رئيس التحرير
عصام كامل

شفيق مترى سدراك.. أول شهيد من القادة في حرب أكتوبر!

الشهيد شفيق مترى سدراك، اسم تعرفه العسكرية المصرية، بكل فخر واعتزاز، إنه أول من استشهد من قادة انتصار أكتوبر المجيد، على رمال سيناء الحبيبة، وربما لا يعلم الكثيرون، أن حرب أكتوبر تعد الحرب الأولى التى تكون نسبة الشهداء من القادة، كبيرا بالمقارنة بأى حرب من الحروب الحديثة.. 

 

على سبيل المثال نجد من بين الشهداء ابراهيم الرفاعى قائد مجموعة 39 قتال، والعميد مصطفى حسن قائد اللواء 22 المدرع، والعقيد السيد توفيق أبو شادي قائد اللواء المدرع، والعقيد نور الدين عبدالعزيز قائد اللواء الثالث المدرع، والمقدم ابراهيم عبد التواب قائد الكتيبة 603، وغيرهم كثيرين بالاضافة للمصابين منهم.

 

وبطلنا اللواء شفيق مترى سدراك ولد عام 1921م بقرية المطيعة بمحافظة أسيوط، وقد إنتقل والده إلى محافظة البحيرة وإستقر هناك بقرية يوسف حنا بمركز شبراخيت، وكان يعمل مدرسا وبعد أن أكمل شفيق مترى سدراك دراسته الثانوية تقدم لكلية التجارة ثم تركها في الفرقة الثانية وانتقل للكلية الحربية حيث كانت لديه رغبة هائلة في الإلتحاق بالجيش المصري.. 

 

وتخرج منها عام 1948م، والتحق بسلاح المشاة برتبة ملازم ثان وخدم في البداية في السودان، وكان العميد شفيق مترى سدراك من أوائل من حصلوا على شهادة أركان حرب وهو برتبة رائد وكان أصغر الخريجين سنا، كما حصل على شهادة أكاديمية ناصر العليا بتفوق ساحق، وكان معروفا عنه أنه يجيد فن القتال بالدبابات في الصحراء، وكان دائما يتقدم قواته ليبث في نفوسهم الشجاعة والإقدام ويرفع من روحهم المعنوية.. 

بطولات اللواء شفيق مترى سدراك

وقد شارك العميد شفيق مترى سدراك في حرب السويس إبان العدوان الثلاثي علي مصر عام 1956م وشارك أيضا في حرب الخامس من شهر يونيو عام 1967م، وكان بطلا فذا في أحد معاركها وهي معركة موقع أبو عجيلة،، لذلك قام الرئيس جمال عبد الناصر بترقيته إستثنائيا تكريما له، كما أنه نظرا لنبوغه وتفوقه فقد كان يتم الاستعانة به ضمن هيئة التدريس بالكلية الحربية، وكان يقوم بتدريس مادة التكتيك وفن القتال للطلبة.

 

وفي حرب الإستنزاف وكان يعبر برجاله إلى سيناء من بورسعيد والدفرسوار وجنوب البلاح والفردان ليقاتل العدو في معارك الكمائن ضاربا أروع الأمثلة في الشجاعة والبطولة والجسارة.

 

وفى معركة التحرير عندما جاء السادس من أكتوبر73، كان البطل اللواء شفيق متري سدراك على رأس اول من عبروا إلى شرق القناة، بالضبط مع أول موجة للعبور قائدا للواء الثالث المشاة الميكانيكي التابع للفرقة 16 مشاة، من الجيش الثاني الميداني، والتي كان يقودها العميد عبد رب النبي حافظ.. 

 

وكانت كلماته إلى رجاله: إن أبناء مصر من عهد مينا إلى الآن ينظرون إليكم بقلوب مؤمنة وأمل باسم، وقد آن الأوان أن ترفرف أعلام مصر على أرض سيناء الحبيبة، وأنا أعدكم أن كل علم سوف يرفع فوق إحدى مواقع القوات الإسرائيلية في سيناء سيكون موضع إعزاز وتقدير من أبناء مصر وقادتها، وكل من ساهم في رفع هذه الأعلام.. 

