التراث الشعبي.. وإنقاذ الهوية من الضياع!
تحدثنا الأسبوع الماضي عن أهمية المحافظة على الهوية، وأن اللغة العربية أحد أهم عناصر الهوية التى يجب أن نحافظ عليها، ولكن ما يحدث على أرض الواقع يجعلنا نشعر بالقلق وخيبة الأمل بسبب إهمال تدريس اللغة العربية في المدارس وحتى في أسماء الشركات والمحلات فضلا عن تراجع مستوى اللغة العربية لخريجي الجامعات.. الخ.
وفي إطار البحث عن جذور الأسباب التي تهدد الهوية الوطنية، أشارت الدكتورة نيفين خليل رئيس قسم الفنون التشكيلية الشعبية والثقافة المادية إلى أن الحفاظ على الهوية لابد أن يبدأ من القاعدة، والقاعدة هو الطفل المصري، الذي أصبح يفتقد الكثير، افتقد التعليم الجيد، افتقد المجلات المتخصصة التي تخاطب الطفل..
كان الطفل المصري يتلقى أعمالا لرسوم كبار الفنانين مثل حسين بيكار، مصطفى حسين حجازي، وغيرهم، فأين امتداد كامل الكيلاني رائد الكتابة للأطفال، مصر تتميز بتنوع الفنون بشكل رائع وجذاب، والفن الشعبي الذي يعبر عن البيئة المصرية من الاسكندرية الى النوبة إلى مختلف المحافظات، علينا أن نتمسك ونحافظ عليه، لماذا نقلد الغرب في كل شيء؟ لدينا ازياءنا.. لغتنا.. تراثنا الغنائي.. عاداتنا النبيلة..
الفن الشعبي والهوية الوطنية
وأضافت الدكتورة نيفين خليل: نملك إرثا ثقافيا متنوعا نتفوق به على غيرنا، علينا التمسك به من أجل المحافظة على هويتنا التى نفتخر بها، أين دور المركز القومي لثقافة الطفل؟ المدارس الدولية خطر على مستقبل الهوية، بل إن هناك ممن يملكون القدرات المالية يتم إرسال أبنائهم للتعلم في الخارج..
للأسف نحن نفرط في تراثنا أين فانوس رمضان مثلا؟ قصة ألف ليلة وليلة قصة عربية استفاد منها الغرب أكثر من العرب، فقد جعلوا منها أيقونة في أفلام ومسرحيات وأعمال درامية وكتب للأطفال، لقد إختفت الحدوتة المصرية التى لها دور مهم في تكوين الخيال والوجدان للطفل؟ أين دور وزارة الثقافة؟ من يصدق أن طلاب معهد الفنون الشعبية لا يعرفون أي شىء عن الفنون الشعبية، فالبيئة المصرية غنية ومليئة بالألوان في كل عناصر الفنون.
أما الدكتور حنا نعيم أستاذ العمارة الشعبية فقد جمع كافة مشاكل التراث في الإدارة، وقال: كيف رقم ثلاثين في ترتيب الناجحين هو الذى يقود؟ ومن عجب أن تضع وزارة الآثار يدها على التراث الشعبي وهو ليس من مسئوليتها، الجمعية الجغرافيا قامت بدور مهم منذ الملك فؤاد ووثق الكثير من تراثنا من المحمل للكنائس.. الخ، هناك اتفاقية اليونسكو للحفاظ على التراث ولكن لا نلتزم بها، التراث الشعبي المصري جزء من الأمن القومي.
أما الدكتور محمد أمين عبدالصمد المشرف على إدارة التراث بالمركز القومى للمسرح والسينما والفنون الشعبية فيقول: التراث هو مكون من السلوكيات والأفعال الحياتية، وأيضا التراث يعنى الديمقراطية، وما تملكه مصر من تنوع وتاريخ قادر أن يكون سلاحا يدافع عن هوايتنا، ونحن قادرون بتراثنا التعامل مع الثقافات المختلفة العالمية..
ومن عجب أن هيرودوت وإبن الحكم أشارا إلى السخرية التى يتمتع الشعب المصري بها، والذي لم يدركه البعض أن السخرية أحد أدوات المقاومة، بالسخرية يكسر الشعب هبة الحاكم، ومن الأمثال الشعبية المصرية تحمل فكرا عبقريا، على سبيل المثال: كأنه ورث ابوهم! إعطوا القط مفتاح الكرار!
ويضيف الدكتور محمد أمين عبدالصمد: لابد أن نذكر علماء حاولوا وحافظوا على تراثنا، وربما على المستوى الشعبي فان العظيم زكريا الحجاوى كان له دورا مهما فى جمع التراث الغنائى، ولابد هنا أن نؤكد على أن الأمثال الشعبية تلخص الحكمة في الحياة، والحل من أجل المحافظة على الهوية ان نبدأ بالتعليم ومثلما قال عميد الأدب العربى الدكتور طه حسين في مستقبل الثقافة، لابد من تعليم واحد لشعب واحد!
اللغة العربية، والتراث الشعبي جنبا إلى جنب، للمحافظة على هويتنا التي تترنح الآن مع غياب كامل لدور الدولة.