ساخرون، مناخوليا.. نعمة النسيان ونقمته
خارج عنبر العقلاء.. وخلف سور سرايتنا الصفراء.. ستجد النسيان أصبح آفة ونقمة حلت على الكثيرين، ستجدهم ينسون كل ما هو جميل.. حتى الأخلاق الحميدة لم يعد لها مكان فى ذاكرتهم.. البنت تنسى الوئام والوفاق فتزج بزميلتها فى فضيحة بين زملائها بالجامعة تودى بحياتها.. والشاب ينسى الرضا بالمكتوب فيقتل معشوقته لأن ظروفه لم تمكنه من الزواج بها.
والجار ينسى تعاليم دينه ويخاصم جاره ويكره له أى خير.. والموظف ينسى حكمة الأرزاق فيلجأ لنفاق رئيسه على حساب زملائه ويوشى بهم ليل نهار.. والأبناء ينسون الانتماء ويهجرون آباءهم..
خارج سور العباسية ستجد التناحر وسوء الأدب والعصبية والكبت والتفكير السلبى والصداع النصفى والحسد والغِل والسحر والخصام والطلاق والقتل والانتحار وتلقيح الكلام.. كل هذا أصبح أسلوب حياة.. والسبب هو نسيان المبادئ والقيم والتربية.. لدرجة أنهم نسوا حتى المجاملات فيما بينهم، فأصبحت مجاملاتهم كدا وكدا، نسوا كل ما هو طيب فصاروا يطلقون على السيئ أنه فهلوة ومواكبة للعصر..
أما نحن هنا فى عنبر العقلاء داخل سور العباسية فلا آفة لدينا فى النسيان.. وأبدا لم يكن نسياننا نقمة.. بل هو أكبر نعمة.. لأننا نسينا كل ما هو سيء.. نسينا أفعال كل هؤلاء وأفعالهم الشنعاء.. نسينا الشر والخير معا.. نسينا حتى ما كتبناه وقرأتموه فى السطور السابقة.. وحمدا لله على نعمة النسيان!