تشريعات عقيمة تخفى كنوز "مصر الحلوة"
الحديث عن مصر الحلوة يستوعب أكثر مما كتبه المصريون بداية من كهنة الفراعنة قديما حتى كتّاب العصر الحالى حديثا، مرورا بهيرودوت وجميع المستشرقين الذين أفنوا أعمارهم فى رصد حلاوة "المحروسة" وتوثيق خيراتها.
هذا مبرر كاف للكتابة مرة أخرى عن "حلاوة مصر"، دونما ملل، سواء منى شخصيا، وربما من القارئ أيضا، لأننى واثق من صدق أحمد رامى حين كتب لأم كلثوم "ولما اشوف حد يحبك .. يحلالى أجيب سيرتك وياه"، وحب مصر فى قلوب المصريين لا ينافس من أى محبوبة، سواء كانت أما، أو أختا، أو خطيبة، أو زوجة.
وحينما يلقى مسئول بحجم محافظ، جملة فى أذنى، مفادها أن التشريعات الغبية منذ أكثر من 60 عاما فى بلادنا، تمثل السبب الوحيد والمباشر فى "فرملة" عجلة التنمية والتقدم الحضارى فى مصر، يجب التوقف كثيرا والتأمل فى المعانى التى تندرج تحت هذا التصريح المدهش.
استأذنت الرجل الجسور فى ذكر هذا التصريح "صحفيا"، فأكد لى أنه خرج على الهواء مباشرة من التليفزيون المصرى، وقال هذا الكلام علانية، حين أسند إليه المجلس الأعلى للقوات المسلحة، بعد ثورة 25 يناير، إدارة التليفزيون المصرى.
وفى حديثه بمرارة عن ألم مصر، قال اللواء طارق مهدى محافظ الوادى الجديد، إنه لاشك فى أن محافظة الوادى الجديد التى تمثل 44 % من مساحة مصر، تحوى كنوزا فى باطن أرضها، كفيلة بجعل بلادنا من أغنى دول العالم، إذا توافرت الإرادة السياسية لتسهيل التشريعات، وإزاحة العقبات.
ويكفى أن أشير إلى أن المحافظة التى يتم تسويقها نظريا منذ أكثر من 30 عاما، تعانى سوء وسائل النقل والمواصلات، وتفتقر الكثير من الخدمات الأساسية التى يعيش عليها الإنسان العادى، فما بالك بالمستثمر.
إن طائرة صغيرة تابعة للخدمات البترولية المصرية، لا تحمل على متنها أكثر من 70 شخصا، هى التى تحط فى مطار "الخارجة" عاصمة الوادى الجديد مرتين أسبوعيا، ومنها إلى شرق العوينات مرة واحدة أسبوعيا فقط.
كما أن مطار الداخلة معطل لسبب لا يتكلف علاجه سوى 20 مليون جنيه لرفع كفاءة المهبط الخاص به، وحدث ولا حرج عن جميع الطرق التى تربط الوادى الجديد بمحافظات الصعيد والبحرالأحمر، فهى طرق بدائية تفتقر الخدمات، ويكفى أن يتعرض إطار سيارة لمشكلة، فيبيت ركابها على الطريق العام، إلى أن يشاء الله إنقاذهم.
والأمر كذلك فى مطار شرق العوينات الذى يمكنه استقبال طائرات "مصر للطيران"، لكن ذلك متوقف منذ نحو أربعة أعوام، لا لسبب معلوم، ولا حيلة لأى مستثمر فى الوصول السهل والسريع إلى شرق العوينات إلا بواسطة الطيران الخاص.
العرض الشيق الذى عرضه رجال محافظة الوادى الجديد، أمام رجال هيئة الأوقاف المصرية، الذين انتقلوا إلى هناك لتوقيع بروتوكول تعاون بين الهيئة والمحافظة، فى الساديس من يناير الجارى، يحمل فعلا "الخير لمصر"، شرط أن تتوافر الإرادة الجسورة، لتسييل النوايا الحسنة إلى أعمال على أرض الواقع.
