رئيس التحرير
عصام كامل

كعك العيد من الفراعنة إلى العصر الحديث.. عودة إيزيس وشم النسيم وذكرى طرد الهكسوس «أبرز مظاهر الاحتفال به».. والفاطميون خصصوا دار الفطرة له

كعك العيد بأشكاله
كعك العيد بأشكاله المختلفة

في الأيام الأخيرة من رمضان تنشغل البيوت المصرية بل وتعلن الطوارئ لعمل  كعك العيد، هذه العادة المصرية الأصيلة التي اعتادها المصريون منذ آلاف السنين، وتؤكد الرسومات التي نقشها القدماء المصريون على جدران معابدهم، وكذلك الكتابات الفرعونية ذلك، واهتم المصريون بعد ذلك بصناعة كعك العيد حتى أن هناك مثلا شعبيا يقول إن شهر رمضان مقسم إلى ثلاثة أجزاء كل جزء عشرة أيام الأولى مرق أى طعام وشراب والثانية خلق أي شراء ملابس جديدة والعشرة الأخيرة حلق أى عمل كعك العيد.

من قرص الشمس لـ"كل واشكر"، حكاية كعك العيد من الفراعنة للطولونيين والفاطميين

 

و كما نشر المفكر الدكتور أحمد أمين في قاموسه عن عادات المصريين، كان المسلمون قد بدأوا الاحتفال بعيد الفطر المبارك في السنة الثانية للهجرة لأول مرة في التاريخ الإسلامى
وأن صناعة كعك العيد بمختلف أشكاله صناعة مصرية أصيلة بدأت منذ عهد الفراعنة، وتؤكد هذه الكتابات أن الخبازين في البلاط الفرعوني كانوا يحسنون صنع الكعك بأشكال مختلفة، وكانوا يصنعونه بالعسل الأبيض ووصلت أشكاله إلى مائة شكل منها المستدير واللولبي والحلزوني والمخروط إلا أن المستدير وهو شكل القرص نسبة إلى قرص الشمس ساد استعماله إلى الآن.

ابتدعه الفراعنة وحاربه صلاح الدين.. كعك العيد صناعة مصرية أصيلة

قاموس العادات والتقاليد 

وقال أحمد أمين في قاموسه: إن المصريين القدماء قاموا بحشو الكعك بالتمر المجفف "العجوة" أو التين أو العنب المجفف، وكانت زوجات الملوك تقدم الكعك للكهنة القائمين على حراسة هرم خوفو فى يوم تعامد الشمس على حجرة خوفو، كما وجدت قوالب الكعك بجوار إحدى المقابر، وتوجد أشكال مرسومة على مقبرة الوزير خميرع، من الأسرة الثامنة عشرة بطيبة، وكان الكعك على شكل أوراق الشجر والزهور.

مظاهر احتفالات المصريين بالأعياد فرعونية الأصل «تقرير»

قوالب فى متحف الفن الاسلامى 

وفي التاريخ الإسلامي يرجع تاريخ الكعك إلى الطولونيين حيث كانوا يصنعونه فى قوالب خاصة مكتوب عليها "كل واشكر" و"كل هنيئا"، ويضم متحف الفن الإسلامى بعضا من هذه القوالب، ثم أخذ كعك العيد مكانة متميزة فى عهد الدولة الإخشيدية وكانت تقدم كميات الكعك فى عيد الفطر على مائدة طولها 200 متر 


فى مجلة كل الناس عام 1985 كتبت الدكتورة نعمات أحمد فؤاد مقالا عن كعك العيد قالت فيه:عيد الفطر له مكانة فى نفوس المسلمين..فيه يفرحون بتمام الفريضة، ومن مظاهر الاحتفال صنع الحلوى وأشهرها كعك العيد الذى أصبح عادة أصيلة لدى الشعب المصرى منذ دخل الإسلام مصر.كما تفنن المصريون فى اعداد الكعك بأنواعه، ففى العصر الإخشيدي قام الوزراء بحشو الكعك بقطع من العملة الذهبية وقدموه الى كبار رجال الدولة، حتى انه يقال عن ابى بكر محمد المادرانى وزير الدولة الاخشيدية كان يحشو الكعك بالدنانير / وأخذ كعك العيد مكانة متميزة فى عهد الدولة الإخشيدية وكانت تقدم كميات الكعك فى عيد الفطر على مائدة طولها 200 متر.

