عصام كامل يكتب: المسكوت عنه في الأزمة بين المغرب والجزائر.. وحقيقة مصادرة مقرات دبلوماسية بالرباط
• بيان جزائري يعتبرها "خطوة تصعيدية جديدة".. ومعلومات تكشف عن مفاجآت عديدة حول ما جرى وما يجري
يبدو أن العلاقات المغربية الجزائرية تتمدد كثيرًا نحو تصعيد غير مبرر بعد أن بثت وكالات أنباء دولية معلومات مستمدة من وسائل إعلام محلية جزائرية ألقت بحجر ثقيل في بحيرة راكدة، ما زاد من عكرة الماء الراكد بين البلدين الشقيقين.
في السابع عشر من الشهر الجاري صدر بيان مفاجئ من السلطات الجزائرية حمل في متنه ونصه عبارات قاسية حول ما أسماه "مصادرة مقرات تمثيلياتها الدبلوماسية بالمغرب"، وهو البيان الذي أثار جدلا في الأوساط الدبلوماسية المحلية والدولية وتعدى مفعوله حدود كلماته.
البيان الجزائري يتحدث عن قرار لحكومة المغرب بنزع ملكية عقارات في الرباط للمنفعة العامة لصالح توسعة وزارة الشئون الخارجية والتعاون الإفريقي والمغاربة المقيمين بالخارج، ووصف البيان تلك الخطوة بأنها خطوة تصعيدية جديدة في الاتجاه العدائي للجزائر، واعتبر القرار المغربي يهدف إلى مصادرة مقرات سفارة الجزائر في المغرب.
حتى صدور البيان ودخول بعض الدول إلى دائرة الصراع مثل كوريا الشمالية التي أدانت قرار الحكومة المغربية لم تكن الرباط تحركت رسميًا للرد علي البيان الأصلي أو على تبعاته التي ألقت بظلالها ليس فقط على مستوى الدول وإنما وصل إلى ارتفاع في درجة حرارة مواقع التواصل الاجتماعي بين البلدين.
الرد المغربي اتسم بالهدوء والتوازن وأجمل تفاصيل القصة وما فيها في عدة نقاط حيوية ومهمة، مؤكدًا أن السفارة الجزائرية السابقة في الرباط هي أرض ممنوحة بالمجان من قبل السلطات المغربية، ومع ذلك فلم تكن موضوع أي مصادرة وتظل المباني تحظى بالاحترام الكامل والحماية من قبل الدولة المغربية حتى في ظل غياب الامتيازات والحصانات عقب قطع العلاقات الدبلوماسية بشكل أحادي من قبل الجزائر منذ ثلاثة أعوام تقريبًا.
وأشارت المعلومات الواردة- شبه الرسمية- إلى أن توسعة تجرى منذ فترة غير قصيرة في مقر وزارة الشئون الخارجية المغربية شملت العديد من المباني وخصوصًا تلك الخاصة بسفاراتي كوت ديفوار وسويسرا ولم تَطُل إلا مبنى وحيدًا يخص الجزائر وهو ملاصق تمامًا وبشكل مباشر لمقر الوزارة التي يجرى العمل في توسعتها وقد كان هو المبنى الوحيد الذي شكّل موضوع محادثات مع السلطات الجزائرية.
وكشفت المعلومات عن مفاجآت حول ما جرى وما يجري؛ حيث أشارت إلي أن السلطات الجزائرية ظلت ولمدة عامين منخرطة بشكل وثيق ومطلعة بشكل مسبق وبشفافية كاملة، وهو ما دعا وزارة الشئون الخارجية المغربية وبالتحديد في يناير من العام 2022م أن تبلغ السلطات الجزائرية برغبة الدولة المغربية في الحصول على المقر المذكور بطريقة ودية.
وأوضحت التفاصيل أنه قد عقد أربعة لقاءات مع القنصل العام الجزائري بالدار البيضاء بمقر الوزارة، وجرت في هذا الشأن 8 مراسلات رسمية مع السلطات الجزائرية التي ردت على خمسة منها على الأقل وفي مرتين من الخمسة ذكرت المراسلات أن تقييمًا للممتلكات في إطار الإنجاز، وأنها ستكشف عن خلاصته بمجرد الانتهاء.
وكشف الرد المغربي عن تفاصيل تحدثت عنها السلطات الجزائرية في ردودها من بينها أن إخلاء المباني ونقل محتوياتها سيتم في إطار احترام للأعراف بمجرد تفعيل عملية البيع على النحو الواجب.
ولم يتوقف الرد المغربي عند حدود تفاصيل ما جرى من محادثات حول التقييم المادي للمباني المقررة وانخراط السلطات الجزائرية في الأمر بشكل واضح بل وصل إلى الكشف عن مفاجأة من العيار الثقيل عندما أوضح أن السلطات الجزائرية أبلغت في إحدى مخاطباتها بأنها قررت الانخراط في مسطرة نزع الملكية من أجل المنفعة العامة لبعض الممتلكات بالمنطقة بالقرب من قصر الشعب.
وما بين البيان المفاجئ للسلطات الجزائرية وبين الرد القوي للسلطات المغربية جرت في بحيرة العلاقات الشعبية بين البلدين مياه كثيرة كانت فيها الصحافة على خط التصعيد بين البلدين الشقيقين؛ حيث تحدث كُتّاب كبار مغاربة عن التداعيات القانونية لما بعد قطع العلاقات من جانب واحد.
ومن الكُتاب من أوعز إلى أن نزول العلم الجزائري من على بنايات سفارته بالمغرب يُسقط عنها كل حصانة، ودخلت الصحافة المغربية في محاولة للرد على الصحافة الجزائرية إلى مستويات عالية الحدة في الحوار، واتسمت بعض الكتابات بالهدوء وإعمال القانون الذي يعطى المغرب الحق في نزع الملكية من أجل المنفعة العامة وأن الاعتراض عليه أمر ممكن ومتاح أمام المحاكم.
وعددت مصادر مهمة مغربية أسباب تصاعد الأمر رغم أن تفاصيله كانت تجرى في حوار بنّاء حول الأمر وقد نجح في كل تفاصيله مع سفارتي دولتي كوت ديفوار وسويسرا وبشكل حضاري ودون أية مشكلة.
وقالت المصادر إن البعض في الجزائر يعتمد مثل هذه الأمور من أجل إحداث تصعيد غير مبرر ولا يفهم في سياقه إلا باعتباره إصرارًا على العداء.
المثير أن المعلومات الواردة بشكل شبه رسمي من الدولة المغربية تحدثت عن قضية قطع العلاقات من جانب أحادي بشكل مختلف عن الأحاديث العصبية التي طالت الوسط الصحفى.
وقالت الدوائر- شبه الرسمية- إنه على الرغم من قطع العلاقات الدبلوماسية بقرار أحادي من جانب الجزائر في أغسطس من العام ٢٠٢١م فإن المغرب يتحمل مسؤولياته ويمتثل لواجباته المنبثقة من القواعد والتقاليد والأعراف الدبلوماسية وهكذا فإن ممتلكات الجزائر التي لم تعد تحتضن المقرات الدبلوماسية أو القنصلية ولا تتمتع بأية امتيازات وحصانات يخولها القانون الدولى تظل محترمة ومحمية بموجب القانون المغربي في ظل الشروط العامة المطبقة في إطار قانون الملكية بالمغرب.