23 ديسمبر عيد النصر الحقائق والأسرار!
23 من ديسمبر، تاريخ سيظل خالدا في الوجدان الوطني، إنه عيد النصر على القوة الغاشمة المعتدية، القوة التى خدعها غرورها بأن ضرب مصر واحتلال قناة السويس أمر هين، خاصة أن مصر لم يكن لديها جيش يهاب من الأعداء، وجاءت الدول الثلاثة وخرجت تجر خيبة الأمل.
وبالرغم من مرور 67 سنة على العدوان الغاشم إلا أن كثيرا ممن يتحدث يكون بلا معلومات حقيقية، والأمور تمشى بالسمع فقط، ولايزال البعض يردد أن السبب الحقيقى للعدوان هو تأميم قناة السويس، وأن قرار التأميم لم يكن صحيحا، وللأسف الشديد يتمتع الكثير بالفتوى في أى شىء بلا علم، وأحيانا ينقل كلام قيل دون فهم ولا وعى.
هل العدوان الثلاثى كان سببه تأميم قناة السويس أم كان ذلك ما هى إلا سبب ظاهرى أو تلكيكة للعدوان؟ البداية كانت بمعاهدة 1936، التى وقعها حزب الوفد -مصطفى النحاس- ممثل الحكومة المصرية وإيدن ممثل عن الحكومة الانجليزية، كانت تنص على انسحاب الإنجليز من مدن مصر باستثناء القوات الموجودة في منطقة قناة السويس..
السؤال: هل انسحبت قوات الاحتلال الانجليزى من المدن المصرية؟ لم يحدث بحجة الحرب العالمية الثانية ظلت فى المدن الكبرى، وكانت مصر تدار من داخل السفارة البريطانية، ودليل هذا ما حدث في 4 من فبراير 1942، عندما أجبر السفير البريطانى الملك فاروق بتكليف مصطفى النحاس بتشكيل الوزارة.
بدعوى أن وزارة على ماهر تؤيد الألمان بعكس مصطفى النحاس سيؤيد الإنجليز.. ويستمر الصراع حتى استطاعت مصر من إبرام اتفاقية الجلاء في أكتوبر 1954، ولكن حدثت واقعة خطيرة في 28 فبراير 1955، عندما اجتاح الكيان الصهيونى غزة وقتل 39 جنديا مصريا مقابل 8 من القوات الصهيونية.
وكانت غزة تحت الإدارة المصرية منذ 1948، وأيضا كان هناك قرار بحظر السلاح على مصر من 1948 من إنجلترا وفرنسا وأمريكا، وعندما لجأت الثورة إلي أمريكا لتزويدها بالسلاح وافقت ثم تراجعت، ولكن فى عام 1955 وفى باندونج أصبح جمال عبد الناصر زعيما عالميا يحظى باحترام قيادات حركة عدم الانحياز، وبسبب تأييده المطلق لحركات التحرر الوطنى، استطاع الحصول على السلاح الروسى من خلال تشيكوسلوفاكيا..
وهنا أدرك الغرب خطر جمال عبدالناصر، خاصة أنه أفسد حلف بغداد الذى دعا إليه إيدن دول العراق.. تركيا.. إيران.. الأردن.. مصر، وكان الأعداء يريدون التخلص من جمال عبد الناصر، حيث تعرض إلى ستة محاولات للاغتيال، أولها من الإخوان المسلمين، ومنها دس السم من أحد المقربين..
ومنها إنزال وحدة كوماندوز في العجمى ولكن استطاعت حرس الحدود السيطرة والقبض عليها، من هنا نجد أن الايقاع بمصر والقضاء على جمال عبدالناصر أمر شغل الأعداء قبل قرار تأميم قناة السويس الذى لايزال البعض يجادل فيه بلا معلومات..
عيد العزة والبطولة
أما مشروع تأميم قناة السويس فقد كان ضمن خطة مجلس قيادة الثورة منذ 1952، ولكن التنفيذ كان مقررا أن يتم في 1960، ولكن الإصرار على جعل مصر ضعيفة بلا تسليح، وعدم تمويل السد العالى، عجل بتأميم القناة في 1956، وكان خطة دول العدوان هو الاستيلاء على القناة والتخلص من جمال عبد الناصر، على أن يبدأ الكيان الصهيونى بالهجوم على سيناء..
فيتم توجيه إنذار للقوتين الصهيونية والمصرية بالانسحاب والبعد عن القناة، واتفقا على أن توافق إسرائيل وسترفض مصر ولحظتها تتدخل القوات الإنجليزية والفرنسية بإحتلال الاسكندرية ثم القاهرة، واعتقال جمال عبد الناصر وكبار رجال الدولة من الضباط الأحرار، وتولى محمد نجيب الحكم..
ولكن هذا التخطيط أفشلته مصر، وأما وجود فرنسا في العدوان فهو لإنها ترى أن وقوف مصر مع جبهة تحرير الجزائر ضد فرنسا أصابها بخسائر كبيرة ولابد أن تدفع مصر ثمنه، أما عن أسباب فشل العدوان فكان المقاومة الشعبية، والمظاهرات الشعبية في عواصم العالم التى تؤيد مصر..
ومن نتائج الحرب انكسار بريطانيا كإمبراطورية لا تغيب عنها الشمس، وإختفى كل القيادات التى شاركت في الحرب على مصر من الساحة السياسية، وتم اسقاط الحكومات الفرنسية والانجليزية، وترسخ موقع مصر كقائدة لحركات التحرر في العالم، كما سجل التاريخ بورسعيد كمدينة مقاومة..
وتآمرت فرنسا مع الكيان الصهيونى فأنشأت له المفاعل النووى نكاية في مصر وأصبح يمتلك 200 قنبلة نووية، ومن المفاجأت أن أمريكا التى اعترضت على العدوان وطالبت بانسحاب القوات المعتدية، إلا أن وثيقة اكتشفت مؤخرا تثبت بأنها وفرت الدعم اللوجيستى عن طريق الأسطول السادس في البحر المتوسط..
والذى فضح ايزنهاور هو قائد القوات الفرنسية في وثيقة عثر عليها، وكان ايزنهاور في معركة انتخابية وبالتالى خشى تأثير العدوان عليه، كما أن أمريكا كانت تخطط لتكون مكان بريطانيا في منطقة الشرق الأوسط. كل كلمة هنا ليست مجرد رأى ولكنها موثقة من خلال وثائق تحت يد الدكتور على الحفناوى، الوثائق الانجليزية والفرنسية، وهذا خير رد على البعض الذى يتحدث بدون معلومات أو مجرد عداء لثورة 23 يوليو أو لشخص جمال عبد الناصر..
عيد النصر، هو عيد صد الاعتداء من ثلاث دول على مصر، ويذكر اللواء طه المجدوب في كتابه عن حرب 56 أن جميع المعارك البرية في سيناء التى جرت مع العدو الصهيونى، كانت الغلبة فيها للقوات المصرية عكس ما يردد البعض..
أما الانسحاب فحدث حتى لا يتم محاصرة الجيش بين إسرائيل من جهة والإنجليز والفرنسين في ناحية القناة ومدن القناة، لقد أسقط إنتصار مصر الحكومات وغيرت خريطة العالم السياسية، وأصبح لأول مرة للأحرار والعرب وأفريقيا صوتا ومكانة عالميا بقيادة مصر وزعيمها جمال عبدالناصر، اليوم 23 من ديسمبر.. عيد النصر.. عيد العزة والبطولة.. تحية خاصة لأبناء بورسعيد.