أخلاق تجار المخدرات!
تخيل يا مؤمن أن تجار المخدرات عندهم أخلاق؟ تخيل أن لديهم عروبة تجري في دمهم؟ هل تصدق أن لديهم نخوة تترفع عن حسابات الربح والخسارة؟ وأزيدك من الشعر بيتًا! هل تتوقع أن تجار المخدرات لديهم ضمير إنساني يترفع عن هرولة المُطبعين وحذلقة لسان الدبلوماسيين؟
نعم! هذا ما حدث؛ ففي الوقت الذي نجد فيه دولًا وحكومات تسعى لإبرام معاهدات مع الكيان المحتل الإسرائيلي، وتضع خطط التطبيع وترسم خيانات المستقبل في السر والعلن، نجد أن -في خبر يبدو طريفًا للبعض- تجار المخدرات في المغرب قرروا عدم التعامل مع إسرائيل سواء بجلب الحشيش منهم أو تصديره لهم..
يرفض تجار الكيف مجرد التعامل مع الصهاينة وتوريد الحشيش إليهم، كنوع من أنواع العقاب لما يفعلونه بأهالي غزة، على الرغم من أن هذا التصرف قد يكلفهم أموالًا طائلة.
مزاج الإسرائيليين
سلوك مربك وغريب لكل من يشاهد الحدث من الخارج دون التوغل في تفاصيله، لكن إذا عُرف السبب بطل العجب -كما يقولون- والسبب هنا بسيط وبديهي جدًا، وهو أنك لا تكاد تجد أحدًا على وجه هذه الأرض يملك ذرة من نخوة أو دم أو أخلاق أو مبدأ، إلا وتجده يكره وجود هذا الكيان اللقيط ويجاهر بعداوته، يستوي في هذا ملايين من البشر، سواء كانوا مسلمين أو مسيحيين، أو حتى يهود منصفين يرفضون وجود هذا المحتل الغاصب، وهذا مبدأ يتفق عليه كل شرفاء العالم.
الأمر وصل بوضاعة وخسة هذا الكيان الغاصب إلى رفضه حتى من أولاد الليل وأرباب السوابق ومحترفي الجريمة، هذا التصرف يعكس نزوعًا إنسانيًا إلى التحيز إلى الحق ونصرة المظلوم، مهما اختلفت دوافع هذا الإنسان ومهما بدت مهنته محتقرة.
غلب العرق العربي الأصيل على تجار المخدرات المغاربة، فأرادوا أن يحرموا اسرائيل من المزاج والربح وخسارة أموالا طائلة من تلك التجارة، في خطوة لم تجرؤ دول كبيرة على اتخاذها في تعاملات أخرى طبعا غير الحشيش، ليثبتوا أن الوطنية والعروبة والدم الحر لا يعوزه ارتداء أفخم الملابس والتحدث بأرقى اللهجات والتشدق بالعبارات الدبلوماسية التي لا تسمن ولا تغني من جوع في ظل إبادة وقصف إمتد إلى يومه المائة والعشرين دون أن يحرك العالم ساكنًا.
لم يجد تجار الحشيش سلاحا في أيديهم لنصرة أهل غزة المستضعفين سوى مقاطعة مزاج الإسرائيلبيين، وبحسبهم أن هذا ما في أيديهم من وسيلة وسلاح لإظهار تضامن صادق وعزاء خالص عجز عن إظهاره كبار الدبلوماسيين وتجار المنظمات العالمية لحقوق الإنسان ومبشري الحلم الأمريكي الأوربي.
وإذ كنا نرفض ونجرم هذا الشكل من النشاط الاقتصادي المخرب للعقول والصحة، فإننا لا نملك سوى إرسال تحية صادقة بالمودة والامتنان لهم على صنيعهم الذي وإن فسد في الوسيلة، فقد صدق في النية وغلبة الشهامة العربية.