رئيس التحرير
عصام كامل

أين نحن فى يوم استشهاد الفريق عبد المنعم رياض؟!

اليوم التاسع من مارس، يوم الشهيد، ذكرى استشهاد البطل عبدالمنعم رياض رئيس أركان القوات المسلحة في التاسع من مارس 1969، البطل الذى أصر أن يكون في خط المواجهة بين جنوده، وهذا كان حدثا مزلزلا لدى القيادة المصرية، ولكن هذا كان مصدرا للإرادة والعزيمة على الثآر، عرض اللواء محمد صادق مدير المخابرات العسكرية على جمال عبدالناصر خطة عملية للثأر.. 

 

تم اسناد العملية الى البطل ابرهيم الرفاعى قائد المجموعة 39 قتال، لإعداد خطة الثأر للشهيد عبد المنعم رياض ويكون في أسرع وقت وفي نفس الموقع الذى تسبب في استشهاده!

Advertisements

 

ومن هنا بدأ البطل ابراهيم الرفاعى التخطيط لتدمير الموقع الذى خرجت منه النيران وتسببت في استشهاد الفريق عبدالمنعم رياض، وتم الاتفاق على أن يكون الثأر في ذكرى الاربعين للاستشهاد..

 

وتم تشكيل مجموعة قتالية تضم نخبة من المقاتلين منهم النقيب أحمد رجائى، النقيب محيى نوح، النقيب اسلام توفيق، الملازم اول سمير نوح، الملازم محسن طه، الملازم أول بحرى وسام حافظ والرائد طبيب عالى نصر، هؤلاء من شباب مصر الذى أقسم على الثأر من العدو الصهيونى بعد نكسة يونيه 67، الشباب الذى لم تنكسر إرادته ولم يفقد ثقته مطلقا في إنتماء وولاء قيادته لتراب مصر.

خطة الانتقام 

كان الموقع في جغرافية غيرعادية، فهو على حافة بحيرة التمساح مباشرة وتحميه مسافة طويلة من المانع المائى، كما أن تحصين الموقع وقوة النيران الموجودة به وإسلوب الحماية ووجود موقعين يشكلان معه مثلثا قاعدته إلى أعلى ورأسه إلى أسفل يوفر له قوة دفاعية كبيرة، وفي نفس الوقت هذه الوضعية للموقع القوية كان لها جانب ايجابى عند الخطة.. 

 

فقد توفر للقوة المهاجمة الفرصة للاقتراب حتى 100 متر من الدشم تحت ستار نيران مدفعية الجيش الثانى، ونيران الجيش الثانى جعلت أفراد الموقع يهربون داخل الدشم الأربعة التى يتكون منها، وبالتالى لن يستطيعوا إكتشاف القوة المهاجمة، وبالفعل تم قصف المواقع الثلاثة، الموقع المستهدف من القوة المهاجمة، والموقعين الاخريين اللذين بامكانهما الاشتباك مع القوة المهاجمة وهذا قد يفسد العملية الفدائية للمجموعة 39 قتال.

 

بدأ القصف العنيف المركز على المواقع الثلاثة قبل تحرك القوة المهاجمة بالقوارب بثلث ساعة، استطاعت القوة المهاجمة في الوصول إلى الهدف في أربعة عشر دقيقة فقط، وهذا كان أمرا غير متوقع، ولكنه كان ايجابيا، لان تعليمات القيادة الصهيونية للقوات الموجودة في خط بارليف تقضى باللجوء إلى داخل الدشم والاحتماء بها من قصف المدفعية المصرية عندما تبدأ القصف من أى اتجاه، وكما هو واضح أن الهدف الاساسى من القصف هو خلق ستار للقوة المهاجمة.

 

اقتربت القوة المهاجمة التى وزعت إلى ست مجموعات، يقود كل منهم أحد ابطالنا، كان البطل ابراهيم الرفاعى يقود العملية والمجموعة الاولى، بدأت المعركة في إلقاء مولدات الدخان وعبوات الحريق وعبوات الحريق والقنابل اليدوية من فتحات التهوية، كان هناك مجموعات بالقرب من أبواب الخروج في إنتظار من يحاول الهرب من الجحيم الذى صنعه أبطالنا.. 

