تريليونان من الجنيهات لإصلاح السكك الحديدية.. ولا جديد!
كلما شاهدت الوزير كامل الوزير وهو يتكلم بثقة عن تطوير السكك الحديدية، أتذكر الوزير السابق الدكتورهشام عرفات عندما كان يتحدث والابتسامة تملأ وجهه ويعلن عن رفع أسعار تذاكر مترو الأنفاق بعد تطويره، لدرجة أنها تضاعفت عشر مرات في خلال سنوات قليلة، والتبرير أن قيمة التذكرة عالية، وأن المترو بيخسر، وأن السكك الحديدية بتخسر..
والحقيقة أن السبب الأول في الخسارة هو سوء الإدارة، وأذكر هنا تصريحات وزير النقل السابق بعد ترك الوزارة بعامين إلى موقع اليوم السابع، فهو يتهم مصر بأنها تخلفت 70 سنة عن العالم، وهو وزير كان يردد أن السكك الحديدية لم يتم صيانتها منذ حرب الاستنزاف أى من نهاية الستينات..
ثم قال: كان مفروض ندخل مجال الجر الكهربائى بعد بناء السد العالى الذى جعل لدينا وفرا في الكهرباء، لكن دخلنا في حرب اليمن ثم النكسة وحرب أكتوبر، وفى الثمانينات بدأت فى الظهور القطارات فائقة السرعة.. يعنى نحن تأخرنا عما شهدته السكك الحديدية فى العالم 70 عاما.
ويبدو أن الوزير لم يعرف التاريخ، فالسد العالى تم الانتهاء منه 1970، في حين أن حرب اليمن كانت عام 1962، والنكسة 1967، وطبعا حرب أكتوبر 1973.
ويضيف الوزير السابق: كان على الدولة قبل البدء في شبكة القطارات السريعة حل مشكلة الكهرباء وهو ما حدث فعلا وأصبح لدينا فائضا وهنا أعلنت القيادة السياسية البدء فى تنفيذ هذا المشروع الذى سينقلنا لما وصلت له الدول المتقدمة.. ولا تعليق الآن على كلام الوزير السابق خاصة وأن الكهرباء يتم قطعها يوميا ترشيدا للاستهلاك، وهذا حسب رؤيته ينسف أن القطارات السريعة تم تنفيذها مع وفرة الكهرباء.
تطوير العمل بالسكك الحديدية
أعود إلى الوزير الحالى الذى يتحدث كل يوم عن القطارات السريعة، وعن شراء القطارات الجديدة، والقطارات الدرجة الثالثة المكيفة، للأسف لم نسمع عن تطوير العمل فى السكك الحديدية، لم نسمع عن تطور أى شىء، ومن حظ الوزير الحالى أننى هذا الأسبوع اضطررت إلى السفر إلى بلدى عن طريق القطار..
ذهبت إلى شباك التذاكر وطلبت تذكرة إلى طنطا بصفتها أقرب محطة قطار، فقالت السيدة الموظفة: لا يوجد تذاكر درجة أولى ولكن فيه تانية! وافقت وحجزت العودة أيضا من طنطا في نفس اليوم، وأنا فى طريقى التقيت بأحد الشباب وطلبت منه قراءة رقم العربية ورقم المقعد، فاذا به يقول: دى تذكرة بدون مقعد! عدت بسرعة إلى السيدة ومعى الشاب الذى يعمل فى السكك الحديدية بالصدفة، عادت إلى جهاز الكومبيوتر وقالت: معلش آسفة! قلت: مفيش مشكلة عايز غيرها!
قالت: لا يوجد مقاعد! طبعا كدت أجن لأننى أريد اللحاق بصلاة الجنازة على أحد أفراد أسرتى، وبلا مبالاة من السيدة والذين حولها، معلش مفيش تذاكر! ومن حظى أن جاء راكب يريد إعادة تذكرة الى الإسكندرية، فاخذتها.
