هل يستجيب الأمريكي لإنذار حسن نصرالله؟!
دخلت الحرب على غزة أسبوعها الخامس، ولا صوت يعلو فوق صوت المعركة، وبالطبع لا يمكن الكتابة بعيدًا عن القضية الفلسطينية، وبصفة خاصة عن المقاومة البطلة والشجاعة، وهنا يحضر بطل المقاومة سماحة السيد حسن نصر الله الذي انتظر العالم أجمع ما يقرب من شهر حتى يخرج ليعلن موقفه..
ومنذ اليوم الأول للإعلان عن خطابه المرتقب والعالم يقف على قدم وساق واحدة في انتظار كلمته، التي أذيعت يوم الجمعة الثالث من نوفمبر (تشرين أول) حيث ظهر السيد حسن نصرالله في فيديو عبارة عن ثوان قليلة بني عليها نتائج كبيرة يخطو فيه بضع خطوات خلفه شعار الحزب وراية المقاومة.
حيث انهالت التحليلات والتأويلات عبر كل وسائل الإعلام ومنصات التواصل الاجتماعي، بما فيها وسائل إعلام العدو، الذي استعان بخبراء ومحللين لتحليل حركة السيد حسن نصرالله وخطواته ونظرته الرامية للأمام، ومن ثم دخوله غرفة مجهولة زارعًا الرعب في أوساط الشارع الإسرائيلي..
وقد اعتاد حزب الله على هذا النوع من الحرب النفسية، ولأن السيد حسن نصرالله يتمتع بمصداقية عالية ليس فقط عند البيئة الحاضنة للمقاومة، ولكن أيضا عند الجمهور الإسرائيلي، حيث تحدث الإعلام العبري في بداية عملية طوفان الأقصى، بأن لحظة ظهور السيد حسن نصرالله على شاشات التلفزة ستكون بمثابة يوم القيامة عند الإسرائيليين.
رسائل السيد حسن نصرالله
وجاء خطاب السيد حسن نصرالله مخالفًا لما اعتقده البعض، حيث أنه بداية طالب العالم بتحمل مسؤولياته، والحكومات العربية والإسلامية ببذل كل الجهود لفرض وقف العدوان على غزة قائلا: "لا يكفي التنديد والاستنكار والشجب والرفض اقطعوا العلاقات واسحبو السفراء لا يكفي أن نخطب وفي نفس الوقت نرسل النفط والغاز والمواد الغذائية لإسرائيل".
وأكد السيد حسن نصرالله على أن المقاومة اللبنانية دخلت المعركة منذ اليوم الثاني للعملية ليحسم بذلك موقف حزب الله من عملية طوفان الأقصى التي "أكد أن قرارها كان فلسطينيًا خالصًا ولم يعلم بها أحد من محور المقاومة قبل بدء انطلاقها، وبمجرد العلم بدأت المشاركة من مزارع شبعة وتلال كفر شوبا وامتدت إلى كامل الحدود اللبنانية مع فلسطين المحتلة "، وأكد السيد “أن ما يجري على الحدود اللبنانية مهم جدًا وغير مسبوق بالنسبة للكيان، ولم يحصل حتى في حرب تموز”.
وأشار السيد حسن نصرالله إلى أن “نتائج ما قمنا به من عمليات يومية أجبرت العدو على أن يبقي قواته عند شمال فلسطين، لا بل أن يضيف إليها بعض قوات النخبة، وهذه القوات كانت ستسخر للهجوم على غزة، والجبهة اللبنانية استطاعت جذبها باتجاه حدودنا، ثلث الجيش الإسرائيلي موجود على الحدود مع لبنان، ونصف القدرات البحرية الإسرائيلية الآن موجودة في البحر المتوسط مقابلنا ومقابل حيفا، وربع القوات الجوية مسخرة باتجاه لبنان، وما يقارب نصف الدفاع الصاروخي (القبة الحديدية والصاروخية ) والباتريوت موجهة باتجاه جبهة لبنان، وقرب الثلث من القوات اللوجستية موجهة باتجاه لبنان، وهذه أرقام صحيحة ودقيقة”.
وأكد سماحة السيد حسن نصرالله على "الأبعاد الاستراتيجية لما يجري وانعكاس ذلك على دول الجوار وبخاصة مصر والأردن والمخاطر التي تتهددهما في حالة انتصار العدو"، وأشاد وبارك "دور مجاهدو اليمن والعراق بالانخراط في المعركة"، وختم بموقف المقاومة المنتظر من الصراع بأنه "خاضع لتطورات الميدان، وأن آفاقه مفتوحة على كافة الخيارات"..
وكانت الرسالة الأهم موجهة للعدو الأمريكي الوحيد الذي يملك إيقاف عدوان الآلة العسكرية الصهيونية على غزة "إن حاملات طائراتكم وبوارجكم وتهديداتكم وانذاراتكم لن تخيفنا ولن تغير من موقفنا، فقد أعددنا العدة المناسبة، وكل الخيارات مفتوحة، وكذلك الغموض الإيجابي، والأبواب مفتوحة على كافة الاحتمالات إذا ما اقتضى الأمر، الأمور مرهونة بوقف العدوان على غزة، وغير ذلك فإننا سنكون حاضرين بكل ما نملك".
ردود الافعال على خطاب نصرالله
وقد تباينت ردود الأفعال حول خطاب السيد حسن نصرالله بين مؤيد ومعارض، وانطلقت أبواق الصهيونية العربية التي تعمل بالوكالة لدى إسرائيل، وراح البعض إلى حد التخوين واتهام الحزب بالهروب والاستسلام، بينما رأى البعض بأن الحكم على خطاب السيد حسن نصرالله لا يؤخذ من خلال العامة فلا تبنى القرارات الكبرى خاصة في إعلان حرب قد تكون شاملة وتعيد رسم خرائط وقد تكون مدمرة من خلال حماسة الناس..
وأن قرار الحرب يجب أن يؤخذ حسب المعطيات الملائمة، كما رأى البعض خطاب السيد شفافًا ومتوازنًا ومتفهمًا، فيما راحت بعض التأويلات إلى أن الخطاب عدل في آخر لحظة لأن هناك شيئا يحضر للمنطقة..
وهناك تلمس لبعض المفاوضات من خلال لقاءات بين الوزير الإيراني مع نظيره القطري، ولقاء وزير الخارجية الأميركي مع خمس وزراء عرب، وهذا يتطلب عدم تصعيد الموقف إلى حرب كبرى..
أما رأيي الشخصي فأن خطاب السيد حسن نصرالله أعطى بعض الإشارات والرسائل بالتأكيد فهمها وتلقفها الأميركي والإسرائيلي، وسوف يعمل لها ألف حساب، خاصة وأنهم يعلمون جيدًا أن سماحة السيد لا يتحدث باسم المقاومة اللبنانية فحسب، بل هو المتحدث الرسمي باسم محور المقاومة ككل، والذي يمتلك الآن قدرات بإمكانها الإضرار البالغ بالمصالح الأمريكية بالمنطقة..
لذلك سيحاول العدو الأمريكي الخروج من هذا المستنقع حتى لا تتدحرج الأمور نحو حرب إقليمية، وسوف يجبر العدو الصهيوني على وقف العدوان على غزة والذهاب لعملية تفاوضية مع المقاومة، التي أعلنت انتصارها منذ اليوم الأول لعملية طوفان الأقصى، اللهم بلغت اللهم فاشهد.