40 للأرجنتين و7 لنا!
قرر صندوق النقد الدولى رفع قيمة القرض الذى سوف يقدمه للأرجنتين لتتجاوز أزمتها الاقتصادية الى 40 مليار دولار، بينما يتفاوض معنا بعد أن أبدى بعض التساهل مؤخرا لزيادة القرض الذى يقدمه لنا إلى نحو 7 مليارات دولار.. وهذا يُبين بوضوح كم أن قرارات صندوق النقد مسيسة ولا تصوغها الاعتبارات الاقتصادية وحدها.
لقد ماطل صندوق النقد لنحو عام كامل في تقديم الشريحة الثانية والثالثة لنا من القرض المتفق عليه معنا بحجة عدم قيامنا بتخفيض الجنيه، أو ما يطلق عليه سياسة مرنة لسعر الصرف.. وعندما تخلى الصندوق عن تشدده ورأى أننا تعرضنا لتأثيرات اقتصادية سلبية لما شهدته منطقتنا وأهمه حرب غزة فإنه قرر أن يتفاوض معنا للتوصل إلى إتفاق جديد يقضى بمضاعفة القرض الذى يقدمه لنا..
أما الأرجنتين فقد قرر أن يقدم لها قرضا يساوى نحو ستة أمثال القرض الذى سوف يقدمه لنا، وبرر ذلك بأن حكومة الأرجنتين الجديدة تحتاج دعما لتجاوز الازمة الاقتصادية.
صحيح أن ما سوف يقدمه الصندوق للارجنتين هو قرض تلتزم بسداده مستقبلا وليس منحا لا ترد، إلا أن تقديم هذا القرض الكبير لها لكى تتجاوز أزمتها يعكس رغبة لمساعدتها على بلوغ ذلك.. أما بالنسبة لنا فإن الصندوق ومن هم وراءه يريدون لنا تخفيف حدة الأزمة فقط وليس التخلص منها بالكامل لنظل دوما في احتياج لهم..
فهم يرون بلدنا كما قالت مجلة الايكونوميست مهمة بحجمها السكانى وقناة السويس وحدودها مع غزة ودورها في الحفاظ على السلام بالمنطقة وحل المشكلة الفلسطينية مستقبلا، ولذلك يتعين مساعدتها على تخفيف حدة ازمتها الاقتصادية، ولكنهم لا يبدون ذلك الكرم الذى يتعاملون به مع الأرجنتين..
وما قالته الايكونوميست يغلب عليه الاعتبارات السياسية أكثر من الاعتبارات الاقتصادية في مساعدتنا.. وهذه الاعتبارات السياسية هى التى تحدد حجم المساعدة.