رئيس التحرير
عصام كامل

لعنة جمال عبد الناصر!

نقف وتقف الدنيا كلها أمام زعيم ترك الحكم والسلطة والدنيا كلها قبل أربعة وخمسين عاما بالتمام والكمال ولكن يتعامل الكثيرين معه ومع سيرته كأنه لم يزل على قيد الحياة يحاسبونه ويحاكمونه ويحبونه ويحيونه كأنه لم يغب عنهم قط!


لذلك أسبابه العديدة ربما نتناوله في مقال قادم، لكن المثير أن القدر رد عمليا على كل من ظلم الرجل.. ولما كان من الصعب ضرب أمثلة بأشخاص وأغلبهم مشاهير لذا سنتوقف أمام أحداث ومنظمات وأحزاب.


فلم تتوقف الحملة ضد السد العالي حتى نهاية السبعينيات بلغت حد المطالبة بهدمه، لكن توقفت الحملة وخرس أصحابها فور الجفاف الذي ضرب مصر من عام 1979 حتى عام 1987، تم الاعتماد على 70 مليار متر مكعب مياه من بحيرة ناصر لعدد سكان أقل من نصف ما عليه مصر اليوم!

 
ولكن انتهى الجفاف وعادت غربان البين إلى سيرتها الأولى وبحجج تعج بالتفاهة ومردود عليها فتبث وكالات الأنباء في العالم إختيار هيئة السدود الدولية السد العالي كأعظم بناء هندسي في القرن العشرين من بين 122 مشروع تقدموا من بلادهم يتقدمهم نفق المانش الذي يربط فرنسا وبريطانيا ومطار شك لاب بهونج كونج!


هدأت الحملة قليلا ثم عادت في تحالف جماعة الإخوان الارهابية مع حزب الطرابيش فضربت افريقيا سلسلة من الفيضانات تقدمها مجري نهر النيل سنوات 1998 الي 2002 فخرست الغربان من يومها حتي شاهدت بنفسها حشد اثيوبيا ومن ورائها دول عديدة لبناء السد الاثيوبي فادركوا من جديد قيمة السد العالي!


هاجموا حرب اليمن التي نقلت شعب عربي شقيق إلي العصر الحديث وأدي ذلك الي رحيل الاستعمار عن اليمن وبالتالي عن البحر الحمر وباب المندب، وساهم في رحيله عن الخليج العربي بما أفاد المنطقة كلها، وكذلك الانتصار في حرب أكتوبر بإغلاق المضيق وخنق العدو ومع ذلك هوجمت الحرب لسنوات رغم تحقيق كل الأهداف المصرية منها، ولكن تمر الأيام  وتدور الدوائر ويحارب اليمن من هاجم الدور المصري مع الفارق بما قدمته مصر.. ما ارتكبه غيرها!


هاجموا القطاع العام.. فجاءت الخصخصة بالحسرة والندم بعد أن أدرك البعض متأخرا الهدف من الهجوم والتشويه، خاصة وهم يشاهدون مصانع الشعب المصري في مزادات عاطف عبيد بأرخص وأبخس الأثمان، معها ملايين المصريين المشردين إلي سوق العاطلين في التسريح والمعاش المبكر!


تجاهلوا حرب الاستنزاف فأعاد لها الجيش المصري العظيم الإعتبار، وقاد المشير الراحل محمد حسين طنطاوي بنفسه وضعها تاريخيا في المكانة اللائقة، وقدمت الأعمال الدرامية للحفار وإيلات وغيرها!


أما جماعة الإخوان وحزب الطرابيش فما جرى لهم من سحق وفضح للأولى وانهيار للثاني يكفي دون الحاجة للحديث عن تفاصيل، ولما يؤكد أن الزعيم الخالد تحمي سيرته السماء تنتقم له.. ولما لا وهو صاحب أكبر وأعظم جنازة في التاريخ!

لهذا الرجل لعنة تطارد.. وستظل تطارد.. كل من يظلمه ويفتري عليه.. وهذا يختلف تماما تماما عن النقد والتقييم الذي هو حق للجميع.. إنها لعنة جمال عبد الناصر!

الجريدة الرسمية