أكتوبر نحس على إسرائيل
حين تتابع حربا جارية فإن سيولة وتدافع الأحداث ودمويتها تجعل من الصعب على أي محلل سياسي معنى بالمضاعفات والتوابع السياسية والميدانية استخلاص نتائج نهائية، وكل ما يستطيعه أي مهني محترف هو ممارسة قدر من التوقعات بناء على معطيات الأحداث وتصريحات المسئولين على جانبي الصراع وغلافه المحيط..
وحيث أننا نتحدث عن حرب مخططة لأول مرة من الجانب الفلسطيني، داخل الأراضي الإسرائيلية، وهي بعنصر المباغتة والتخطيط والأدوات وحسن وبراعة التنسيق والروح القتالية العالية، باتت يطلق عليها في الشارع العربى كله من المحيط إلى الخليج حرب السابع من أكتوبر الفلسطيني..
نفذ الفلسطينيون خطة خداع استراتيجي ناجحة بكل المقاييس، سبقت التنفيذ بأشهر واستمرت، وحين اقتحم الألف مقاتل السور العالي الفاصل غزة عن غلاف المستوطنات الخمسين برا وبحرا وجوا، جرت عملية اعماء كاملة لجميع أجهزة الرصد من كاميرات، ورادارات، ولم يعرف بعد من قام بالتشويش وما هي أدواته..
خطة خداع فلسطينية
ورغم أن الحكومة الإسرائيلية صرحت أمس بوقوع هجوم سيبراني إيراني شامل على مواقعها الحيوية، إلا أن البيت الأبيض برأ إيران اليوم من أي ضلوع في الحرب الجارية، بل شاركت المخابرات الأمريكية خيبة المخابرات الإسرائيلية، في التنبؤ بأي عمل عسكري وشيك ينطلق من قطاع غزة إلى العمق الإسرائيلي، في تل أبيب وفي القدس الغربية وفي عسقلان، وفي حيفا، فضلا عن شريط المستوطنات الخمسين.
تقاسمت المخابرات الأمريكية والموساد كعكة الفشل الذريع، والحق أن شهر أكتوبر، ويوم السبت تحديدا سيبقيان رمزا للنحس في حياة إسرائيل، ففي السادس من أكتوبر عام 1973، هاجمت مصر الجيش الإسرائيلي في سيناء، مع خطة خداع استراتيجي عبقرية، وكما وصفها ديان قبيل حرب أكتوبر بأننا أمة لا تقرأ التاريخ ولا تستوعب الدروس، فإن إسرائيل لم تقرأ درس أكتوبر المصري وسقطت دامية عارية مهانة ذليلة في فخ خطة الخداع الفلسطينية التي نسجت ببراعة، وسوف تكشف الأيام عن مراحلها وتوقيتاتها..
إسرائيل تحشد الآن الآف الجرافات والدبابات، واستدعت مئات الألوف، علما بأن نصف قواتها تعمل في الضفة الغربية لضمان عدم الانضمام الفلسطيني هناك لإخوانهم في غزة، تمهيدا لاجتياح بري لغزة..
تحتاج إسرائيل إلى ما يقرب من مائة ألف جندي، وهي ستواجه غزة فوق الأرض وغزة تحت الأرض، حيث تنهض خطة الاجتياح العسكرية الإسرائيلية على أن ورش تصنيع السلاح، والذخيرة والمخازن والخرائط وغرف العمليات، تقبع في مدينة كاملة تحت غزة الظاهرة، ومن ثم فإن العمليات الجوية التقليدية أثبتت فشلها في الوصول إلى بنك الأهداف الرئيسية.
يترقب الفلسطينيون الغزو البري، بل ويرحبون به، يعتبرونه مصيدة للقوات الغازية، وفي السياق فأن مصر علمت عن الحزب الله أنه سيدخل الحرب لو وقع الاجتياح البري لغزة، وبالفعل وقعت اليوم مناوشات وأطلقت صواريخ وقذائف من الجنوب اللبناني، وتجري اتصالات مكثفة لإسكات جبهة لبنان وتجنيب البلد المنكوب سياسيا كارثة محققة، فيما اندفع شرطي مصري فقتل إسرائيليين اثنين في الإسكندرية.. نعتقد أنه حماس فردي شخصي.
تصريحات إسماعيل هنية بأن الحرب ستمتد من غزة إلى إسرائيل وإلى الضفة وإلى الخارج، تفرض نفسها من جديد بعد التداعيات التي تقع الآن.. وتؤخذ في الحسبان.. احتواء الموقف مثل المرات السابقة لن يجدي ما لم يرفع الظلم الدولي المشين والغربي المنافق عن الشعب الفلسطيني.. ونتابع.. هدير المدافع وزئير الدبابات ودوي الرصاص..