 

وختاما أذكركم بقوله تعالى (وَلَقَدْ سَبَقَتْ كَلِمَتُنَا لِعِبَادِنَا الْمُرْسَلِينَ إِنَّهُمْ لَهُمُ الْمَنصُورُونَ وَإِنَّ جُندَنَا لَهُمُ الْغَالِبُونَ) صدق الله العظيم، مسيحى يستشهد بآيات قرآنية في مواجهة العدو، نموذج يعبر على أن الانسان المصرى يختلف عن كل البشر على الكرة الارضية، وهذا النموذج ليس نادرا، ولكنه موجود وعادى في مصر الحضارة، مصر الشعب العنصر الواحد.

أول شهيد من الضباط

بعد انتهى اللواء شفيق مترى سدراك من كلمته لرجاله، أخذ يسلم على كل فرد ويربت على كتفه، ويؤكد لهم قدرتهم على الثبات والقتال بقوة الحق وتحقيق النصر، والجميع كان في انتظار إشارة بدء العبور، التى بعدها، إندفع البطل شفيق مترى سدراك وكان متقدما رجاله، ليتقدم ويتمركز على أرض سيناء الحبيبة، بعد أن أدى هو ورجاله الأبطال، أداء أذهل العدو، وحطم أسطورة الجيش الذى لا يقهر.. 

 

توغل جيشنا إلى ما يقرب من إثنى عشرة كيلومتر في الضفة الشرقية، وكان العدو يحاول كل يوم إختراق قواتنا، وقد قام العدو بالعديد من الهجمات المضادة، أخطرها في الثامن من اكتوبر، بدأها العدو من السادسة والنصف صباحا، في شن هجماته المضادة علي فرق المشاة التي عبرت القناة قبل يومين وأنشأت رؤوس كبارى شرقي القناة.. 

 

وكان منها الهجوم المضاد الذى قام به لواء مدرع إسرائيلي علي الفرقة 16 مشاة التي تمكنت من صده وأرغمته علي التخلص من المعركة والانسحاب إلي عمق سيناء، وفي اليوم التالي التاسع من أكتوبر، شن العدو أربعة هجمات مضادة خلال أربعة ساعات، على الفرقة 16 مشاة وركز على اللواء الثالث المشاة الميكانيكي.. 

 

وهو لواء منتصف الفرقة والذى كان يقوده العميد شفيق مترى سدراك ووجه نحوه كتيبتين مدرعتين وذلك بهدف إختراق رأس كوبرى الفرقة وإحداث خلل في النظام الدفاعي في القطاع الشمالي للجبهة نجح البطل شفيق مترى سدراك ورجاله من صد أربعة محاولات والحاق العدو خسائر لم يكن يتوقعها في الأفراد والدبابات.

 

وفي أثناء صد اللواء الثالث المشاة الميكانيكي لتلك الهجمات المضادة، أصدر اللواء شفيق مترى سدراك أوامره لقائد كتيبة مقدمة اللواء بتطوير الهجوم شرقا، وضع اللواء مع النسق العام لألوية الفرقة، وتوغل هو ورجاله إلى عمق بلغ مداه ما يقرب من 14 كيلو مترا في أرض سيناء، يقتلون ويأسرون جنود العدو وكان يتقدمهم البطل شفيق مترى سدراك بمسافة كيلومتر، ليبث في نفوسهم الشجاعة والإقدام ويحمسهم للقتال.. 

 

وفجأة أصابت سيارته دانة مدفع إسرائيلي قبل وصوله إلى منطقة الممرات لترتقي روح الشهيد المسيحى الصائم مثل جنوده لملاقاة ربه برفقة 5 أبطال آخرين كانوا معه في المركبة، وكان هو أول شهيد من الضباط حسب إشارات التبليغ من الوحدات الفرعية ويوميات القتال.. 

 

 

وكما كان اللواء شفيق مترى سدراك هو أول من إستشهد من الضباط، وكان أيضا هو أول بطل يقوم بتكريمه الرئيس أنور السادات في الجلسة التاريخية لمجلس الشعب صباح يوم 19 فبراير عام 1974م.. 

حيث تم منحه وسام نجمة سيناء من الطبقة الأولى تقديرا لما أظهر من أعمال ممتازة تدل على التضحية والشجاعة في ميدان القتال أثناء حرب يوم العاشر من شهر رمضان عام 1393 هجرية الموافق يوم السادس من شهر أكتوبرعام 1973م، وهو أعلى وسام عسكري مصري كما تم إطلاق إسمه على الدفعة 75 حربية والتي يعد خريجوها من أفضل خريجى الكلية الحربية. 

الجريدة الرسمية