هنا في قاع المحيط
إذا استطلعت رأي مجموعة من الناس، هنا أو هناك أو في أي مكان، وسألتهم عن الشعور المسيطر عليهم هذه الأيام، ربما لن تخرج إجابة 9 من كل عشرة منهم عن الشعور بالعجز. أنا هنا في القاهرة، وهنالك في غزة أطفال تسفك دمائهم وشعب على شفا حفرة من التهجير قسرا للإبعاد عن وطنه، وقضية تغتال.. ولا شيء في يدي، فالعجز سيد الموقف.
إن الشعور بالعجز يشكل تجربة قاسية ومؤلمة تجعل الواحد من يشعر بالقيود وعدم القدرة على التأثير في الأحداث والتغيير في الواقع الذي يحيط به. إنها حالة نفسية تمنع الشخص من القيام بما يرغب فيه وتحقيق ما يعتقد أنه مهم.
يشبه الشعور بالعجز أن يكون الشخص مكبلًا بالأثقال وملقى في قاع المحيط العميق، حيث تعب من الحركة، بينما التحرك في الاتجاه المطلوب يتطلب مجهودًا هائلًا.
عندما نشعر بالعجز، يكون هناك مواجه بين الرغبة في التغيير وتحقيق الأهداف وبين الواقع الذي يعرقل تحقيق تلك الأهداف. فمن الصعب جدًا أن تتصرف وتبدي تفاعلًا قويًا عندما تشعر بأنك غارق في بحر من القيود والتحديات. تحاول بكل قوتك أن تحرر نفسك وتطفو، ولكن العوائق المحيطة بك تمنعك من ذلك.
ومع ذلك، يجب أن نفهم أن الشعور بالعجز ليس نهاية القصة. فعلى الرغم من الصعوبات والتحديات، يمكننا العمل على تغيير الأمور وتحقيق التأثير الإيجابي في العالم المحيط بنا. إن القدرة على التكيف والتغيير والتحلي بالصبر والعزيمة تلعب دورًا حاسمًا في التغلب على الشعور بالعجز.
مواجهة التحديات
قد يكون من الصعب أن تبدي غضبك أو أن تبكي على ما يحدث حولك عندما تشعر بالعجز. ومع ذلك، يجب أن نتذكر أن هذه الردود العاطفية لا تعكس ضعفنا، بل هي تعبير عن الألم والتعاطف والإنسانية في ظل الظروف الصعبة. يمكن أن تكون هذه الردود العاطفية بمثابة بوصلة توجهنا نحو تحقيق التغيير والعمل على إحداث فرق في العالم.
عندما نشعر بالعجز يمكننا أن نحاول تغيير الأمور في نطاق صغير من حولنا. يمكن أن نكون عاملين إيجابيين في حياة الآخرين، ونساهم في تعزيز العدالة والمساواة، ونعمل على نشر الوعي وتوعية الآخرين بالقضايا المهمة.
قد لا يكون لدينا القدرة على حل كل المشاكل وإحداث تغيير جذري في العالم، ولكن يمكننا أن نبدأ بالتأثير فيما هو متاح لنا. يمكن أن تكون الأفكار الصغيرة والأفعال البسيطة لها تأثير كبير على المجتمع المحيط بنا.
بل يمكن أن يكون الشعور بالعجز دافعًا للبحث عن الدعم والمساعدة من الآخرين. قد يكون هناك أشخاص يمرون بتجارب مماثلة ويمكنهم تقديم الدعم والمشورة.
يجب أن نحرص على الاهتمام بصحتنا العقلية والجسدية أثناء التعامل مع الشعور بالعجز. يمكن أن يكون من المفيد الصلاة وممارسة التأمل والأنشطة البدنية لتخفيف التوتر وتعزيز العافية العامة. كما يمكن أن تكون الاستشارة النفسية أو المشورة العاطفية ذات فائدة كبيرة للتعامل مع الشعور بالعجز.
في النهاية، يجب أن نتذكر أن الشعور بالعجز ليس شعورًا دائمًا.. الحياة مليئة بالتحديات والصعوبات، ولكنها تمنحنا أيضًا فرصًا للنمو والتغيير. من خلال العمل على تحقيق التأثير الإيجابي في حياتنا وحياة الآخرين..
يمكننا تحويل الشعور بالعجز إلى شعور بالقوة والتحفيز. علينا أن نستخدم هذا الشعور كدافع للنهوض والتغيير، وأن نؤمن بأننا قادرون على تحقيق الأمور التي نرغب فيها بالرغم من التحديات التي نواجهها.