عز الدين نجيب وكفى!
علاقتى مع الفنان والناقد والأديب عزالدين نجيب ممتدة منذ السبعينات، بدأت من متابعة ما يكتب كناقد مثقف واعى، وأيضا صاحب قضية انتماء تجاه تراب بلده، لم يكن يوما إلا مقاتلا بقلمه أو فرشاته وصوته.. من المواقف التى تعبر عن عشقه لتراب وطنه، عندما حدثت مشكلة آثار النوبة وأصبحت مهددة بالضياع، أرسل الدكتور ثروت عكاشة عددا من الفنانين التشكيليين لتسجيل الآثار قبل اختفائها..
كان عز الدين نجيب يعمل فى قصر ثقافة الأنفوشى، وكان يجلس مع صديقه سلامة زهران على مقهى، وقرأ فى الصحف أن عددا من الفنانين متجهين إلى النوبة على حساب الوزارة، إلا أنه وسلامة زهران قررا السفر على حسابهما وحملا كل حقيبته على ظهره واستقلا قطار الصعيد الدرجة الثالثة توفيرا للنفقات، ذهبا وعادا ليقيما أول معرض عن آثار النوبة في الاسكندرية.
هنا سأنقل فقط ما صرح به مع خلال حوارى الطويل مع الفنان المثقف الأديب المناضل عزالدين نجيب الذى رحل أمس الجمعة، فهو يقول: تعلمت الرسم من تقليد أخى الأكبر.. وكان والدى ناظر مدرسة يسخر من الفنون التشكيلية.. وفزت بثلاث جوائز في القصة القصيرة وكنت طالب في الكلية، والكاميرا عنوان أول قصة نشرت لى في المساء وعمرى 18سنة!
دور الثقافة
ويقول عزالدين نجيب: نجيب سرور ومحفوظ عبدالرحمن وكمال نشأت وغيرهم كانوا زملاء اللقاء الاسبوعى في ندوة المساء، وقد أسست قصر ثقافة الانفوشى وبورسعيد وتجربتى في كفر الشيخ الأجمل والأكثر ارتباطا بالناس، قصر الانفوشى بدأ عملاقا وارتبط بالناس وكان نجومه العدوى وعبدالمعطى وداوستاشى بإشراف سيف وانلى.
ويقول: مشروع الحرف التقليدية شاهد على تقاعس 3 وزاء لتنفيذه! ثم يتذكر ويقول: نذكر دور ثروت عكاشة كثيرا، ولكن فتحى رضوان أول وزير وضع بذور البنية الأساسية للثقافة المصرية، فالثقافة المصرية منذ السبعينات تعمل بالقصور الذاتى، الثقافة الجماهيرية فكرة عبدالناصر.. وسعد كامل المؤسس..
عبدالناصر اعتبر الثقافة أهم أدوات التغيير في المجتمع، الستينات شهدت نهضة ثقافية في جميع المجالات وتوهجت الحركة النقدية، فالدولة كانت تذهب بالثقافة للمواطن ولا تنتظره، ثروت عكاشة حالة فريدة كان يحب عبدالناصر لدرجة العشق مع تحفظاته الشديدة عليه، دور يحيى حقى في الثقافة المصرية أكبر بكثير مما يعرف.. ولم ينال حقه.
ويقول: والسادات كان يكره المثقفين وأطلق عليهم لقب "الافندية الرزلة"، فالسادات فشل في استمالة الابنودى بالرغم من مرونته، تم تدمير مرسمى فى المسافرخانة فى وضح النهار، دخلت السجن فى السبعينات بتقرير من يوسف السباعى وزير ثقافة السادات، ومنصور حسن أفضل وزير ثقافة في فترتى السادات ومبارك.
ويقول: فاروق حسنى اهتم بالأثر والمتاحف.. وفشل فى الوصول بالثقافة إلى الناس، وكدت أسجن بمؤامرة من رجال فاروق حسنى وانقذتنى انتخابات اليونسكو، وسجنت 22 يوما فى التسعينات بتقارير مزيفة..
ويقول عزالدين نجيب: قاعات الفن التشكيلى كانت للمواطن.. اليوم للأصدقاء وأقارب الفنانين، النخبة التشكيلية أصبحت أصحاب مهنة وليست أصحاب رسالة، الفنان التشكيلى أصبح فارس بلا ميدان.. الميدان هو المجتمع، للاسف الثقافة ابتعدت عن الجماهير بفعل فاعل وليس صدفة.
ويقول: يحيى حقى، الابنودى، سيد حجاب، خالد محيى الدين وغيرهم كانوا ضيوفى فى قصر ثقافة كفرالشيخ، قدما ثقافة حقيقة، لان جمال حماد كان يؤمن بدور الثقافة فدعمنا.. وخليفته ابراهيم بغدادى أغلق قصر ثقافة كفرالشيخ!
ويقول: المجلس الأعلى أصبح وعاء لاحتواء المثقفيين أو الحظيرة كما أطلق عليه، ولكن الدولة أصبحت لا تؤمن بالثقافة فهى سقطت سهوا أو عمدا من أجندة الحكومات، كل وزراء الثقافة لا يقدمون شيئا لقدارتهم المتواضعة، غيرتى على دور المثقف لا تنتهى.. وفكرة الانتماء قضيتى!
كل كلمة مما صرح به الفنان الناقد الاديب عزالدين نجيب تستحق الدراسة والتعلم منها، رحم الله الانسان عزالدين الدين نجيب.