 

كل ما حدث بالداخل اضطر أفراد العدو إلي الصراخ، وانطلقت النيران من الرشاشات، فكانت المصيدة، كل من خرج من داخل الموقع كان ابطالنا في انتظاره بالأسلحة الصغيرة والقنابل اليدوية، وقامت مجموعة بتدمير عربة نصف مجنزرة وسيارة نقل بالآر- بى جى، بل وتمكنت القوة المهاجمة من الاستيلاء على المدفع الرشاش الخاص بالعربة نصف جنزير.. 

 

وتم إسكات النيران التى كانت قد بدأت الخروج من فتحات الدشم، وذلك بمهاجمتها بالآر- بى- جى، وتم نسف مخزنين للذخيرة، وبعد ساعة ونصف من بدء العملية اشتعلت الدشم واهتزت المنطقة بالانفجارات العنيفة، وقد أصيب النقيب محيى نوح وإثنين من الجنود.

أجرأ عملية

وبالضبط في التاسعة وبعد الانتهاء من تدمير الموقع، تلقى ابراهيم الرفاعى بلاغا من العميد مصطفى كمال، أن اجهزة الاستطلاع اللاسلكى تفيد بتحرك دبابات معادية باتجاه الموقع للتصدى للقوة المهاجمة، وبالفعل ظهرت تلك الدبابات في المدقات المؤدية للموقع، إلا أن هذا كان متوقعا، فكان الملازم محسن طه قد قام ببث ألغام مضادة للدبابات، فانفجر إحداها ودمر دبابة للعدو الاسرائيلى بعد أن أطلقت أربعة دانات على القوة المهاجمة، ولكنها طاشت وسقطت فى البحيرة.. 

 

وفي تمام التاسعة وخمسة دقائق أصدر الرفاعى أمره بالعودة إلى نقطة النزول، وعاد الابطال بعد خمسة عشر دقيقة، بعد تحقيق الهدف بتدمير الموقع عن آخره، بل والاستيلاء على بعض الغنائم، وتم نقل الجرحى إلى إحدى المسشتفيات العسكرية.

 

أثناء هذه العملية الجريئة التى ثأر ابطالنا لاستشهاد الفريق عبدالمنعم رياض، كان هناك من ينتظر في مكتبه عودة الأبطال، إنه الزعيم جمال عبدالناصر، لم ينم إلا بعد أن إطمأن على نجاح العملية، وعلم باصابة ثلاثة من ابطالنا، وفي تمام التاسعة صباحا كان الزعيم جمال عبدالناصر في المستشفى لكى يطمئن علي أبنائه الأبطال ويستمد منهم عبق المعركة استعدادا ليوم الثأر لشهداء يونيه.

 

يقول اللواء محيى نوح الذى أصيب فى المعركة عن لقاءه بالزعيم جمال عبدالناصر: قيل لنا أن هناك شخصية مهمة قادمة للإطمئنان عليكم.. وكانت المفاجأة أن يكون الزعيم جمال عبدالناصر، قدم لنا التهنئة على نجاح العملية وإطمئن علينا وقال: أنتم اللى هاتحرروا الأرض وتثأروا لمصر!

 

 

صحيفة الاخبار كان عنوانها الرئيسي: أجرأ عملية منذ حرب يونيو! وصحيفة الأهرام كان عنوانها: الكوماندوز تقتحم مواقع حصينة للعدو وتدمرها! أما صحيفة الجمهورية فكان عنوانها: عادت قواتنا سالمة.. ومعها علم الموقع وبعض الاسلحة الاسرائيلية.                                                       لهذا قررت الدولة المصرية إعتبار 9  مارس يوم استشهاد البطل عبدالمنعم رياض من كل عام هو يوم الشهيد لتحتفل به الأجيال على مر الأعوام.. فتحية للرجال الأفذاذ.. وتحيا مصر.

الجريدة الرسمية