قصة صناعة كعك العيد بداية من الفراعنة والفاطميين حتى الوقت الحالي

دار الفطرة خصصت لعمل الكعك 

وفى العصر الفاطمى خصصت الدولة دارا عرفت بدار الفطرة لعمل انواع الكعك المختلفة وهى أول دار خصصت لذلك،ويذكر المؤرخون انهم استخدموا فى صنع الكعك فى هذه الدار عشرين ألف دينار عام 1124، لتخصيص 1000 أردب دقيق و700 قنطار سكر و6 قناطير بندق و200 اردب زبيب و200 قنطار زيت و3 قناطير عسل نحل و200 اردب سمسم و20 قنطار ماء ورد و2اردب ينسون. كما تفنن الفاطميون فى نقش الكعك فصنعوا له القوالب المنقوشة والمكتوبة ومنها مجموعة فى متحف الفن الاسلامى مكتوب على بعضها (كل هنيا..كل واشكر، كل واشكر مولاك... بالشكر تدوم النعم ) وكان الخليفة يقوم بنفسه بتوزيع الكعك على المصريين ابتهاجا واحتفالا بالعيد.

المستدير أهم أنواع كعك العيد 

وعندما جاء القائد صلاح الدين الأيوبى الى مصر بعد زوال الدولة الفاطمية وأراد تحويل أهل مصر الى السنة عمل على محو العادات السائدة فى عهد الدولة الفاطمية فألغى صناعة كعك العيد لكنه فشل أمام إصرار المصريين على هذه العادة فى عيد الفطر، ولم يستطع منع المصريون عن عمل كعك العيد بالرغم من تحذيراته وتهديداته وأحكامه بالغرامة والسجن على مخالفيه.

كعك حافظة 

وظهر طباخون فى هذه الفترة يعملون خصيصًا فى صناعة الكعك، ومنهم "حافظة" التى صنع كعك باسمها سمى كعك حافظة نسبة إلى مهارتها فى صنعه.
وفى عهد المماليك اعتبر توزيع كعك العيد صدقة على الفقراء ضمن صدقة الفطر، واستمرت هذه الصناعة سائدة فى العهد العثمانى، وكان يوزع على المتصوفة والتكايا والخنقاوات.

فى عهد الدولة العثمانية 

أما في عصر الدولة العثمانية فكان الاحتفال بالعيد عقب أداء صلاة الفجر حتى يصعد أمراء الدولة والقضاة في موكب إلى القلعة ويتوجهون إلى جامع الناصر محمد بن قلاوون داخل القلعة لأداء صلاة العيد، ثم يصطفون لأداء التهنئة للباشا في اليوم التالى، كان الباشا يحضر الاحتفال الرسمى بالعيد في الجوسق المعدلة بميدان الرملية (القلعة) حاليا والذي كان يفرش بأفخر الوسائد ويتقدم للتهنئة الأمراء وكبار البكوات والمماليك وكبار الضباط وتقدم القهوة والحلوى والشربات وتفوح روائح المسك والبخور، ثم يخلع الباشا على أرباب المناصب والأمراء ويأمر بالإفراج عن بعض المساجين ويسهر الناس في ابتهاج وسرور وقد أعدوا الكعك والحلوى لتقديمها للأهل والزوار ويأخذ رب الأسرة زينة ويصطحب أولاده إلى المسجد لأداء صلاة العيد.


