صالون تجميل العقول!
الصالونات الثقافية ليست جديدة في مصر، فقد عرفت في القرن الماضي، فعرفنا صالون مى زيادة وصالون العقاد وغيرهما كثير، ولكن من الملفت للنظر عودة هذه الصالونات بقوة خلال الأربعة عشر عاما الماضية، ونحسب أن سبب بدءها هو الاغتراب الذي أحس به المثقفون المصريون ممن لم يلتاثوا في عقولهم أو تتلوث نفوسهم، كما فعلت عصبة مبايعة مرسي، وصمة عار في جبينهم إلى الأبد، برروها بأنهم عصروا على أنفسهم ليمون لكي يبتلعوا موقفهم المخزى..
غياب القنوات بسبب سيطرة الاخوان والنشطاء العملاء وألسنة التكفير دفع بعقلاء المثقفين والوطنيين والراغبين في المعرفة إلى الذهاب إلى البيوت، يجتمعون، ويتشاورون، ويتحدث نجم بارز فيهم، متخصص في قضية محددة، همومهم الأساسية هي مصر وتقدمها وما يحيط بها. من عقارب وثعابين..
وفي خلال الفترة الماضية برز صالون السيدة ريتا بدر الدين ويحضره علية النخبة المصرية من نجوم في للسياسة والفن والقضاء وغيرهم، وصالون الصديق الفنان حسين نوح الامتداد الطبيعي لنجمنا الراحل الوطني العريق محمد نوح..
ويحمل صالون حسين نوح الفنان التشكيلي والموسيقي والأديب رسالة تنوير ودعم لمؤسسات الدولة، كما يحتضن المواهب الأدبية ويدفع بها إلى النور ويشجعها من خلال جلسات استماع وقراءة ونقد،
صارت الصالونات الثقافية وقنوات اليوتيوب البديل اليسير السهل للقنوات التليفزيونية، غير أن اليوتيوب تحظى بالاعلانات موردا للمتحدثين فيها كلما حققوا مشاهدات أعلى.
ولا يفوتني بحال ان أدعو النوادي الرياضية فى القاهرة والمحافظات إلى فتح ابوابها لاحتضان الندوات التنويرية والمناظرات الفكرية وخلق حالة من الشغف داخل أروقة النوادى جنبا إلى جنب مع الرياضات المختلفة..
وبطبيعة الحال فإن جامعات كثيرة، حكومية وخاصة تعقد مثل هذه الندوات في مجالات الهوية البصرية والهوية التكنولوجية وتنأي في أحيان كثيرة عن إثارة قضايا الفكر دفعا للمنغصات، ونتمنى أن تفتح الكليات أروقتها لمناقشات عقلية رشيدة، تنير الوجدان وتنمى الانتماء وتحصن العقول ضد التيارات الهدامة.
من الحق أن نشيد بالدور التنويرى الوطنى الذي يقوم به رجل واحد في المحافل كافة، إنه اللواء دكتور سمير فرج، هذا الرجل صالون وحده، قناة تلفزيونية فريدة، عالم ومفكر استراتيجي، وأديب اللفظ والاسلوب وغزير العلم وعميق الرؤية وبعيدها، يذهب إلى الجامعات والمحافظات والأكاديميات، ويحاضر ويناقش ويقدم العلم والفكر، ولا يتأخر عن دعوة لإضاءة العقول، والتعريف بما يحيط بالوطن من مخاطر وأعداء.
لو أتاحت القنوات التليفزيونية إذاعة الندوات والمناظرات لأقبل الناس عليها ووثقوا في مصداقيتها ولتوسعت دائرة الاقتناع.
الصالون الثقافي منبر علمى ذاتي الحركة، لا يهدف إلى ربح، بل يهدف إلى القول بأن في الوطن عقولا مهجورة عمدا أو غفلة، تتبادل الرأي وتغذي الشعور وتنير الطريق للتائهين المتخبطين بين فكر معبأ مجمد متصلب، وحقائق صارخة ترعى على الأرض.