الرفاعي.. بطل شهيد من بلادي
كل عام وحضراتكم بخير والشعب المصري والعربي بعزة وكرامة ومجد وفخر بيوم النصر العظيم، يوم السادس من أكتوبر 1973 الموافق العاشر من رمضان 1393 هجريا، الذي تحقق فيه على يد أبطالنا وبدمائهم الزكية نصر عظيم على الكيان الصهيوني المغتصب، الذي تم دحره وهزيمته شر هزيمة، وطرده من سيناء في حرب مقدسة وعظيمة خططها وقادها الرئيس القائد الراحل محمد أنور السادات، ومعه القادة المخلصين، وخاضها جنود مصر البواسل، وبمساندة الشعب المصري.
وأحب أن أقدم في هذه العجالة نموذجا من أطهر وأشرف وأكرم وأعظم رجال وطني الأبرار، وهو الشهيد إبراهيم السيد محمد إبراهيم الرفاعي الذي استشهد يوم الجمعة 19 أكتوبر 1973، وكان قائد المجموعة 39 قتال صاعقة في حرب أكتوبر.
التحق إبراهيم الرفاعي بالكلية الحربية عام 1951 وتخرج 1954، وانضم عقب تخرجه إلى سلاح المشاة، وكان ضمن أول فرقة قوات الصاعقة المصرية في منطقة أبو عجيلة ولفت الأنظار بشدة خلال مراحل التدريب لشجاعته وجرأته منقطعة النظير. وأظهر مهارات خاصة في القتال خلف خطوط العدو، وشارك في حرب اليمن ونال ترقية استثنائية تقديرًا للأعمال التي قام بها في الميدان اليمني.
أسطورة إبراهيم الرفاعي
بعد معارك 1967 وفي يوم 5 أغسطس 1968 بدأت قيادة القوات المسلحة في تشكيل مجموعة صغيرة للقيام ببعض العمليات الخاصة في سيناء، وبأمر من مدير إدارة المخابرات الحربية اللواء محمد أحمد صادق وقع الاختيار على إبراهيم الرفاعي لقيادة هذه المجموعة، فنجح بشدة في تكبيد العدو خسائر ضخمة طوال حرب الاستنزاف.
وتستمر أسطورة وبطولة إبراهيم الرفاعي حتى يأتي يوم السادس من أكتوبر 1973 حيث شارك الرفاعي ومجموعته في إعاقة العدو وتكبيده خسائر سريعة. عاد العقيد إبراهيم الرفاعي ومجموعته من أبطال المجموعة 39 قتال إلى القاهرة يوم 18 أكتوبر 1973 بعد عملية ضرب مطار الطور..
وحسب مذكرات اللواء محسن طه، أحد أبطال هذه المجموعة المنشورة فى «موقع المجموعة 73 مؤرخين- الكترونى»: تم استدعاء الرفاعى لمقابلة الرئيس السادات، ووزير الحربية الفريق أول أحمد إسماعيل، وناقشوا قضية ثغرة الدفرسوار، وطلبا منه أن يضع بنفسه خطة لنسف وتدمير المعبر، الذى تستخدمه القوات الإسرائيلية لنقل قواتها إلى الثغرة.
وصل إبراهيم الرفاعي للمكان فوجد استحالة تنفيذ تلك الخطة والسبب كما يقول البطل نبيل عبدالوهاب أحد الضفادع الثمانية المكلفين بالمهمة: إن العدو الإسرائيلي سيطر على جنوب الدفرسوار، مما يلغي عملية قيام الضفادع البشرية لتلغيم المعبر.
وفى مركز القيادة كانت هناك تعليمات جديدة من الفريق سعد الدين الشاذلي، رئيس أركان حرب القوات المسلحة، بضرورة تحرك المجموعة عن طريق المعاهدة للوصول إلى موقع تقاطع سرابيوم، عند قرية نفيشة، والتمسك به مهما كان الثمن لمنع قوات العدو من التقدم لاحتلال الإسماعيلية.
استشهاد الرفاعي
بدأ إبراهيم الرفاعى فى تنفيذ الخطة الجديدة ليخوض ومجموعته معركة هائلة، يتذكرها اللواء محسن طه أحد أبطالها قائلا: تقدمت المجموعة واحتلت مواقعها، وفوجئت عناصر استطلاع المجموعة بتقدم دبابات إسرائيلية في اتجاه مواقع الصواريخ المضاد للطائرات، وأمر الرفاعى بتثبيت المجموعة في أماكنها، ونشر مجموعات كمائن على يمين ويسار الطريق لمنع تقدم العدو وتدميره..
وتقدم ومعه الرائدان رفعت الزعفراني ومحسن طه، والرقيب أول مصطفى إبراهيم والعريف محمد الصادق عويس، وهم من أمهر رماة القاذف الصاروخى «أربى جى 7» والمدفع 84 م / د عديم الارتداد فى اتجاه موقع الصواريخ، ووصلوا إلى أعلى نقطة بالموقع ليكون الظهور متبادلا مع العدو، ويكون الضرب مباشرا بالأسلحة المضادة للدبابات المحمولة على الكتف.
يضيف محسن طه: تم الاشتباك مع العدو، وتدمير دبابتين له، وتوقف قول دباباته، وانطلق إبراهيم الرفاعى ومن معه في خفة وحذر يدفعون بأنفسهم دون أن يشعر أحد بهم، واستمر الاشتباك مع العدو بالصواريخ المضادة للدبابات، وفجأة سقط الرفاعي أرضا، بعد أن اخترقت شظية صدره، وفشلت محاولات وقف نزفه..
يتذكر محسن طه: وضع مصطفى رأس الشهيد على فخذيه، ومال عويس يتلو بعض آيات قرآنية، وكان آذان الجمعة يعلو من مسجد مجاور لمنطقة نفيشة، واختنق صوت مصطفى وعويس بالبكاء، وحمل الرجال الشهيد وهو يرتدى أفروله الزيتى، ووضعوه فوق العربة الجيب المفتوحة، ووصل جثمانه إلى قيادة المجموعة..
وأرسلت برقية إلى القيادة العامة تحمل الخبر، فكان الرد: إرسال الجثمان إلى القاهرة لتشييع جنازته بين أهله. رحم الله البطل الشهيد واسكنه فسيح جناته مع الأنبياء والصديقين وحسن أولئك رفيقا. كل سنة ومصر وشعبها الأصيل في عزة ونصر.