قتلوك يا نيرة غدرًا!
جرحوا انسانيتها، وذبحوا كبرياءها، بل قهروها وهمَّشوها، وحقروا من شأنها بعد أن كشفوا عوراتها، وخاضوا في عرضها، وتحت وطأة الذل والمهانة، وضعف حالها، وغياب السند، أقدمت نيرة صلاح الطالبة بكلية الطب البيطري جامعة العريش على الانتحار، لتعلن للجميع أنه لا مكان للضعفاء، وسط هذا العالم البغيض!
وقصة الطالبة نيرة صلاح التي أزعجت بل أوجعت كل من له ضمير في مصر، دليل على أننا نعيش في زمن المسخ، المسخ الذي يضرب كل ما حولنا ويُسمم حياتنا ويصبغ كل إنسانيتنا بقبح وانحطاط لم نصل إليه في يوم من الأيام!
قبح ومسوخ بشرية تطاردنا
نيرة الفتاة الفقيرة التي يعمل والدها مساعد محامٍ وأمها ممرضة. كل أحلامها أن تكون دكتورة، التحقت بكلية الطب البيطري بالعريش، ومع أول عام لها في الكلية، اصطدمت بأبناء الأكابر ولم تستطع مجارتهم، فالطباع ليست طباعها، والتربية مختلفة عما تربت عليه، فاشتبكت مع بعض زميلاتها ومن بينهم الطالبة التى أبت أن تتركها في حالها، ناضلت نيرة وقاومت وضعفت وانهارت وقررت الابتعاد، فكيف لهم أن يتركوها!
أضمروا لها الشر والمكائد، في غفلة منها تسللت الطالبة إياها إلى مخدعها، ثم إلى حمامها لتصويرها غدرًا، ثم ساوموها وابتزوها وهددوها بنشر جسدها العاري على الملأ!
حاولت نيرة أن تثنيهم عن شرهم، وهي لا تعرف أنها تخاطب قلوبًا توقفت عن النبض، وعيونًا أصابها العمى، وعقولًا حُجبت عن حُسن التفكير، فهم لا يعترفون بمن بكى، وبمن صرخ وذي الحاجة والمظلوم والمحتاج! لقد استسلمت نيرة وخضعت لهواهم المريض، ولكنها لم تحتمل مرارة الانكسار فتخلصت من حياتها!
من الذي قتل نيرة الزغبي؟
قتلها الإهمال متمثلًا في كليتها وتنمر زملائها، واغتالها عميد الكلية ووكيله عندما غض الطرف عن الفتاة التي صورتها وابتزتها خوفًا على مستقبله من بطش أسرتها، الجميع اشترك في قتل نيرة!
وما أكتبه هنا ليس لرصد ظاهرة تحدث في الجامعات، بقدر ما هو صرخة في جوف هذا الظلام الذي يوشك أن يبتلعنا، أو استغاثة لكل عقلاء الأمة أن ينقذوا البلد من هذا الخراب، أن ينقذوا بناتهم من المصير نفسه، بعقاب المخطئ وإثبات أن مصر كانت ولا تزال دولة قانون لا يضيع فيه حق وراءه مُطالب.