حتى لو فاضل لك ساعة وتموت
الطريق طويل، وربما مظلم، وربما الضوء على جانبيه شاحب، وعيونك على خط الأفق، تنتظر النور، لكنك لا ترى أي نور، ثم تكتشف فجأة أنه طريق ملتو بل في الحقيقة أمضيت كل السنين السابقة وأنت تمشي في دوائر، وفي منعطف والمنعطف خطأ، ضاعت الشهور والسنين المملة المتكررة، وأنت لا تريد بل لا تجرؤ على التغيير..
تغير حالك وعقلك ونظرتك ومعاملتك لنفسك ولغيرك.. العجز هذا يولد الإحساس بالشلل، ويغوى النفس على التجمد وتزداد وطاة هذا الشعور، خصوصا لو كان ما فات من العمر كثير. أمامك خياران ليس لهما ثالث، إما أن تستسلم تحت ذريعة نفسية مريحة جدا لمن قرر الموت في مكانه وهي ما فات قد فات، وليس بقدر ما هو أت.
لكن إنتبه فإن هذا ما تراه من وجهة نظرك التى اعتادت التجمد وقبول وضع الفيل الراكد في حفرته.. عليك أن تنهض وتنفض عنك أكياس الجليد وقيود التعود.. وإنتبه مرة أخرى، ففى نفس اللحظة التى أخذت القرار فيها بالثورة على نفسك ومغادرة الحفرة العميقة، سوف يحاصرك شيطانك فيضحك ساخرا: هو أنت لسه هتتغير. طب ليه ما اللي فات مات واللى أتعمل أتعمل يا عم أقعد أقعد..
هو ليس شيطانك وحدك، فهم قبائل متماسكة، من شياطين الإنس نراهم حولنا وفينا، وهم الذين يمتلكون القدرة على تعطيل المراكب السائرة، وهم والذين يريدونك في حالة تحنيط رغم أن رئتيك تعملان بقوة، لهم دوافعهم في ذلك.. حقد وغل وغيرة أو خوف من انقلابك على موتك وانت حى بحثا عن الأفضل وسعيا وراء جودة الحياة سوف يكشف ضآلة أحجامهم، وعجزهم عن تغيير آنفسهم مثلما فعلت أنت.
وقد يواجه قرارك بالتغيير نحو الافضل صعوبات بسبب الثقافة المحيطة، من تقاليد جامدة وعقول حجرية ولكن تبقي نفسك هى المحرك الأساسي والرئيسي فى التغيير الذاتي فلا أحد في المجرة يحبك أكتر من نفسك التى يجب أن تسخرها لتكون معك وليس ضدك.
تغير يا سيدى وكن شجاعا جسورا حتى لو بقى لك من العمر ساعة واحدة وبعدها قد تموت.. أرى ابتسامة ساخرة على وجهك الآن وأنت تقول لى وما الذى أفعله في ساعة هى كل ما تبقى لى من العمر على وجه الارض، بعد أن تغيرت وتحركت فاقول لك وما أدراك إنها ساعة فلا يعلم الغيب إلا الله، قم الآن ولا تعط لنفسك أو لمن حولك فرصة لاعادتك إلى التابوت القديم، إبدأ الآن وفورا مغادرة المقبرة النفسية المصنوعة من نسيج الوهم.. والخوف.