الكرد والكيان الصهيوني.. من البرزانيين إلى الأوجلانيين
محاولة لإزالة الالتباس (4)
شاركت قوات عسكرية عراقية في القتال إلى جانب القوات المصرية والسورية في حرب أكتوبر/تشرين الأول 1973، مما دعا القيادة العراقية إلى إعلان رغبتها في إنهاء النزاع طويل الأمد، مع إيران تجاه شط العرب.
بدأ العراق يتخذ خطوات باتجاه إقرار منح الأكراد الحكم الذاتي، وتم إشراك 3 وزراء من الكرد، وفي مارس/ آذار 1975 في دولة الجزائر تم إبرام اتفاق بين العراق مع إيران وقّعه صدام حسين نائب رئيس العراق آنذاك وشاه إيران، على إثر ذلك توقفت العمليات العسكرية لقوات البرزاني تجاه العراق، واتجهت بوصلة البرزاني صوب كيسنجر وزير الخارجية الأمريكي، بينما كان البرزاني مجرد ورقة يناور بها الأمريكان.
وفي خضمّ تلك المتغيرات صرح صدام حسين لوكالة الأنباء قائلًا: إن الحد الأدنى الذي يمكن أن نقبله هو أن يرفع البرزاني العلم الأبيض، لكن البرزاني لم يكن يعتزم عمل ذلك.. خلال عام 1974 كانت تدور معركة كبيرة المبادرة فيها بيد البرزاني، إذ تمكَّن المقاتلون البشمركة من السيطرة على منطقة عالية وعرة يبلغ طولها 725 كم على طول الحدود مع تركيا وإيران..
وبدأ العراقيون يعدون العدة لهجوم الربيع حال ذوبان الثلوج، وحددوا يوم 15 أبريل/ نيسان 1974 موعدًا لبدء الهجوم، وفي 25 أبريل/ نيسان تم فرض حصار اقتصادي محكم على مناطق نفوذ البرزاني.
لقد أدى الاتفاق بين العراق وإيران إلى انهيار آمال ملا مصطفى البرزاني، في تحقيق آماله وطموحاته، حتى إن الشاه رفض أن يستقبله، وصرح البرزاني بأن “الإيرانيين لا يحبوننا، إنهم يريدون استخدامنا كجسر لتحقيق مصالحهم”. وتغافل عن أن الأمريكيين واليهود أيضًا لا يحبون الكرد، وإنما يريدون استخدامهم جسرًا لتحقيق المصالح الصهيونية والأمريكية في المنطقة.
على الجانب الآخر كان هناك صراع سياسي بين حزب العمال الكردستاني ودولة الكيان الصهيوني، وأيضًا صراع عسكري سابق خلال الوقت الذي كان فيه لدى حزب العمال معسكر في وادي البقاع.. حتى بعد أن غادر حزب العمال الكردستاني وادي البقاع، حافظ على موقفه المناهض للصهيونية، كجزء من عقيدة عبدالله أوجلان السياسية.
موقف أيديولوجي
حزب العمال الكردستاني تبنَّى في البداية الماركسية اللينينية مع مزيج من قومية كردية، ومعلوم أن الماركسية اللينينية تناهض الصهيونية، وتحوَّل حزب العمال لاحقًا إلى الكونفدرالية الديمقراطية، وهي أيديولوجية يسارية واشتراكية تحررية ومعادية للرأسمالية، وأممية تتعارض أيضًا مع الصهيونية..
تهدف الكونفدرالية الديمقراطية إلى استبدال الإثنوقراطية والرأسمالية بمجالس إدارية ينتخبها السكان المحليون، مما يسمح للجماهير بالسيطرة المستقلة على أنفسهم مع ربط أنفسهم بالمجتمعات الأخرى عبر شبكة من المجالس الكونفدرالية.. تأمل الكونفدرالية الديمقراطية أيضًا في حل الأمم المتحدة.
كثيرًا ما صرح عبدالله أوجلان بموقفه المناهض للصهيونية وأدلى أيضًا بتصريحات واضحة في رفضها للكيان الإسرائيلي وممارسته العنصرية تجاه الشعب الفلسطيني.
كما أدلى العديد من الأعضاء البارزين في حزب العمال الكردستاني، مثل مصطفى كاراسو ودوران كالكان وجميل بايق وهوليا أوران، بتصريحات مناهضة للمشروع الصهيوني وتدين ممارسات الكيان الإسرائيلي ضد أبناء الشعب الفلسطيني.
حيث أكد مصطفى كاراسو القيادي في حزب العمال الكردستاني على موقف الحزب الرسمي بشأن إسرائيل قائلًا: منذ ظهور حزب العمال الكردستاني، كنا ضد الصهيونية، واعتبرنا أن الإبادة الجماعية للأكراد في تركيا تشبه إلى حد كبير الممارسات الصهيونية ضد الشعب الفلسطيني، وسياسات نظام أبارتايد ضد السكان الأصليين في جنوب إفريقيا.
ولقد قاتل حزب العمال الكردستاني منذ تأسيسه جنبًا إلى جنب مع الفلسطينيين أثناء العدوان الصهيوني على لبنان في عام 1982، حيث سقط 13 من كوادر حزب العمال أثناء مقاومتهم للغزو الإسرائيلي للبنان، أيضًا شاركت المخابرات الإسرائيلية "الموساد" في المؤامرة الدولية التي أدت إلى اختطاف عبدالله أوجلان، وقتلت المخابرات الإسرائيلية أربعة من أعضاء حزب العمال في العاصمة الألمانية برلين.
وأضاف كاراسو قائلًا: "لا شك أننا لن ننسى أبدًا الدعم الذي قدمه الفلسطينيون للشعب الكردي في الثمانينيات من القرن الماضي، ولطالما كان موقفنا تجاه الصهيونية أيديولوجيًا واضحًا، ونحن في حزب العمال كنا ومازلنا حتى اليوم، نقف إلى جانب الفلسطينيين وجميع أولئك الذين يقاتلون من أجل حل ديمقراطي للصراعات في المنطقة".
وللموضوع ظلال سنتناولها بالتفاصيل إن كان في العمر بقية..