أسامة بن لادن.. البطل الشعبى القادم!
إذا أردت أن تعرف قدرك لدى النظام العالمى الجديد لابد من جولة تتدارس فيها كيف توزن الأقدار وتحسب القيم، وعلى أساسها تعرف أنك تنتمى إلى دولة من أى نوع أو درجة، فهناك دول درجة أولى وأخرى درجة ثانية وثالثة قد لا ترقى فى درجاتها عن حدائق الحيوانات في بلاد النوع الأول.
انظر كيف تتعامل أمريكا الشيطان الأكبر -حسبما أسماها طيب الذكر أسامة بن لادن- مع دولة مثل كوريا الشمالية، تدور القنوات الفضائية الأمريكية دورتها، وتلون المطابع صحفها، وتتناقل المواقع الإلكترونية أخبارها، والكل يصب فى خانة واحدة ووحيدة.. إنها دولة متخلفة ومارقة.
تلك الدولة المارقة والمتخلفة حسب الرؤية الأمريكية تمتلك قدرات نووية تجعل منها نقطة ارتكاز واهتمام، إذا أراد زعيمها أن يهز شباك وأبواب وأركان النظام الأمريكى فإنه يفعل ذلك بتصريح صغير يدلى به إلى وكالة أنباء وحيدة لديه، وعلى إثرها يدخل الرئيس الأمريكى إلى المرحاض بعد إصابته بدوار وتلبك معوى!
انظر إلى الصين أو روسيا أو إلى الهند أو إلى دول فى أمريكا الجنوبية لتعرف أن أقدار الدولة تقاس بما لديها من شرعية وجود، سواء كانت شرعية القوة أو شرعية اتخاذ القرار، وعليه فإن القوة الأمريكية المهيمنة تتعامل مع كل هذه التفاصيل بتودد أو تردد أو صبر أو قدحا أو مدحا حتى تمضى الأمور ولا يحدث الانفجار.
أما إذا أردت أن تعرف قدر العرب مجتمعين، وليسوا فرادى، فإنه يكفيك أن ترى ما يحدث أمامك دون مواربة، فلم يحدث فى تاريخ هذه الأمة أن باعت شرفها وعفافها وتاريخها ودماء أبنائها كما تفعل الآن، وهو بالمناسبة بيع بالأمر المباشر، لا مزاد فيه ولا رفع من قيمة أو قدر البضاعة المباعة.
إرهابي أم مجاهد
تصور أن الدول العربية مجتمعة لم تملك القدرة على وقف قتل أكثر من ثلاثة عشر ألف طفل ومثلهم نساء ولم تحرك ساكنا أمام حالات اغتصاب حركت الرأى العام العالمى، ولم تحرك مجرد حاكم عربى فى قصره المنيف أو وزير عربى أو ملك أو قائد أو حتى مواطن، أى والله، حتى المواطنون ممنوعون من الاعتراض أو الاحتجاج.
22 دولة عربية، وكما نقول نحن العرب “العدد فى الليمون”، لم تستطع أن توقف نهر الدم الجارى فى غزة، وتبارت بعض عواصمها فى سباق ساذج تحت عنوان مفاوضات الهدنة ووقف إطلاق النار الفورى.. أى والله يقولون فورى هذه منذ أكثر من خمسة أشهر.
أصبحت أخبار مفاوضات الهدنة وتبادل الأسرى مملة كما هو الملل العربى فى عواصم الصحارى وعواصم الحضر وعواصم الصمت المطبق.. يشاركون فى مفاوضات حفظ ماء الوجه الصهيونى دون أن يعلن أحدهم أن هذا العدو يمارس هواية القتل تحت عباءة المفاوضات، ولا نية لديه إلا للقتل، ولا شيء غير القتل.
المثير أن غزة التى تقع تحت الاحتلال تثبت وحدها فى مواجهة العدو أنها تكاد تكون الأرض العربية الوحيدة التى تحررت، والأكثر إثارة أن القوى الإسلامية وغيرها من القوى المدعومة من إيران باعتبارها جناح المقاومة تكتسب وحدها دون غيرها يوما بعد يوم شرعية قد تتحرك لتصبح هى الشرعية الوحيدة فى المنطقة.
ويبدو أن تساؤلا آخر قد يطرح نفسه ليكتسب أيضًا شرعية مغايرة لما عشناه وما تعارفنا عليه.. السؤال هو: هل كان أسامة بن لادن إرهابيا أم مجاهدا؟ هل كان بن لادن قاتلا ودمويا أم كان بطلا عربيا سيروى التاريخ حكاياته باعتباره رمزا لصمود عربى ضد الصليبية الجديدة؟
كانت الأنظمة الرسمية تصدر للعامة أن الجهاد ضد المحتل أو ضد العدو موكول بقيادة ولى الأمر وبأوامره ودون الخروج عليه.. والسؤال الآن: ماذا لو باع ولى الأمر أو تقاعس أو بايع العدو أو توافق معه أو رفض مواجهته؟ هل يصبح أسامة بن لادن بطلا قوميا تروى قصصه على المقاهى وفى الحوارى وتصبح قصصا شعبية لشعراء الربابة؟