حرب الشوارع مقبرة إسرائيل في غزة
ربما تشهد الأيام المقبلة نفس سيناريو حرب الشوارع في غزة، ولأن المقاومة أدرى بشعاب غزة فقد قامت باستدراج الجيش النظامي لتلك المعركة، وربما كان تكتيك الأنفاق ما هو إلا لإطالة أمد المعركة وإرباك العدو بحيث يجعلونه وكأنه يقوم بمعركتين في وقت واحد..
أي أنه يقوم بمعركة ضد أنفاق أغلبها مموهة ووهمية بالاضافة إلى حرب الشوارع والأزقة. ومن استراتجيات المقاومة في غزة هو تسهيل دخول المدرعات والدبابات للقضاء عليها في حرب الشوارع.
وقتلى الغزاة سيكون بالمئات في غضون أسبوع وسوف ينسحبون ويطلبون وقف إطلاق النار. وفي جميع الأحوال ستنتصر المقاومة في غزة، حيث أنه في هذه الحروب يتفوق فيها الفرد صاحب العقيدة والتدريب الممتاز علما بأنه يوجد 40 ألف مقاتل لحماس تحت الأنفاق..
هؤلاء ينتظرون معارك حرب الشوارع وتكتيكاتها في غزة هي كر وفر مما أوهم الكيان الصهيوني أنه يحقق نصر.. مجرد أخذ صور.. لم يتحرر أسير واحد منذ بداية الحرب، فدخول جيش نظامي بسلاح طيران تهابه المنطقة مدعوم من جميع نازيين أوروبا ومن أمريكا بعد 34 يوم من الفشل أمام فرق مقاومة تعتمد على حرب الشوارع إلي شمال القطاع لا يُعد انتصار أبدًا كما أن المقاومة لا زالت تستبسل وتقاوم حتي هذه اللحظة..
حروب الشوارع وقوة الشعب
ليس مهم التقدم والتمركز المهم الثبات والسيطرة دون خسائر جسيمة وعند حرب المدن تتوقف فعالية الطيران بنسبه 90 بالمائة وتتوقف الدروع (الدبابات والدروع المحصنة التي يتحصن داخلها الجنود)
وتعد حروب الشوارع ضمن الأكثر تعقيدا وشراسة، وغالبا ما تطول مدتها فيستنزف الطرف المهاجم من قبل مجموعات قتالية صغيرة تستهدف قوافله ودباباته أثناء تقدمها وتقطع عنه خطوط الإمداد.
وعلى مر الزمن، شهد العالم أمثلة كثيرة على حروب الشوارع في مختلف بقاع الأرض. وتتعدد الأمثلة على حروب الشوارع في العقود الأخيرة، ومنها معركة الفلوجة الأولى، التي آلت إلى فشل القوات الأمريكية في اقتحام المدينة العراقية عام 2004 بعد نحو شهر من القتال، ولم تتمكن من السيطرة عليها حتى حرب الفلوجة الثانية بعد عدة أشهر.
خلال المعركة، تمكن المقاتلون المتحصنون في المدينة من إرباك القوات الأمريكية باستخدام أسلحة بسيطة وأساليب حرب العصابات، فألحقوا خسائر جسيمة بالجانب الأمريكي بأسلحته المتطورة، مما أدى إلى قصف عنيف وعشوائي للمدينة.
ولعل أبرز هذه الحروب أيضا، معركة ستالينغراد الشهيرة، التي وقعت في مدينة فولغوغراد الروسية (ستالينغراد سابقا). استمرت المعركة نحو 6 أشهر وأسفرت عن هزيمة قوات ألمانيا النازية أمام قوات الاتحاد السوفيتي السابق المدافعة عن المدينة خلال الحرب العالمية الثانية.
ويصف المحللون والخبراء العسكريون معركة ستالينغراد بالمحورية والمفصلية في هزيمة ألمانيا بالحرب العالمية الثانية. وفي الموصل، بعد حصار تنظيم الدولة الإسلامية داخل المدينة، تطلب إنهاء المعركة قوات كبيرة تصل إلى نحو 100 ألف جندي حول المدينة.
وفي النهاية، لم يكن التغلب على التنظيم أمرا سهلا. وتعرضت مدن أوكرانية، كمدينة ماريوبل على سبيل المثال، لقصف عنيف خلال الغزو الروسي الذي دمر الأبنية والبنية التحتية في المدينة. ولم يستطع الجيش الروسي اقتحامها بالدبابات، فحولها إلى أنقاض..
ومثل هذا الأسلوب جاء بماو تسي تونج إلى السلطة في الصين، ومكن الفيتناميين من هزيمة الأمريكان رغم الفارق الهائل بين الجانبين، وإتبع فيدل كاسترو ورفاقه هذه الطريقة ضد السلطة الباطشة حتى دان لهم حكم كوبا، وأدت إلى اضطرابات في كثير من الدول الفقيرة بأمريكا اللاتينية.
وقد اتبع حزب الله هذا الأسلوب في الحرب التي وقعت بينه وبين إسرائيل في صيف عام 2006، حيث كان مقاتلوه يراقبون عدوهم جيدًا عبر الأنفاق والمخابئ، فيما لا يتسنى له رؤيتهم أو تحديد أماكنهم، ومارس الحزب أسلوب حرب العصابات بنجاح باهر..
واستخدم أرض المعركة بشكلٍ جيدٍ، فحاصر قوات الإحتلال الإسرائيلي في أكثر من موقع، وأوقع في صفوفهم خسائر جسيمة. ويعد كتاب تشي جيفارا عن حرب العصابات، هو أهم ما كتب في هذا الشأن، حيث وضع فيه خلاصة تجربته المريرة والمثيرة. في إمكانية كسب الحروب ضد الجيوش النظامية؛ لأنها تستمد قوتها من قوة الشعب.