقول هنا شعب لا ولن يقهر.. ولا ولن ينكسر.. ولا ولن يترك أرضه مهما قدم من تضحيات.. ولا ولن يتوقف عن التعليم وعن العلم وعن الحياة أيضًا!
مبروك لمريم.. بسمة وسط بحر من الدموع.. وأجمل إهداء مستحق يمكن تقديمه لشهداء المجد والكرامة!

الجريدة الرسمية