مجرد أمنيات
استوقفني عند نزولي من سيارتي وأنا أخذ العصا التي اتكئ عليها من يد إسلام السائق، إنه شاب في مقتبل العمر قدم نفسه باسم أسامة. سألني أسامة عدة أسئلة ثم جاء سؤاله الأخير: ما هي أمنيتك يا دكتور في 2024؟
وكان ردي على السؤال بدون تفكير.. أحد أمنياتي أن يتوقف قتل الأطفال والصغار الرضع في غزة، هذا المنظر البشع الذي لن يمحي من ذاكرة التاريخ، وخاصة لأني كما تعلم الأطفال هم تخصصي، حيث إني استاذ تخدير ورعاية مركزة للأطفال والصغار الرضع، ولذا علاقتي بالاطفال وعلاقة الاطفال بي وثيقة جدا، وأتمنى أن تنتهي مشكلة غزة على خير إن شاء الله.
أمنية أخرى، أن أرى كل أصدقائي وأحبابي وأهلي سواء خارج مصر أو داخلها بخير وسعادة، وأن الله يعطينا بعض من العمر حتي نستطيع مساعدة مصر في محنتها التي تمر بها الآن، وأدعوا من الله أن ينتشل بلدنا الحبيبة مصر من كبوتها الاقتصادية، والأخلاقية، والاجتماعية.
أمنية ثالثة، أن ربنا يفك أزمة السكر {وهو قادر على كل شيء}، حتى أستطيع شرب كباية الشاي الوحيدة التي أشربها في صباح كل يوم مع ملعقة ونصف من السكر كما تعودت من قبل، بدون تردد، وبدون كسوف، وبدون خوف من زوجتي جويس التي منعت عني تقريبا كل انواع الكربوهيدرات، بحجة مرض السكر اللعين الذي أصابني والذي سيفتك بي فتكا شنيعا إذا اخذت اكثر من نصف ملعقة، حتى تدوم علي نعمة الحياة، ورغد العيش، وبحبوحة الدنيا، ووفرة القناعة.
وأمنية أخيرة: أن أرى السيدة وزيرة الدولة للهجرة وشؤون المصريين في الخارج، أريد أن أراها خارج الوزارة، كما أريد أن أرى الوزارة بأكملها بما فيها من مساعدين السيدة الوزيرة، وسكرتارية السيدة الوزيرة، وموظفي وعمال السيدة الوزيرة، ورجال أمن السيدة الوزيرة، وحرس مبني السيدة الوزيرة، ومسؤولي تقديم الشاي والقهوة والحاجة الساقعة بتوع السيدة الوزيرة، أريد أن أراها خارج الحكومة.
كان أسامة ينصت لما أقوله بمنتهى التركيز وقال لي: ربنا يخليك لينا يا دكتور، أنت رمز يحتذى به دائما وأبدا، تحدث معي لمدة دقيقة أو اثنين، ثم عانقني وتركني وذهب لحال سبيله، نظرت إلي إسلام سائق سيارتي الذي اعتبره أحد ابنائي وشكرته، ثم دخلت المبنى المراد دخوله وانتهى الأمر.. وتحياتي واحترامي وتقديري لأخي الكريم اسامة الذي لا أعرفه ولم أتشرف به من قبل، كما تحياتي واحترامي للجميع.