.. ولم يجدوا له كفنا
كتب على الأم الفلسطينية أن تكون في الصف الأول في المواجهة أمام عدو نازى منذ أن كانت طفلة إلى أن أصبحت أما، امرأة قوية، لا تهاب الرصاص إذ تدرك بغريزة المقاومة أنه قد كتب عليها أن تحمل مرتين، مرة أن تحمل وتلد ومرة أن تحمل ما ولدته إلى القبر. أم تختزل قوة وصلابة العالم.
فهى تتحمل فقدان الأب تارة والزوج تارة والابن تارة ثالثة، أو كلهم جميعا في توقيت واحد. وبالرغم مما تعيشه فإنها لم تفقد الأمل لحظة واحدة بأن كل هذا سوف ينتهى ويبزغ الفجر ويستردون أراضيهم، فالتركيبة النفسية للمرأة الفلسطينية فريدة بكل المقاييس ولن توفيها الكلمات حقها إذ تعكس صلابتها وقدرتها على التجدد وقوة الأمل بداخلها.
صمود المرأة الفلسطينية
الصغار والكبار يعرفون تلك التركيبة عندما نرى على الشاشات أطفالا يحملون الحجارة ويقفون أمام دبابات العدو المغتصب لا يهابون شيئا، بل تتعجب من الجرأة والشجاعة تلك التى يتحلى بهما طفل يحمل حجرا بيده أمام دبابة بها جنود العدو الجبان المغتصب يريد فناءهم كما تمنت يوما جولدا مائير رئيسة الحكومة الإسرائيلية.
إنها أم مدهشة لا تهاب أصوات القصف ولا فرضت عليها طبيعتها كأنثى يوما أن تخاف أو تشعر بخطورة ما تعيشه من أهوال أو تجبرها الظروف على ترك كل هذا والعيش والهجرة إلى أرض أخرى بعيدة عن الحرب ولكن الذى يحدث هو العكس تماما، زادت صلابتها وزاد ايمانها وزاد تمسكها بأرضها وزادت رغبتها للإنجاب والنضال من أجل استرداد الحق وإنجاب جيل يدافع عن الحق ويعلم العالم درسا في الشجاعة التى ربما لن يتحلى بها رجال.
ولم تسأل المرأة الفلسطينية يوما عندما تحمل وتنجب هل سيعيش ابنها أو ابنتها فهى تعلم علم اليقين أن احتمالات موته أكثر بكثر من احتمال أن يعيش لها.
فالنصر والعزة للمرأة والأم الفلسطينية التى تعطي العالم درسًا مهما في الحياة، واللعنة على العدو الجبان المغتصب الذى يعلم أنه يختبي وراء أسلحة ويمتلئ صدره بالرعب عندما يرى أطفالا بأيدهم حجارة وتعلو أصواتهم في وجهه.
إن مشهد الأكفان البيضاء على مرمى البصر للأطفال والآباء والأمهات يحطم قلب الحجر ولم يحطم قلب البشر في الغرب الذى يدعي دفاعه عن الكرامة الإنسانية وحقوق الإنسان.. تحية للأم الفلسطينية في صمودها وتضحيتها واللعنة على ضمير البشرية الميت.