هرتلة إعلامية
الإعلام المصري انشغل بالمجازر التي يرتكبها الاحتلال يوميًا في قطاع غزة.. بينما انشغل إعلام الخارج الناطق باللهجة المصرية بموقف مصر من الحرب على غزة.
أمس.. تجولت بين القنوات المصرية لأتابع تعريتها للاحتلال أمام العالم، والجرائم التي ارتكبها على مدار اليوم، ومأساة المراسل وائل الدحدوح الصابر المحتسب..
ثم انتقلت إلى إعلام الخارج فوجدته يكيل الإتهامات لمصر، مستندًا إلى تصريحات من اليمين المتطرف في إسرائيل ضد مصر، وهي تصريحات تؤكد صلابة الموقف المصري ورفضه تهجير الفلسطينيين وتمسكه بحل الدولتين، وإصراره على إدخال المساعدات وإبراز جرائم الإحتلال أمام العالم إعلاميًا ودبلوماسيًا.
أربعة عناوين يناقض بعضها البعض قرأتها أمس على إحدى شاشات إعلام الخارج الناطق باللهجة المصرية، الأول على لسان المذيع، وهو إتهام لمصر بالسكوت على جرائم الاحتلال، والثاني من وول ستريت والتي كتبت.. إسرائيل تضغط على مصر لتأمين الحدود ضد المهربين ومصر لا تستجيب..
والثالث..مواقع عبرية تتهم مصر بعدم الإستجابة لإسرائيل التي ترغب في وضع آلية للسيطرة على الحدود مع غزة، أما العنوان الرابع فتضمن هجومًا من قيادات عسكرية إسرائيلية على مصر لرفضها تهجير أهالي غزة إلى سيناء.
وقفة سريعة أمام العناوين الثلاثة الأخيرة تكتشف أنها تناقض العنوان الأول الخاص بالمذيع وتوجه القناة التي يعمل بها، كان على المذيع أن يمرر عينيه على عناوين الصحف المصرية، أو يجهد نفسه ويجلس دقائق أمام القنوات الإخبارية المصرية أو العامة، ليجد أن الإعلام المصري كله مشغول بجرائم الاحتلال في غزة..
وأن موقف مصر الرافض للتهجير غير قابل للنقاش، وإذا أراد هذا المذيع أن يشاهد توثيقًا لجرائم الاحتلال في غزة فعليه أن يتابع القناة الوثائقية التي خصصت المساحة الأكبر من بثها لسرد التاريخ الأسود للاحتلال.
أما إذا أراد هذا المذيع أن يتحلى ببعض من المهنية.. فعليه مراجعة تصريحات القيادات الفلسطينية الخاصة بالموقف المصري تجاه الحرب على غزة، بداية من الرئيس الفلسطيني إسماعيل هنية.. وانتهاءً بالمراسل وائل الدحدوح الذي بث عشرات التقارير من أمام معبر رفح.
وإذا أراد هذا المذيع إنصافًا ولم يرق له مراجعة تصريحات المسئولين المصريين في الإعلام الداخلي.. فعليه أن يراجع تصريحاتهم في الإعلام الخارجي، وإذا كانت مواقع التواصل الإجتماعي هي الركيزة الأساسية في بناء حلقات برنامجه.. فعليه أن يتجول بين حسابات المسئولين عليها ليكون على يقين من أن الحفاظ على سيناء عقيدة..
وأن الأرض التي بذلت من أجلها دماء المصريين ليست للبيع، ولا تفريط في شبر واحد منها، هذا الموقف المصري الصلب.. كانت ردة فعله تلك الهرتلة الإسرائيلية التي تتعامل معها أنت وأمثالك على أنها تصريحات، ومنها العناوين الأربعة المتناقضة التي كتبتها على شاشتك أمس.
besheerhassan7@gmail.com