وكما تقول د نعمات أحمد فؤاد، أستاذ الحضارة فى مقالها بمجلة "كل الناس" عام 1990: إن تقاليد عمل كعك العيد هى عادة مشتركة بين المسلمين والأقباط فى مصر لذلك لم تبدأ هذه العادة ولم تنتشر إلا فى مصر، كما أن المصريين يصرون حتى الآن على نقش الكعك بالمناقيش نقوشا دائرية على شكل القرص وهو النقش الذى صنعته إيزيس لابنها حورس، واستمر بعد ذلك ينقش الكعك فى الأعياد حتى يومنا هذا.

الكاتب أحمد بهجت 

وكتب الكاتب أحمد بهجت في جريدة المسلمون اللندنية عام 1980 يقول: ان كحك العيد صنعه المصريين القدماء في ثلاث مناسبات الأولى في ذكرى عودة ايزيس الذبيح، ويوم شم النسيم اليوم الذى جمع فيه فرعون موسى والسحرة والثالث يوم طرد أحمس الهكسوس من مصر، ولم يزدهر الكعك في العصر المسيحى ولا في بداية العهد الإسلامي.

دقيق العيد للكعك 

وأضاف بهجت:حتى جاء الفاطميون وأصبحوا هم السبب في الاهتمام بصناعة الكعك حتى سميت حارة بأكملها بحارة الكحكيين نسبة إلى اقتصار سكانها على صناعة الكعك، كما اشتهر دقيق الكعك باسم دقيق العيد، لكن يدين الكعك بوجوده التاريخى الى الفاطميين، وكان شوال الدقيق بمليم وصفيحة السمن بثلاثة مليمات والجنيه المصرى الجبس يساوى الجنيه الانجليزى..اى بلاء في شهر رمضان مثل كعك العيد مع انه شهر ليس له علاقة بـ "الفجعانين والمفاجيع ".

كعك العيد 

وكتب الصحفى أحمد بهاء الدين مقالا عام 1965 عن كعك العيد يقول فيه: تنشر الصحف إحصاء رسميا يقول إن كعك العيد يكلف مصر مليونين من الجنيهات، ويمصمص قارئ شفتيه ويقول "ياسلام مليونين كانت تكفى لإقامة مصنع "، فالأغلبية الساحقة من البيوت المصرية لاتدخلها الحلوى إلا مرة واحدة في السنة عندما تصنع كعك العيد خاصة وأن صنع الحلوى عند ربة البيت يعتبر حدثا لذا تستعد له من العام إلى العام وتفرح به، 

يكلف مليونى جنيه عام 1965 

وأضاف بهاء:إن الحلوى ليست ممنوعة من الصنع طوال السنة بدليل أن هناك أناسا يأكلون الحلوى ويصنعونها ويشترونها من المحال طوال السنة وهؤلاء لايهمهم كثيرا كعك العيد، وإذا كان استهلاك الدقيق والسكر يزيد في أسبوع العيد فذلك لأن عددا كبيرا من الناس لا يذوق الحلوى إلا في هذا الأسبوع، صحيح أن كعك العيد يكلف مليونى جنيه، لكن الكعك هو المسرة البسيطة النادرة بالنسبة لناس كثيرين، وواجبنا على العكس أن نحاول توفيره لهم، أما الملايين التي نحتاج إليها لبناء المصانع فما أكثر الوجوه التي يمكن أن توفرها لها.
 ونقدم لكم من خلال موقع (فيتو)، تغطية ورصدًا مستمرًّا على مدار الـ 24 ساعة لـ أسعار الذهب، أسعار اللحوم ، أسعار الدولار ، أسعار اليورو ، أسعار العملات ، أخبار الرياضة ، أخبار مصر، أخبار اقتصاد ، أخبار المحافظات ، أخبار السياسة، أخبار الحوداث ، ويقوم فريقنا بمتابعة حصرية لجميع الدوريات العالمية مثل الدوري الإنجليزي ، الدوري الإيطالي ، الدوري المصري، دوري أبطال أوروبا ، دوري أبطال أفريقيا ، دوري أبطال آسيا ، والأحداث الهامة و السياسة الخارجية والداخلية بالإضافة للنقل الحصري لـ أخبار الفن والعديد من الأنشطة الثقافية والأدبية.

الجريدة الرسمية