الرئيس السيسي نبض مصر الصادق تجاه غزة والعالم
عندما استمعت لكلمة الرئيس السيسي في حفل تخريج دفعات جديدة من الأكاديمية العسكرية بالكلية الحربية عن غزة شعرت بالفخر والسعادة، وبأنه عبر بكل دقة عما يجيش بداخلي –وأظن بداخل الكثير من الوطنيين باستثناء الإخوان الإرهابيين ومن شايعهم- تجاه قضية غزة وشعبها الأبي الأصيل الصامد البطل..
فقد قال سيادته نصا: " وأؤكد بشكل واضح، أن سعى مصر للسلام، واعتباره خيارها الاستراتيجي، يحتم عليها ألا تترك الأشقاء في فلسطين الغالية، وأن نحافظ على مقدرات الشعب الفلسطيني الشقيق، وتأمين حصوله على حقوقه الشرعية.. فهذا هو موقفنا الثابت والراسخ، وليس بقرار نتخذه، بل هو عقيدة كامنة في نفوسنا وضمائرنا"..
ثم أعاد التأكيد على أن مصر في صدارة الدفاع عن الأمة العربية وقدمت الدماء والتضحيات وكل ما تملك من أجل العرب، والتاريخ يشهد على ذلك، منوهًا بأن الوقوف بجانب شعب فلسطين هو مبدأ مصر لم تحيد عنه منذ العام 1948.
كما تحدث الرئيس عن الوساطة المصرية بكافة الإمكانيات، وضرورة إدخال المساعدات، ودعم صمود أبناء غزة أمام قطع المياه والكهرباء ومحاولة تجويعهم، بجانب المطالبة بأقصى درجات ضبط النفس وإخراج المدنيين ولاسيما الأطفال والنساء من دائرة الانتقام الغاشم والعودة فورًا للمسار التفاوضي، مع ضرورة إعلاء صوت العقل والوقف الفوري للاعتداء الغاشم من قبل جيش الاحتلال.
وحذر من تهجير الفلسطينيين من أرضهم والبحث عن وطن بديل لهم من أجل إنهاء القضية الفلسطينية والتخلص من حل الدولتين وترك أرض فلسطين كاملة لإسرائيل، منبهًا بأن هذه الأفكار التي تسعى إليها إسرائيل ستؤدي إلى انفجار الأوضاع بالمنطقة، كما ستؤدى إلى حالة من عدم الاستقرار ليس فقط بالشرق الأوسط بل ستمتد إلى الغرب الذي يتبع سياسة ازدواجية المعايير في التعامل مع الملف الفلسطيني.
واختتم بأن شعب فلسطين شعب وطني صامد ولن يترك أرضه ووطنه، ومصمم على الحصول على حقوقه كاملة، ومن يراهن على غير ذلك فهو خاسر.
الدور المصري
هذا الذي ذكره الرئيس السيسي هو موقف مصر وتلك رسائلها التي سينحني العالم خاضعا لها، وسينفذ ما تقدمت به مصر من العودة لحل الدولتين الذي يقوم على تراجع العرب عن مطلب تحرير كامل فلسطين وعن حل الدولة الواحدة، ويقوم هذا الحل على أساس دولتين في فلسطين التاريخية تعيشان جنبا إلى جنب، هما دولة فلسطين إلى جانب دولة إسرائيل، وهو ما تم إقراره في قرار مجلس الأمن 242 بعد حرب 1967 وسيطرة إسرائيل على باقي أراضي فلسطين التاريخية.
اعتمد بعض الفلسطينيين هذه المبادئ في عام 1974 بالبرنامج المرحلي للمجلس الوطني الفلسطيني، والذي عارضته بعض الفصائل الفلسطينية وقتها، حيث شكلت ما يعرف بجبهة الرفض. أصبحت فيما بعد مرجعية المفاوضات في اتفاق أوسلو عام 1993 بين منظمة التحرير الفلسطينية وإسرائيل.
وستقوم مصر بدورها البارز في التوصل لذلك الحل وستكون دائما هي البؤرة المحورية للمنطقة رغم محاولات البعض في الفترة التي سبقت يوم 7 أكتوبر 2023 تقزيم دورها وتهميشها، فنجد أمريكا ترفض إرسال المعونة المقررة لاتفاقية السلام، وظن الجميع أن الأسد مرض ولن يقوم، ولكن ها هو الأسد المصري يعلن عن وجوده بقوة، وبدأت القوى العالمية تخاطبه في تأدب للتدخل لحل الأزمة..
فنجد بايدن يخاطب السيسي ويطلب منه المساعدة في الحل، ويتفق معه في رفض إحلال إسرائيل لغزة!، كما يتفق على لقاء بالأردن بحضور العاهل الأردني الملك عبد الله الثاني ورئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس، لبحث الحرب على غزّة، وقد تم إلغاء القمة بعد التشاور مع مصر والفلسطينيين حتى يتم إيقاف الحرب على غزة أولا وضمان وصول المساعدات للشعب الفلسطيني.
وقد اتفق ملك الأردن مع مصر في التحذير من محاولة تهجير أهل غزة لمصر أو الأردن، وقد حذر السيسي من نزوح أهل غزة عن وطنهم، إذ أن ترك الفلسطينيين لأرضهم يعني القضاء على القضية الفلسطينية وهو ما تسعى إليه بعض أطراف الآن، منبهًا بأن إنهاء السلام واستمرار التصعيد سيؤدي إلى صراعات صفرية، أي لا منتصر فيها ولا مهزوم، والنتيجة مزيد من العنف سيؤدي إلى عدم الاستقرار بالمنطقة بل بالعالم أجمع.
وشدد الرئيس على أن التعاطف مع الأشقاء يحتاج إلى إعمال العقل حتى نصل إلى سلام عادل، ولن يضمن هذا السلام والوصول إلى الحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني سوى بقاء الفلسطينيين داخل أرضهم دفاعًا عنها وعن الأمل في إقامة الدولة المستقلة وأي شيء غير ذلك يعني تصفية القضية وهو ما ترفضه مصر.