بعد الانتخابات
بينما طغى اهتمام المصريين بحرب غزة، ومخاطر التهجير القسري للفلسطينيين إلى غزة على الاهتمام بالانتخابات الرئاسية خلال فترة الدعاية الانتخابية ، مما أفقد المنافسة الانتخابية السخونة، فإن هذه الحرب ومخاطرها وتداعياتها ربما تكون قد منحت الناخبين المصريين دافعا جديدا للمشاركة في عملية التصويت، والتى شهدت إقبالا ملحوظا في الساعات الأولى من أول أيام الانتخابات الثلاثة.
كما أن هذه الحرب أيضا أضافت سببا جديدا غير الأزمة الاقتصادية لما يترقبه المصريون بعد هذه الانتخابات.. فقد جاءت هذه الحرب بتحد أمنى جديد لبلدنا، لإصرار الإسرائيليين عمليا على تنفيذ خطتهم بالتخلص من فلسطينى غزة، وإخلاء القطاع من سكانه وتهجيرهم قسرا إلى سيناء..
وهكذا بينما كان المصريون قبل هذه الحرب الوحشية يترقبون ماذا سيحدث لهم اقتصاديا، فإنهم باتوا يترقبون ما يمكن أن يحدث لأمنهم القومى وأرضهم أيضا.
فقبل هذه الحرب كان هناك أحاديث متداولة يتردد فيها أن الإدارة المصرية أرجأت تخفيض الجنيه مجددا لما بعد انتخابات الرئاسة، وأنها سوف تقدم على اتخاذ إجراءات اقتصادية صعبة بعدها.. غير أن تغير نهج صندوق النقد الدولى تجاهنا مؤخرا من شأنه تخفيف هذا الترقب..
لأن الصندوق صار مهتما أكثر بمواجهة التضخم أكثر من مرونة سعر الصرف، وأضحى مستعدا لزيادة قرضه لنا، ودعم حصولنا على تمويل إضافى من خارجه، وهذا قد يهدأ من حالة الترقب الاقتصادى لعموم المصريين، وسوف يساعد في هذا الشأن بدء انخفاض معدل التضخم.
أما الهاجس الأمنى فالأغلب أنه سيكون هو المستأثر باهتمام المصريين خلال الأسابيع القادمة التى ستمتد فيها تلك الحرب، خاصة وأنه سوف يعقبها تدابير وترتيبات عديدة ستشارك فيها قوى دولية بالطبع..
وهكذا.. إذا كان المتنافسون في الانتخابات الرئاسية يهمهم الإقبال والمشاركة فيها من قبل الناخبين، فضلا بالطبع عن عدد الأصوات المؤيدةَ، فان الناخبين يهمهم أكثر ما ينتظرهم ما بعد الانتخابات، سواء على الصعيد الاقتصادى أو صعيد الأمن القومي المصري الذى يواجه الآن تهديدات من اتجاهات عديدة.