هل تعلمون أن الوادى الجديد وحدها، تحتوى على مساحة تفوق الستة ملايين فدان صالحة للزراعة، وأن المياه الجوفية فى المحافظة كافية لزراعة أكثر من هذه المساحة، شرط تطبيق طرق الرى الحديثة فى مجال الزراعة؟
هل تعلمون أن مركز باريس فى محافظة الوادى الجديد يحتضن بحيرة قوامها 330 ألف فدان بعمق يتراوح بين 2 ـ 20 مترا، وهذه البحيرة ظهرت منذ أكثر من 12 عاما، وثبت أن مياهها متجددة، كمفيض غير مرئى لبحيرة ناصر التى يحجزها السد العالى؟
هل تعلمون أن هذه البحيرة تصلح وحدها لإقامة مجتمع زراعى حديث، وتستوعب استزراعات سمكية تكفى سكان مصر، مع تحقيق فائض للتصدير؟
الوقائع تؤكد أن مافيا الاستيراد فى عهد مبارك، حالت دون تمكن المصريين من النعيم الربانى الذى حظيت به مصر، سواء على صعيد زراعة القمح، أو الاستزراع السمكى فى البحيرات الجنوبية، خاصة بحيرة ناصر، وما نتج عنها من بحيرات ثانوية، أو تطور الصناعات التعدينية القائمة على خيرات صحارى مصر.
إن مناجم الفوسفات فى أبوطرطور وحدها، كفيلة بتطوير صناعة الأسمدة الفوسفاتية فى مصر، خاصة حامض الفوسفوريك، بما يكفى للنهوض بالزرعة المصرية، وتصدير الفائض بمليارات الدولارات سنويا، حيث يحوى منجم أبو طرطور فقط احتياطيا من الفوسفات الخام يقدر بنحو 700 مليون طن.
والسؤال الذى يبحث عن إجابته معظم الصريين: إذا كان الاستثمار فى سيناء كان مغلقا بأوامر أمريكية لحكومة مبارك، فما المبرر المنطقى لغلق كنوز الصحراء الغربية أيضا؟
الغريب أن معمر القذافى كان قد سرق "نهرا عظيما" من خزان النوبة المصرى، ونقله إلى شمال ليبيا، وهى مياه مصرية خالصة لم تستفد منها مصر إلا فى زراعات لا تغنى من جوع، وبعض الأموال القليلة التى يتم تحصيلها مقابل تصدير البرسيم الحجازى إلى بعض دويلات الخليج.
أرجو ألا يزمجر القراء من أن تكون هناك حلقات أخرى عن حلاوة مصر، لأنها فعلا هى التى يصدق فيها قول أحمد رامى فى قصيدة "انت الحب": انت الحب اللى مفيش غيره .. لو يسعدنى أو يشقينى.
اللهم ارفع عنها الشقاء .. برحمتك لا بعمل أبناء "المحروسة"
هذا مبرر كاف للكتابة مرة أخرى عن "حلاوة مصر"، دونما ملل، سواء منى شخصيا، وربما من القارئ أيضا، لأننى واثق من صدق أحمد رامى حين كتب لأم كلثوم "ولما اشوف حد يحبك .. يحلالى أجيب سيرتك وياه"، وحب مصر فى قلوب المصريين لا ينافس من أى محبوبة، سواء كانت أما، أو أختا، أو خطيبة، أو زوجة.
وحينما يلقى مسئول بحجم محافظ، جملة فى أذنى، مفادها أن التشريعات الغبية منذ أكثر من 60 عاما فى بلادنا، تمثل السبب الوحيد والمباشر فى "فرملة" عجلة التنمية والتقدم الحضارى فى مصر، يجب التوقف كثيرا والتأمل فى المعانى التى تندرج تحت هذا التصريح المدهش.
استأذنت الرجل الجسور فى ذكر هذا التصريح "صحفيا"، فأكد لى أنه خرج على الهواء مباشرة من التليفزيون المصرى، وقال هذا الكلام علانية، حين أسند إليه المجلس الأعلى للقوات المسلحة، بعد ثورة 25 يناير، إدارة التليفزيون المصرى.
وفى حديثه بمرارة عن ألم مصر، قال اللواء طارق مهدى محافظ الوادى الجديد، إنه لاشك فى أن محافظة الوادى الجديد التى تمثل 44 % من مساحة مصر، تحوى كنوزا فى باطن أرضها، كفيلة بجعل بلادنا من أغنى دول العالم، إذا توافرت الإرادة السياسية لتسهيل التشريعات، وإزاحة العقبات.
ويكفى أن أشير إلى أن المحافظة التى يتم تسويقها نظريا منذ أكثر من 30 عاما، تعانى سوء وسائل النقل والمواصلات، وتفتقر الكثير من الخدمات الأساسية التى يعيش عليها الإنسان العادى، فما بالك بالمستثمر.
