رئيس التحرير
عصام كامل

من هو الأعظم فى ملكوت الله؟!

 ربما كانت هذه المباحثة نتيجة لاختبار السيد المسيح ثلاثة من تلاميذه لمرافقته على الجبل، وربما كانت أيضًا لأن بطرس الرسول امتدح المسيح إيمانه أمام التلاميذ ففهم أنه من المقربين. لذلك أراد يسوع المسيح أن يبين لتلاميذه الفرق العظيم بين ملكوته السماوى وبين ممالك العالم بقوله "إن لم ترجعوا وتصيروا مثل الأولاد فلن تدخلوا ملكوت السموات".. 

 

فإن ممالك العالم يسودها الحسد والغيرة والدسائس والاحتيال والشراهة والرشوة والوسائل المحرمة على اختلاف أنواعها التي سببت شقاء العالم، وكلما ارتقى المرء في حياة العلم كلما لمس هذه العيوب فى المجتمع العالمى، أما ملكوت المسيح فعلى عكس ذلك لن يكون أهلًا للدخول فيه سوى من له روح البساطة كالأطفال، وروح القناعة والنزاهة والطهارة.. 

 

ما أسمى مستوى الأولاد في نظر المسيح إذ جعلهم نموذجًا لمن يريد الدخول في ملكوته، لذلك أصبح الاعتناء بتربيتهم روحيًا وعقليًا وجسديًا من أهم الواجبات على الدولة والمجتمع المدني والأسرة والكنيسة.. 

 

أنظر إذا ما دخل الإنجيل المقدس أو التعليم الروحى في ربوع الأرض كانت أولى الثمرات هى عمل مدرسة أحد فى كل مكان لمعرفة الله، وبذلك تغير وجه التاريخ لأن الولد الصالح يخرج الصلاح.. إن المسيح قد جاء لكى يطلب ويخلص البسطاء والمتواضعين المعترفين بخطاياهم وبذنوبهم الكثيرة، لأن الماكرين المتكبرين غير الشاعرين بحاجتهم إليه يحتقرون أولئك الصغار البسطاء ويلومون المهتمين بتهذيبهم "يقول تاريخ الكنيسة إن الولد الذى أقامه السيد المسيح في الوسط هو أغناطيوس الشهيد" 

 

أن حياة البساطة تحتاج إلى رجوع عن الطريق الخاطئ الذى يسير فيه.. لتبدأ وتصير جديدًا مثل الأولاد، فالولد يحس بأنه صغير بالنسبة للكبار وهو في تواضعه هادئ وجميل، لأن جمال الولد في اتضاعه ويزيده جمالًا أنه لا يشعر بهذا الاتضاع فهو متواضع بغير جهد ولا تكلف.

 


إن العظمة التى ينالها المتواضع كائنة في نفس المتواضع فالرب يقول من وضع نفسه فهو الأعظم في ملكوت السموات، كأن الاتضاع نفسه هو العظمة بذاتها، فمن الخطأ أن يتضع الإنسان حبًا في العظمة وإلا أصبحت مرضًا خطيرًا يسمى بكبرياء المتواضع من قبل أحد هؤلاء بأسمى فمكافأته أنه يقبل المسيح له المجد.

الجريدة الرسمية