المولد النبوي الشريف وحلاوة المولد
كل عام وحضراتكم بكل خير وصحة وسعادة وسرور، وأهنئ الأمة الإسلامية بحلول ذكرى مولد نبي الرحمة والشافع المشفع، وسيد ولد أم وأكرم الخلق على الخالق سيدنا وحبيبنا محمد صلى الله عليه وسلم، ومن عادات المصريين في هذا الاحتفال المبارك تناول حلوى المولد ذلك التقليد المصري الخالص الذي استوحاه المصري من موكب الخليفة الفاطمي..
حيث يربط المصريون دائما المواسم بطعام محدد، فكل عيد أو احتفال تجد له طعاما محببا لدى المصريين كشم النسيم أو عيد الفطر أو الأضحى أو عاشوراء أو حتى تناول اللحم خاصة يوم الخميس أو الأربعاء الخ، فكلها عادات مصرية لا تدخل تحت بند العبادة في شيء، وسنظل كمصريين نحتفل كل عام بذكرى مولده صلى الله عليه وسلم رغما عن أنوف طغمة من المتفيقهين الذين يتبعون رأيا محدثا زاعما أن القرون الأولى بما تحمله من صحابة وتابعين لم يحتفلوا بمولده، فهل نحن أفضل منهم؟
ويكفينا في ذلك رد دار الإفتاء المصرية وهم علماء أجلاء تربوا على الوسطية الإسلامية حيث قالت: أن الاحتفال بذكرى مولد سيد الكونَين وخاتم الأنبياء والمرسلين نبي الرحمة وغوث الأمة سيدنا محمد -صلى الله عليه وآله وسلم- من أفضل الأعمال وأعظم القربات؛ لأنها تعبير عن الفرح والحب للنبي -صلى الله عليه وآله وسلم- ومحبة النبي -صلى الله عليه وآله وسلم- أصل من أصول الإيمان، وقد صح عنه أنه -صلى الله عليه وآله وسلم- قال: «لَا يُؤْمِنُ أَحَدُكُمْ حَتَّى أَكُونَ أَحَبَّ إِلَيْهِ مِنْ وَالِدِهِ وَوَلَدِهِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ» رواه البخاري.
والاحتفال بمولده - صلى الله عليه وآله وسلم- هو الاحتفاء به، والاحتفاء به - صلى الله عليه وآله وسلم- أمر مقطوع بمشروعيته؛ لأنه أصل الأصول ودعامتها الأولى، فقد علِم الله -سبحانه وتعالى- قدرَ نبيه، فعرَّف الوجودَ - بأسره- باسمه وبمبعثه وبمقامه وبمكانته، فالكون كله في سرور دائم وفرح مطلق بنور الله وفرجه ونعمته على العالمين وحُجَّته.
الاحتفال بمولد الرسول الأعظم
وقد دَرَجَ سلفُنا الصالح منذ القرن الرابع والخامس على الاحتفال بمولد الرسول الأعظم - صلوات الله عليه وسلامه- بإحياء ليلة المولد بشتى أنواع القربات من إطعام الطعام، وتلاوة القرآن، والأذكار، وإنشاد الأشعار والمدائح في رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم- كما نص على ذلك غيرُ واحد من المؤرخين مثل الحافظَين ابن الجوزي وابن كثير، والحافظ ابن دِحية الأندلسي، والحافظ ابن حجر، وخاتمة الحفاظ جلال الدين السيوطي رحمهم الله تعالى.
ونص جماهير العلماء سلفًا وخلفًا على مشروعية الاحتفال بالمولد النبوي الشريف، بل ألَّف في استحباب ذلك جماعةٌ من العلماء والفقهاء، بَيَّنُوا بالأدلة الصحيحة استحبابَ هذا العمل؛ بحيث لا يبقى - لمن له عقل وفهم وفكر سليم- إنكارُ ما سلكه سلفنا الصالح من الاحتفال بذكرى المولد النبوي الشريف..
وقد أطال ابن الحاج في "المدخل" في ذكر المزايا المتعلقة بهذا الاحتفال، وذكر في ذلك كلامًا مفيدًا يشرح صدور المؤمنين، مع العلم أن ابن الحاج وضع كتابه "المدخل" في ذم البدع المحدثة التي لا يتناولها دليل شرعي، وللإمام السيوطي في ذلك رسالة مستقلة سماها "حُسن المَقصِد في عمل المولد".
