الضرائب والاستثمار والمعادلة الذهبية
يعكس خبراء الضرائب والاستثمار صورة قاتمة حول التأثيرات السلبية للمعاملات الضريبية الحالية لمختلف الأنشطة الاستثمارية فى ضوء التعديلات الكثيرة التى طرأت على قانون الضرائب العامة على الدخل رقم 91 لسنة 2005 والتى بلغت نحو 41 تعديلا تشريعيا خلال السنوات الماضية أسفرت فى مجملها عن فقد القانون لأهداف هامة كانت مبتغى لإصدار هذا القانون.
وفى مقدمتها تيسير المعاملات الضريبية والحد من النزاعات التى تنشأ خلال التطبيق والتقدير الذاتي للضريبة بواسطة الممول ووكيلة القانونى، مع نقل المسئولية القانونية عما يتضمنه الإقرار الضريبى من بيانات إلى المحاسب القانونى المعتمد للإقرار، وكذا خفض أسعار الضريبة من 40% إلى 20%، وفى المقابل التوسع في عمليات حصر المجتمع الضريبى، وضم الاقتصاد الموازى تحت مظلة الشرعية القانونية.
وإتباع آليات متطورة لمحاصرة حالات التهرب الضريبى، وضمان تحقيق حصيلة ضريبية عادلة تدعم جهود الدولة لتحسين مناخ الاستثمار المحلى.. إلا أن كثافة التعديلات التشريعية التى طرأت على القانون خلال سنوات التطبيق التى بلغت نحو 23 سنة، ذهبت بمعظم هذه الأهداف العظيمة أدراج الرياح وباتت المعاملة الضريبية حاليا وما يكتنفها من عدم وضوح إحدى أهم العقبات التى أثرت سلبا على مناخ الاستثمار.
أحد خبراء الضرائب يوضح أسباب ذلك فيقول: إن القانون استهدف خفض أسعار الضريبة لتحقيق المنافسة في مجالات جذب الاستثمارات الجديدة لتصعد بسعر الضريبة من 20% الى 22,5% ثم 27,5%، ثم 30%..
المعادلة الذهبية للضرائب
ويضيف أن القانون استهدف تيسير المعاملات الضريبية بتطبيق التقدير الذاتي للضريبة، بواسطة الممول ووكيلة المحاسب القانونى المعتمد، مع تحملهما المسئولية القانونية عن بيانات اقراراتهم بهدف إنهاء أزمة التقديرات الجزافية للضريبة، وما يتبعها من إهدار للبيانات المقدمة من الممول والعودة..
لكن التعديلات التشريعية وملحقاتها من تعليمات تنفيذية وتفسيرية تصدرها الإدارة الضريبية تباعا قضت على كل تلك الأهداف والآليات العصرية المعمول بها فى كل الدول المتقدمة، فكانت النتيجة أمام المستثمر هى عدم وضوح المعاملة الضريبية لمشروعاته سواء القائمة أو المستقبلية، ودفعت بالبعض إلى البحث عن بيئة استثمارية أفضل لمشروعاته الجديدة وتوسعاته لمشروعاته القائمة.
ليجد ضالته فى دول مجاورة تقدم للمستثمر تيسيرات متنوعة، ولم يعد حاجز السوق الواسع لديها مشكلة فى ظل تطورات حركة التجارة الدولية. ويختم أحد خبراء تأسيس شركات الاستثمار موضحا أن أحد الأهداف الاساسية لمناخ الاستثمار الجاذب للتدفقات الاستثمارية الجديدة هو توافر معاملة ضريبية تتسم بالوضوح والشفافية والاستقرار لفترة زمنية مناسبة ولتكن خمس سنوات مثلا..
ويتساءل كيف يتحقق هذا فى ظل كثافة التعديلات التشريعية التى تتم خلال فترات قصيرة جدا مما أدى لوجود نحو خمس نسخ ل قانون الضرائب مطالب ان يتعامل معها المشروع خلال عمليات الفحص الضريبى لفترة ضريبية واحدة.. وكيف يعد الراغب في الاستثمار دراسات الجدوى الاقتصادية لتوسعاته الاستثمارية الجديدة ؟!
الأمر يحتاج مراجعة تشريعية عاجلة.. إحالة قانون الضرائب الحالى للمعاش وإصدار تشريع ضريبى بسعر ضريبى منافس واجراءات مبسطة، بالاستفادة بقانون الإجراءات الضريبية الصادر مؤخرا واتباع آليات محكمة لحصر المجتمع الضريبى ومكافحة التهرب، بالاستفادة بأليات الميكنة الحديثة والإهتمام أكثر بتدريب وتحسين أجور كوادر الإدارة الضريبية لتتحقق المعادلة الذهبية لضرائب عادلة وتنافسية وجاذبة للاستثمار.