أثناء العودة أنهيت مشوارى مبكرا، وقلت أذهب لقطع تذكرة وليس مهما أنتظر ساعتين من أجل التذكرة التى بين يدى، قال الموظف: لا يوجد فى موعد الساعة.. ولا موعد السابعة والنصف ولكن اقترح عليك تحجز وقوف فى موعد السابعة لأنه يأتى فاضى من الاسكندرية! طلبت نصف أولى وقوف!
قال: الوقوف ليس فيه نصف! قلت: الجلوس له نصف والذى قبل لظروفه أن يركب ويقف محروما من النصف؟ قال الموظف: إنها التعليمات! المهم صعدت وركبت ولا اعرف هل في الأولى أو الثانية، وعندما جاء الكمسارى، سألته عن منع النصف عن الوقوف؟!
قال: حضرتك في الأولى والمفروض تدفع الفرق! قلت: مش مشكلة طالما سيجد لى مقعد. قال: الفرق فى التذكرة 30 جنيها و85 جنيها غرامة يبقى 115 جنيه! قلت: غرامة ازاى وانا قاطع تذكرة؟! قال الكمسارى بكل عجرفة: دى تعليمات!
والحقيقة حظه حلو لأنى كنت قادم من عزاء ومرهق لأقصى درجة، فانسحبت ابحث عن كرسى في الدرجة الثانية، والحمد لله لم أجلس إلا في مدخل محطة مصر والناس بتستعد للنزول.
صورة من مترو الأنفاق
وضعت التذكرة في الماكينة في محطة حدائق حلوان، فلم تخرج من الناحية الأخرى، وكان الأمر أمام مراقب الماكينات، فأخذ يخبط على الماكينة، مثلما كان يحدث زمان ونخبط على الراديو حتى يعمل، لم تخرج التذكرة..
ذهب واحضر مدير المحطة وخبط أيضا والتذكرة لم تخرج، قالى انتظر المهندس سيحضر يخرج التذكرة، بسذاجتى اعتقدت أنه فى المكتب بالداخل، إلا أنه بعد فترة عاد يقول سيحضر حالا، سألت: هو فين؟ رد مدير المحطة: حلوان! كدت أصرخ وقطعت تذكرة أخرى وانصرفت غاضبا.
فى طابور التذاكر ممكن حضرتك تنتظر حتى يأتى دورك وعندما تصل إلى الشباك يقول الموظف: مفيش فكه روح الشباك التاني! وهذا يعنى أنك تقف طابور من جديد، وإذا طلبت من الموظف أن يطلب فكه من زميله الذى يجاوره يغضب ويزعل منك ويرفض!
كتبت هنا أكثر من مرة عن قطارات المترو المكيفة، وقلت ياريت يتم عمل نظام بحيث يعرف القطار المكيف، صادفت معى أن هذا وجدته فشعرت بالسعادة، ثم حدث بعد ذلك عدة قطارات غير مكيفة يتقاطرون، وآخرين مكيفيين، مما يعنى عدم وجود آلية محددة لإعلام الركاب بالقطارات القادمة..
ناهيك عن المتسولين والبائعين والذين يزدادون كل يوم ولا أحد يتحدث معهم، وأحيانا فى وقت واحد يكون هناك أكثر من بياع ومتسول فى نفس العربة، أسوأ من السوق العشوائى، والمقاعد المخصصة للكبار لا نستطيع الاقتراب منها، ولم يعد للمفتش مكان بالرغم من أهميته في ضبط الأوضاع.
أقول للوزير كامل تقول أن الحكومة رصدت إثنين تريليون جنيه لاصلاح السكك الحديدية، فماذا حدث؟ نظام الإشارات لازال ليس على مايرام وخاصة في أيام الأمطار، الإنضباط لم يعد حتى الان بالرغم كل هذه السنين، وأخيرا التطوير ليس استبدال قطار قديم بآخر حديث، التطوير يبدأ بالانسان وينتهى بالآله!