ويدخل في ذلك ما اعتاده الناس من شراء الحلوى والتهادي بها في المولد الشريف؛ فإن التهادي أمر مطلوب في ذاته، لم يقم دليل على المنع منه أو إباحته في وقت دون وقت، فإذا انضمت إلى ذلك المقاصد الصالحة الأخرى كإدخال السرور على أهل البيت وصلة الأرحام، فإنه يصبح مستحبًّا مندوبًا إليه..
فإذا كان ذلك تعبيرًا عن الفرح بمولد المصطفى -صلى الله عليه وآله وسلم- كان أشد مشروعية وندبًا واستحبابًا؛ لأن للوسائل أحكام المقاصد، والقول بتحريمه أو المنع منه حينئذ ضرب من التنطع المذموم.
ومما يلتبس على بعضهم دعوى خلو القرون الأولى الفاضلة من أمثال هذه الاحتفالات، ولو سُلِّم هذا فإنه لا يكون مسوغًا لمنعها؛ لأنه لا يشك عاقل في فرحهم -رضي الله تعالى عنهم- به -صلى الله عليه وآله وسلم- ولكن للفرح أساليب شتى في التعبير عنه وإظهاره، ولا حرج في الأساليب والمسالك؛ لأنها ليست عبادة في ذاتها، فالفرح به -صلى الله عليه وآله وسلم- عبادة وأي عبادة، والتعبير عن هذا الفرح إنما هو وسيلة مباحة، لكل فيها وجهةٌ هو موليها.
أسعار حلوى المولد النبوي
وهنا نترك ذلك الأمر لنستعرض حلوى المولد هذا العام التي صارت مرتفعة الثمن بصورة كبيرة، حيث إن أسعار الحلويات مرتفعة للغاية مقارنة بأسعار العام الماضي بما يزيد عن 35%، إلى جانب هناك محلات زادت فيها أسعار الحلوى بنسبة 100%، والسبب الرئيسي في ذلك يرجع إلى ارتفاع أسعار السكر والدقيق ومواد التصنيع.
ونجد أن أسعار حلوى المولد النبوي تختلف من منطقة إلى منطقة، ومحافظة الى محافظة، والسبب في ذلك يرجع إلى جودة الحلوى وطريقة تصنيعها والمواد المصنعة منها، فكلما ارتفعت كفاءة المكونات وجودتها زاد السعر والعكس صحيح.
فمثلا في المناطق الشعبية نجد سعر علبة حلاوة المولد النبوي عدد 10 قطع 80 جنيها، وعلبة 18 قطعة بـ 150 جنيها. وعلبة حلاوة المولد النبوي عدد 27 قطعة 255 جنيها، وسعر علبة 36 قطعة بـ 360 جنيها.
وفي مناطق أرقى كان سعر علبة حلاوة المولد النبوي عدد 69 قطعة بـ 1200 جنيه، وسعر صينية المولد 34 قطعة vip بـ 2400 جنيه. وسعر علبة حلاوة المولد باللون الأخضر بـ 1950 جنيها مكونة من 30 قطعة، سعر علبة حلاوة المولد النبوي هدايا باللون الفضي مكونة من 26 قطعة بـ 1500 جنيه.
وسعر علبة هدايا باللون النبيتي مكونة من 63 قطعة ميني، يأتي سعرها بـ 1100 جنيه، وسعر علبة صفيح كبيرة بـ1500 جنيه مكونة من 23 قطعة. ويؤكد الخبراء أنه لا علاقة لارتفاع سعر السكر بحلاوة المولد حيث إن مصانع تصنيع الحلويات تقوم بالإعداد للمواسم الرئيسية قبلها بشهور قليلة، حتى لا يحدث خلل من عدم توفير أي من مستلزمات إنتاج الصناعة..
وعليه فإن المصانع قامت بتوفير احتياجاتها من مستلزمات إنتاج حلوى المولد كافة وعلى رأسها السكر بحد أقصى الشهر الماضي، ولو كان هناك نقص في كميات السكر، لكانت أسعار السكر ارتفعت منذ شهر على الأقل، وليس مع قرب الموسم.