رئيس التحرير
عصام كامل

الدول المنزعجة!

قرار شائن، يساوي بين إسرائيل الديمقراطية وحركة حماس، كانت هذه الكلمات التي رد بها الرئيس الأمريكي جو بايدن على مطالبة المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية بصدور قرار باعتقال رئيس الحكومة الإسرائيلية ووزير الدفاع وثلاثة من قادة حركة حماس!


رئيس الحكومة الإسرائيلية كذلك، وبنفس المنطق كان رده على المطالبة باعتقاله لمحاكمته أمام الجنائية الدولية، فقد أبدي رئيس حكومة إسرائيل إنزعاجه الشديد من مساواة إسرائيل بحركة حماس!
كلا من بايدن ونتنياهو لم يعترضا أو يبديا أي إنزعاج من التهم التي وجهها المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية لنتنياهو وجالانت.. هما انزعجا فقط من المساواة بحماس!


رد الفعل ذاته حيال مطالب المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية السابق الإشارة اليها، عبرت عنه دول عديدة منها بريطانيا وإيطاليا، فقد رفضت في بيانات رسمية المساواة بين دولة الكيان الغاصب وحركة حماس!


الحقيقة أننا وبهذه الإشارة إلى هذه التطورات بات لدينا دول مساندة لإسرائيل في جورها وانتهاكها للحقوق العربية، ودول رافضة وتطالب بتطبيق المقررات الدولية التي تثبت الحقوق العربية، ودول على الحياد، وهناك دول منزعجة من المساواة بين اسرائيل وحماس!


الدول المنزعجة تلك، هي بالأساس دول داعمة لإسرائيل ولممارستها، ليس هذا فحسب ولكنها دول تزن أية قضايا بموازين مختلفة ومتعددة، العدالة أيضا لديها لها مواصفات مختلفة تختلف حسب الهوي، هذه الدول المنزعجة تري الأمور بأكثر من عين، فهي لا تنتبه للعدد المبالغ فيه من الضحايا الذى وقعوا من الفلسطينيين في غزة جراء العدوان الإسرائيلي الغاشم منذ السابع من أكتوبر الماضي..

ولا تتابع ممارسات جيش دولة الاحتلال التي تسببت في تشريد أكثر من مليوني فلسطيني بقطاع غزة، هي فقط ـوأقصد الدول المنزعجةـ تتمني وترتاح نفسيا عندما ترتكب إسرائيل كل الممارسات المؤثمة بمقتضي قواعد القانون الدولي والقانون الدولي الإنساني.. هنا فقط تتوقف عن الإنزعاج!

الموقف الأمريكي

الحادث أيضا وبلا أي شك أن الولايات المتحدة الأمريكية هي الأخري، الإدارة الحالية والإدارات المتعاقبة وربما القادمة، التي بات واضحا ودون مواربة أوشك دولة ترعي وتدعم الارهاب الاسرائيلي بشكل واضح..

ويتكشف يوما بعد يوم بل ويتأكد، أن القوة العظمي الوحيدة المتحكمة في العالم، ليس لديها مقياس أو ميزان واحد، تلتزم به او بتفعيله حيال أية قضايا عالمية تستجد علي الساحة أو يتم طرحها، بات ثابتا ومؤكدا أن الولايات المتحدة الأمريكية لديها أكثر من مقياس لتحقيق العدالة وتنظر بأكثر من عين لأية قضية! 


ليس هذا فحسب، بل الولايات المتحدة الأمريكية هي الدولة المساندة لدولة الكيان الغاصب، سياسيا وعسكريا ومعنويا وماديا، ومتابعة سريعة للنهج الأمريكي بعد احداث السابع من أكتوبر الماضي، يكشف وبجلاء حجم التورط والمساندة الأمريكية في إرتكاب الجرائم بحق الفلسطينيين.


الأمر اللافت أيضا أن الأحداث كشفت سريعا صحة الموقف المصري بالانضمام إلى دولة جنوب أفريقيا في الدعوي التي أقامتها ضد إسرائيل أمام المحكمة الجنائية الدولية، لإجبارها على وقف الممارسات الإجرامية التي يمارسها جيش الاحتلال ضد الفلسطينيين في غزة..

 

فإعلان المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية أنه تقدم بطلب للمحكمة بضرورة إصدار مذكرات إعتقال بحق رئيس الوزراء ووزير الدفاع بدولة إسرائيل، وبرر المدعي طلبه بمجموعة من الاتهامات التي قال أن مكتبه تأكد منها وجلها تأتي في إطار الممارسات الإجرامية المنوعة والفظائع التي ارتكبها الجيش الإسرائيلي ضد الفلسطينيين في قطاع غزة، تنفيذا لتوجيهات رئيس الوزراء ووزير الدفاع بدولة الكيان الغاصب.


الجدير بالذكر أن انضمام مصر سيكون داعم وبلا أدني شك لدولة جنوب أفريقيا في مطالبها للمحكمة بإجبار إسرائيل على وقف ممارساتها الإجرامية اللاإنسانية ضد الفلسطينيين، فمصر كدولة على تماس عريض مع القضية الفلسطينية من نواحي عديدة وعلى مدي عقود كافحت مصر على كافة الأصعدة العسكرية والسياسية لنصرة القضية الفلسطينية واسترداد حقوق شعبها المسلوبة من جانب دول الكيان الغاصب..

 

 

وأظن ان لجؤ مصر الى المحكمة الجنائية الدولية جاء بعدما بذلت مصر جهودا جبارة، عبر التفاوض والطرق السلمية، ولكنها لم تجد سوي تجاهل من دولة الكيان الغاصب والدول المنزعجة التي تؤيدها.

الجريدة الرسمية