الهجوم الإيراني.. حديث المكاسب والخسائر!
تحول الشرق الأوسط مساء أمس وفجر اليوم إلي ماكيت عمليات عسكري تابع الملايين من خلاله المواجهة الإيرانية الصهيونية.. وبعيدا عن أي تبرع بتقديم خدمات بأي درجة في دوائر الحرب النفسية الإسرائيلية -الحرب النفسية جزء من حسابات الحرب الشاملة- إذ يقتضي المنطق في الأخير التقييم الموضوعي للمشهد..
والذي يقول إنه ورغم حجم التأثير العسكري المباشر الضعيف للضربة الإيرانية إلا أنه عند رصد مكاسب الضربة أولا فهو ما إتفق عليه كافة خبراء المنطقة من تبدل معادلة الصراع بين الطرفين.. ومنها ما نقلناه من لعبة الشطرنج الاستخباراتي والأمني والسياسي التي إمتدت لأربعين عامًا أسفرت -من بين ما أسفرت- عن الهجمات التي قام بها حلفاء إيران بالمنطقة طول السنوات الماضية، مقابل عمليات في العمق الإيراني بل وضد المصالح الإيرانية بالمنطقة كلها..
آخرها لم تكن عملية تفجير القتصلية بدمشق بل في الأشهر الأخيرة على التوالي يناير وفبراير ومارس حدثت تفجيرات قرب مقبرة قاسم سليماني، وبعدها تفجير خطوط الغاز الطبيعي، ثم قتل عسكريين في بانياس بسوريا!
صراع القوميات
وكذلك ما قلناه في مقال الجمعة قبل الماضية عن حرب التجسس بينهما.. فجاسوس في المفاعل النووي الإيراني أو أكثر، أو حتى تجنيد مسئول مكافحة التجسس الإسرائيلي في المخابرات الايرانية نفسه.. مقابل جونين سيجيف الجاسوس الاسرائيلي لإيران، وهو وزير إسرائيلي سابق في القضية الشهيرة التي كشفت في يونيو 2018! أو عومري جورن العامل بمنزل وزير دفاع العدو في القضية التي أعلن عنها عام 2021! الخ..
اليوم تبدلت المعادلة إلي المواجهة المباشرة دون وسطاء ودون قاعدة شطرنج.. بل مواجهة مباشرة كسرت حرمة حدود العدو التي لم تقترب منها قوات نظامية لدولة من الدول منذ اكتوبر عام 1973، اللهم عدد من صواريخ العراق وكانت سببا في جر الأمور حتي وصلت إلي إحتلال العراق الشقيق!
من المكاسب أيضا الكلفة التي تكلفها العدو وبلغت عسكريا مليار دولار و350 مليون دولار! فضلا عن كلفة الطوارئ وحشد الاحتياطي والتعبئة العامة التي جرت!
ومن المكاسب تأكيد التحالف الايراني الروسي الصيني. روسيا قالت أن الهجمات دفاع عن النفس والصين لم تدنها بما يؤكد من جديد إنقسام -وعودته- إلي معسكرين كما كان في الحرب الباردة!
كذلك تأكيد احتياج الكيان الدائم للحلفاء الغربيين لحمايته، وكذلك كشف أو فضح الفارق بين ما تقدمه الولايات المتحدة لإسرائيل وبين ما قدمته للشقيقة السعودية للتصدي لمسيرات الحوثيين، ومنع الهجوم علي منشآت نفطية!
الخسائر عديدة أيضًا.. فقد أعادت الهجمات الالتفاف حول الكيان.. وبدا كأنه طرف يتعرض للعدوان بعد تناسي عدوانه علي القنصلية الايرانية.. بعد انتقادات عنيفة تعرض لها بسبب غزة أوشكت لحظر بيع أسلحة من بعض الدول الحليفة له.. وبعد عزلة وانتقادات دولية غير مسبوقة.. كذلك أثبتت عدم فعالية الأسلحة التي استخدمت -هناك أنواع أخري أقوي لم تستخدم- بما يضر بسمعة التصنيع الحربي الإيراني!
كذلك أدت الضربة إلي توتر مع بعض الدول بالمنطقة ستتهمها إيران بمساعدة إسرائيل في صد الضربات وكانت إيران في غني عن ذلك..
تبقي كلمة.. صراع القوميات في المنطقة لن يتوقف.. يهودية تركية فارسية وغيرها.. يتبقي الحضور القومي العربي الذي قدمنا له مبادرات عديدة لوضعه في السياق الصحيح.. لكن ننتظر وعيا بالطرح المصري وبالمخاطر التي تحيط بالأمن العربي.. بالمعني الشامل والعلمي -الشامل والعلمي- له!