إن طائرة صغيرة تابعة للخدمات البترولية المصرية، لا تحمل على متنها أكثر من 70 شخصا، هى التى تحط فى مطار "الخارجة" عاصمة الوادى الجديد مرتين أسبوعيا، ومنها إلى شرق العوينات مرة واحدة أسبوعيا فقط.
كما أن مطار الداخلة معطل لسبب لا يتكلف علاجه سوى 20 مليون جنيه لرفع كفاءة المهبط الخاص به، وحدث ولا حرج عن جميع الطرق التى تربط الوادى الجديد بمحافظات الصعيد والبحرالأحمر، فهى طرق بدائية تفتقر الخدمات، ويكفى أن يتعرض إطار سيارة لمشكلة، فيبيت ركابها على الطريق العام، إلى أن يشاء الله إنقاذهم.
والأمر كذلك فى مطار شرق العوينات الذى يمكنه استقبال طائرات "مصر للطيران"، لكن ذلك متوقف منذ نحو أربعة أعوام، لا لسبب معلوم، ولا حيلة لأى مستثمر فى الوصول السهل والسريع إلى شرق العوينات إلا بواسطة الطيران الخاص.
العرض الشيق الذى عرضه رجال محافظة الوادى الجديد، أمام رجال هيئة الأوقاف المصرية، الذين انتقلوا إلى هناك لتوقيع بروتوكول تعاون بين الهيئة والمحافظة، فى الساديس من يناير الجارى، يحمل فعلا "الخير لمصر"، شرط أن تتوافر الإرادة الجسورة، لتسييل النوايا الحسنة إلى أعمال على أرض الواقع.
هل تعلمون أن الوادى الجديد وحدها، تحتوى على مساحة تفوق الستة ملايين فدان صالحة للزراعة، وأن المياه الجوفية فى المحافظة كافية لزراعة أكثر من هذه المساحة، شرط تطبيق طرق الرى الحديثة فى مجال الزراعة؟
هل تعلمون أن مركز باريس فى محافظة الوادى الجديد يحتضن بحيرة قوامها 330 ألف فدان بعمق يتراوح بين 2 ـ 20 مترا، وهذه البحيرة ظهرت منذ أكثر من 12 عاما، وثبت أن مياهها متجددة، كمفيض غير مرئى لبحيرة ناصر التى يحجزها السد العالى؟
هل تعلمون أن هذه البحيرة تصلح وحدها لإقامة مجتمع زراعى حديث، وتستوعب استزراعات سمكية تكفى سكان مصر، مع تحقيق فائض للتصدير؟
الوقائع تؤكد أن مافيا الاستيراد فى عهد مبارك، حالت دون تمكن المصريين من النعيم الربانى الذى حظيت به مصر، سواء على صعيد زراعة القمح، أو الاستزراع السمكى فى البحيرات الجنوبية، خاصة بحيرة ناصر، وما نتج عنها من بحيرات ثانوية، أو تطور الصناعات التعدينية القائمة على خيرات صحارى مصر.
إن مناجم الفوسفات فى أبوطرطور وحدها، كفيلة بتطوير صناعة الأسمدة الفوسفاتية فى مصر، خاصة حامض الفوسفوريك، بما يكفى للنهوض بالزرعة المصرية، وتصدير الفائض بمليارات الدولارات سنويا، حيث يحوى منجم أبو طرطور فقط احتياطيا من الفوسفات الخام يقدر بنحو 700 مليون طن.
والسؤال الذى يبحث عن إجابته معظم الصريين: إذا كان الاستثمار فى سيناء كان مغلقا بأوامر أمريكية لحكومة مبارك، فما المبرر المنطقى لغلق كنوز الصحراء الغربية أيضا؟
الغريب أن معمر القذافى كان قد سرق "نهرا عظيما" من خزان النوبة المصرى، ونقله إلى شمال ليبيا، وهى مياه مصرية خالصة لم تستفد منها مصر إلا فى زراعات لا تغنى من جوع، وبعض الأموال القليلة التى يتم تحصيلها مقابل تصدير البرسيم الحجازى إلى بعض دويلات الخليج.
أرجو ألا يزمجر القراء من أن تكون هناك حلقات أخرى عن حلاوة مصر، لأنها فعلا هى التى يصدق فيها قول أحمد رامى فى قصيدة "انت الحب": انت الحب اللى مفيش غيره .. لو يسعدنى أو يشقينى.
اللهم ارفع عنها الشقاء .. برحمتك لا بعمل أبناء "المحروسة"