رئيس التحرير
عصام كامل

الكلمة زلزلت الظالم!

نتابع للأسبوع الثاني على التوالي عملية طوفان الأقصى، وفي مقال الأسبوع الماضي أكدنا على أن عدم قدرتنا على المشاركة الميدانية بجوار المقاومة الفلسطينية البطلة والشجاعة لا يعني الجلوس متفرجين فالواجب الوطني والقومي يحتم علينا المشاركة ولو بالكلمة، سواء كانت مكتوبة أو منطوقة، والكلمة خلال المعركة الدائرة بين المقاومة الفلسطينية والعدو الصهيوني لا تقل أهمية عن البندقية..

 

فالكلمة هي أحد أهم الأسلحة التي تستخدمها وسائل الإعلام القديمة والحديثة، ولم يعد خافيًا على أحد بأن حروب الجيل الرابع والخامس تستخدم الجنرال إعلام كسلاح تقوم من خلاله بتزييف وعي الرأي العام العالمي حول الأحداث المختلفة..

 

وأثناء هذه الحرب الدائرة الآن على الأرض العربية الفلسطينية، يحاول الإعلام الغربي الذي يسيطر عليه العدو الصهيوني تزييف وعي الرأي العام العالمي بتصوير المقاومة الفلسطينية التي تدافع عن أرضها بأنها تمارس الإرهاب ضد قوات الاحتلال الصهيوني، المغتصب للأرض الفلسطينية منذ ما يزيد على قرن من الزمان، كما صور ما يفعله جيش الاحتلال من إبادة جماعية لشعب بكامله هو دفاع شرعي عن النفس، وهنا كان لابد من الانخراط في هذه الحرب عبر كل المنابر الإعلامية المحلية والاقليمية والدولية، التي تسمح لنا بالظهور عليها.

 

وقبل الحديث عن ضرورة وحتمية المشاركة في المعركة على المستوى الإعلامي، يجب التأكيد على أهمية الكلمة وتأثيرها، فالكلمة مسؤولية وشرف، وعلى من يخرج الآن على وسائل الإعلام أن يدرك مسؤولية الكلمة التي يكتبها أو ينطقها، وعليه أن يتحرى الدقة فيما يكتب وينطق، وعليه أن يدرك أن معركتنا مع العدو الصهيوني ليست بالسهلة، فقد قام هذا العدو بتزييف وعي أجيال وأجيال في وطننا العربي.. 

 

وتمكن العدو الصهيوني من فرض وجوده غير الشرعي، ليس فقط عبر الآلة العسكرية التي يمتلكها ويبيد بها شعبنا العربي الفلسطيني، بل عبر الآلة الإعلامية، والآلة السياسية والدبلوماسية، فوجدنا من مد يده ليصافح العدو ويعترف بوجوده، ووقع معه اتفاقيات للسلام والتطبيع المزعوم، وبدأنا نسمع كلمات مثل الأرض مقابل السلام وحل الدولتين، واختفت كلمات الكيان الإسرائيلي والعدو الصهيوني، لذلك يجب مراجعة الكلمات المستخدمة عبر وسائل الإعلام المختلفة، ويجب ضبط اللغة التي نتحدث بها ولندقق في كل كلمة نكتبها أو ننطقها فيما يتعلق ب القضية الفلسطينية.

معركة الإعلام

وقد كان لي شرف المشاركة في عملية طوفان الأقصى بالكلمة، وبشكل يومي ولعدة ساعات عبر وسائل الإعلام المرئي والمسموع والمقروء، وكنت دائمًا ما أحرص على الكلمة وأعرف جيدًا كيف تصوب تجاه الهدف، لكن لم أكن أدرك حجم تأثيرها، حتى ساقتني الأقدار لمواجهة عبر قناة روسيا اليوم R T في مواجهة مع محلل سياسي صهيوني..

 

وفي البداية كنت مترددا في الظهور وسألت بعض الأصدقاء، وكانت النتيجة أن البعض رفض ظهوري في برنامج واحد مع هذا الصهيوني، والبعض الآخر أكد أهمية الظهور وعدم ترك الساحة خالية أمامهم خاصة وأن المعركة الإعلامية هامة للغاية في هذه الحرب، ودعم هؤلاء موقفهم بأنني لن ألتقيه مباشرة بل عبر شاشة أنا من القاهرة وهو من تل أبيب، وأنك ستظهر لتلقنه درسًا وتكشف زيف ادعاءاتهم أمام الرأي العام العالمي.. 

 

وبالتالي المواجهة هي حرب بيني وبينه وسلاحنا هو الكلمة، وبالفعل اقتنعت بوجهة النظر الثانية، وأعددت العدة للمواجهة وأكدت في بداية المواجهة على زيف وكذب وخداع العدو، وأبرزت أن هذه الأرض مغتصبة ومحتلة من العدو الصهيوني منذ سبعة عقود ونيف، وما تقوم به المقاومة الفلسطينية الآن هي محاولة لتحرير التراب الوطني الفلسطيني وهو فعل مشروع وفقًا للقوانين والمواثيق الدولية..

 

وأن العدو الصهيوني ليس له أي حق في هذه الأرض وعليه أن يحمل أمتعته ويرحل من حيث آتى، وهنا جن جنون الصهيوني وبدأ في السب والشتم، وتهاوت قدرته على الرد، وبدأ يهدد بأن جيش الاحتلال سوف يقتل ويبيد كل من يعارضه، وأنهم لا يعترفون بالسلام، وبأن أمريكا والغرب جاءوا ليدافعوا عنهم ويساعدوهم في تأديب كل الدول الداعمة للمقاومة الفلسطينية.. 

 

 

وكنت أترك الصهيوني يتحدث وعندما يأتي دوري أوجه الكلمات كالسهام لأوضح عدالة قضيتنا، وقبل انتهاء المواجهة انسحب الصهيوني بعد أن إنهار تمامًا ولم يعد لديه قدرة على مواصلة النزال، وهنا أدركت تمامًا أهمية الكلمة، والحرب بالكلمات، والتي أكدت في نهايتها أن المقاومة ولدت لتبقى وتنتصر، وأن ما أخذ بالقوة لا يسترد إلا بالقوة، وأن فلسطين لن تتحرر إلا بالبندقية والمدفع والصاروخ.. 

وليعلم الجميع أن فلسطين كل فلسطين عربية من البحر إلى النهر، ولا وجود فيها لصهيوني، وعلى المستوطنين الصهاينة أن يرحلوا ويعودوا من حيث أتو، اللهم بلغت اللهم فاشهد.             

الجريدة الرسمية