افتحوا ملف التعليم الفنى يرحمكم الله!
علينا فتح ملف التعليم الفني والتكنولوجي الآن وليس غدا إذا كنا جادين في إحداث طفرة في سوق العمل والدخول بقوة في عالم المنافسة في الداخل والخارج.. هل فكرنا بجد أن خريجي التعليم الفني وهم القوى المحركة لعجلة الإنتاج وصاروخ الانطلاق نحو صناعة المستقبل، الذي يعتمد على العرق والجهد والعلم والتكنولوجيا؟ هل فكرنا أن هؤلاء هم ملح الأرض والداعم الأكبر لإقامة اقتصاد قومي؟
هل فكر المسؤولون عن هذا الملف عن مدى تحقق الهدف من تخريج عماله فنية حرفية ماهرة تختلف تماما عن الصورة الحالية؟ هل قارنا بين مستوى خريجي المدارس والمعاهد الفنية عندنا وبين نظيرتها في كوريا واليابان والصين وأوروبا ـ ومدى الظلم الذي نرتكبه ليس في حق أولادنا فقط ولكن في حق مصر التي تحتاج لكل نقطة عرق وجهد بعيدا عن البلطجة وسيادة النماذج الشائهة؟!
أعتقد أن الإجابة واضحة بأنه لا وجه للمقارنة بما نحلم ونستحق وبين ما هو واقع.. ومع ذلك الأمر ليس بالعسيراذا عدنا إلى انتصار أكتوبر المجيد حين حسمت المعركة قدرة الإنسان المصري بانضمام حملة المؤهلات العليا والفنية إلى هيكل الجيش المصري، ليشكلوا بعلمهم مع جينات المصريين الساكنة فيهم أسطورة الجندي المصري الذي لا يقهر.
نعم لدينا نقاط قوة كثيرة ومضيئة علينا أن نبني عليها وننطلق منها، في مقدمتها وجود بنية أساسية وفرتها الدولة على مدى عشرات السنين، فقط تحتاج لإزالة الغبار منها مع بعض الخيال والرؤى الذي لا تعدم منها الشخصية المصرية، لتحقيق الهدف الأكبر، وهو تحقيق الانتصار في معارك التقدم.
دور الإعلام
في البداية على الإعلام والدراما إبراز أهمية العمل والعلم وتقديم صورة العامل الفني المدرب على أحدث التكنولوجيا في أحداثها والتأكيد على أن دوره لا يقل عن مسمى أي وظيفة هندسية.. بل على العكس فقد كانت العمالة الماهره هي ركيزة وسبب تفوق وتقدم ألمانيا وإيطاليا وكوريا والصين والعديد من البلاد الأخرى.
معركة الدراما والسينما والإعلام كبيرة لتغيير وإزالة الغبار عن صورة العلم والعالم والعمل والعامل.. من منا لا يذكر صورة العامل والفني الماهر ودوره الوطني باعتباره ضمير البسطاء في الأعمال الفنية والسينمائية مثل ليالي الحلمية، ومن منا لا يذكر أغاني العمل والكد والعرق أثناء السد العالي وشحذ الهمم في حرب الاستنزاف حتى تحقق الانتصار.
البداية
والبداية الحقيقية بتوقيع وزارتي التعليم والتعليم العالي لبروتوكولات تعاون حقيقية مع كل المصانع والمنشآت الصناعية والتكنولوجية وشركات المقاولات وغيرها، حكومية وخاصة واستثمارية لضم المدارس والمعاهد الفنية والكليات لهذه المعاقل الصناعية من الناحية الفنية، باعتبارها مصدرا للعمالة لها، يعنى ما تنفقه المنشآت الصناعية لن يضيع سدى في التدريب على أحدث المعدات لديها وتأهيلهم بالشكل الذي يحتاجه سوق العمل وهى أولهم.
وقد فعلت روسيا بانشاء مدرسة لمشروع الضبعة وفعلت شركتا العربى والسويدى نفس العمل.. وفي نفس الوقت يكون الإتفاق بين هذه المنشآت الإنتاجية مع كليات الهندسة والتكنولوجيا والزراعة والعلوم والذكاء الاصطناعي... إلخ أن تكون مراكز بحثية لبحث وحل كافة المشاكل التقنية والفنية، بل والعمل على خلق حلول ابتكارية لمشاكل الإنتاج وتطوير الأداء، لتكون مصادر تمويل للجامعات وبيوت خبرة للمصانع في نفس الوقت.
تخيلوا مثلا أن شركات الأدوية اتفقت مع كليات الصيدلة والطب والعلوم على إبتكار وإنتاج أدوية جديدة أو تخليق مستحضرات جديدة، مع تشغيل طلاب المدارس الفنية بعد تدريبهم على خطوط إنتاج وتغليف جديدة. وهكذا في كل الصناعات.
تخيلوا معى أننا عقدنا اتفاقيات مع كيانات التدريب الكبرى في العالم لأقامه فروعا لها في مصر وبمنح من المؤسسات الدولية، ومساهمات من الدول الصديقة مثل روسيا واليابان وألمانيا وكوريا والصين لنستقبل فيها الملايين من خريجي الجامعات من مختلف التخصصات للتدريب التحويلي لتخصصات يحتاجها سوق العمل والتقدم داخل مصر وخارجها.
• تخيلوا معى حجم الإنجاز والمكاسب حين تكون لدينا ملايين الأيدي العاملة الماهرة مع الذكاء المصري المعهود والذكاء الاصطناعي المكتسب، بهم وبلا أدنى شك نستطيع أن نحول مصر إلى أكبر قلعة صناعية في المنطقة.
تخيلوا معى ونحن نمتلك كل هذه الثروة وكيف نوجه بعضها لأقامه شركات مصرية تقوم بالمنافسة في السوق العربي أو الأفريقي لتكون أكبر مصدرا للدخل القومي لنا، وأكبر داعم لتقدم هذه الدول انطلاقا من دور مصر الحضاري الذي يساعد على التقدم كبديل عن قوى الشر التي تريد الظلام للجميع.
تخيلوا معى ونحن ننافس بالمهارة والعلم وليس بالكتف والفتونه والبلطجة أو الفهلوة في أسواق العمل داخل وخارج مصر، ويكون هدفنا الاكتفاء المحلى بأسرع ما يمكن للانطلاق للهدف الأكبر وهو التصدير.. تعالوا نخلق لنا هدفا كبيرا نلتف حوله جميعا ولا يوجد أكبر من مصر كهدف نلتف حوله، لنليق بها الآن مثلما فعل الأجداد بالأمس في أكبر حضارة عرفتها البشرية وقبل ميلاد التاريخ نفسه!
Yousrielsaid@yahoo.com