رئيس التحرير
عصام كامل

حديث قلب

صبر محمود.. بلا حدود!

الناس في هذا العصر أشد احتياجا للصبر، فهو الحصن الحصين للتغلب على كل الشدائد التي تقابلنا في أمورنا الحياتية اليومية، ولو تحلينا بالصبر ابتغاء مرضاة الله وحده أصبح صبرا محمودا، وحينئذ تتحول المضرة إلى مسرة، والبلية إلى عطية، والداء إلى دواء! 

 

وقد تتعد صور الصبر بكل أنواعه وآدابه لكن صديقنا المفكر الإسلامي الأستاذ الدكتور عباس عزيز الدين شلتوت (٥٦ سنة )، والخبير بمصلحة الطب الشرعى بوزارة العدل قام بتجربة فريدة من نوعها في مجال الصدقة والبر.. 

 

إذ قام بتأليف كتاب قيم عنوانه الصبر المحمود، بعد تجربة شخصية أليمة ونشره إلكترونيا ليكون متاحا لأي إنسان منا أن يطبعه بلا ربح، ودون الحصول على إذن كتابي منه كمؤلف! فيشرح في كتابه الجديد الصبر بمعانيه المختلفة، ووجوده في الكتاب والسنة، ثم يختم دراسته الرائعة بمناجاة خاشعة مع نفسه..


يقول فيها: اعلمی یا نفس أن في الله تعالى عزاء من كل مصيبة، ودركا من كل فائت، وخلفا من كل هالك، فبالله فتقي، وإياه فارجي، ولا يتعلق قلبك بأحد غير الله، ولا تخشى أحدا غير الله، ولا تظهرى احتياجك لأحد غير الله فإن المصاب من حرم الثواب ورأس الصبر كتمان المصيبة!

 

 
أما عن دوافع وسر تأليف هذا الكتاب يقول الدكتور عباس عزيز شلتوت: لأن شقيقتي الكبرى قد أصيبت بمرض السرطان، ولم يتم اكتشافه إلا في غضون شهر مارس لعام 2019 م وأجريت لها تداخلات جراحية، وعلاج كيماوي، ولكن دون جدوي وتوفيت إلى رحمة الله -سبحانه وتعالى- في 19/ 8/ 2019 م، وحزنت عليها حزنا شديدا حتى كاد الحزن أن يتقلني فرحمني الله -سبحانه وتعالى- وألهمنى القيام بجمع وترتيب هذا الكتاب والحمد لله رب العالمين ولا حول ولا قوة إلا بالله العلى العظيم.

تعريف الصبر المحمود


وعن تعريفه للصبر المحمود الثبات على أحكام الكتاب والسنة.. ما الفرق بينه وبين الصبر العادي؟ فيقول: الصبر المحمود يكون لله وبالله، أما الصبر العادي فليس كذلك. وعن مدى إحتياج الناس لهذا الصبر؟ فيقول: الناس في أمس الحاجة لهذا الصبر. لأن الصبر ضياء، وما أعطى أحد عطاء خيرا وأوسع من الصبر، وأن الصبر من الإيمان بمنزلة الرأس من الجسد، وأن الصبر درع المؤمن وسلاحه الذي يتغلب به على الشدائد والمشاق.. 

 

وأن النصر مع الصبر، وأن بالصبر تتحول المحنة إلى منحة والمضرة إلى مسرة، والبلية إلى عطية والداء إلى دواء، وأن الصبر على البلاء يورث المؤمن الجنة، فمن أكرمه ربه ونجاه من النار وأدخله الجنة فقد نال غاية ما يطلب! 

 

ولذلك تجد الإنسان الصبور لو أذى من قبل الناس، لو سمع منهم ما يكره لو حصل منهم اعتداء عليه، تجده هادىء البال، لا يتصلب، ولا يغضب لأنه صابر على ما ابتلاه الله به، فلذلك تجد قلبه دائما مطمئنا، ونفسه مستريحة. يعيش المسلم صابرا محتسبا متحملا، لا يشكو ولا يتسخط، ولا يدفع المكروه بالمكروه، ولكن يدفع السيئة بالحسنة، ويعفو ويصبر ويغفر، ويتقن عمله وصنعته، ويحسن تربية أولاده ويحسن معاملة جميع الناس من يعرف ومن لا يعرف!


فأداء كل فريضة، وترك كل معصية لا يتم إلا بالصبر، فالصبر قوام الحياة كلها، وعليه تقوم سعادة الفرد والمجتمع. وعن المشاكل التي تترتب على عدم التزام الناس بالصبر يقول الأستاذ الدكتور عزيز الدين شلتوت: 

 

كثرة حالات الانتحار، وإنتشار الأمراض النفسية، والإدمان والفواحش وكثرة حالات الطلاق وتفكك الأسر وتشريد الأطفال وعقوق الوالدين، وقطع الأرحام، وسوء العلاقات بين الجيران كثرة حوادث المرور، وجرائم القتل والإرهاب كثرة المظاهرات وتعطيل مصالح الناس عدم إتقان العمل والصناعات، وقلة جودة المحاصيل الزراعية وتدنى المستوى الأخلاقي والاقتصادي للمجتمع.

 


سبحانك اللهم ربنا وبحمدك، اللهم اغفر لي، وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.. هذا دعاء المؤلف في نهاية كتابه الصبر المحمود..

الجريدة الرسمية