الخطاب لا يقرأ من عنوانه!
انخفاض العجز في الميزان التجاري خلال شهر يونيو الماضي.. هكذا أعلن جهاز التعبئة والإحصاء.. وهذا الإعلان يحمل في طياته تحسنًا واضحًا في أوضاعنا الاقتصادية كعنوان.. فإن انخفاض الميزان التجاري هو مؤشر لتحسن اقتصادي تحقق.. غير أن من تابع تفاصيل الإعلان سوف يتوقف عند بعض الأمور التي لا تعد أمورًا إيجابية.
فقد انخفض عجز الميزان التجاري ليس بسبب ارتفاع الصادرات، وإنما نتيجة لانخفاض الصادرات بنسبة أقل من انخفاض الواردات خلال شهر يونيو بالمقارنة لمثيله في العام الماضي، حيث بلغت نسبة انخفاض الواردات 47,7 في المائة، بينما بلغت نسبة انخفاض الصادرات 27,6 في المائة.
وبالطبع انخفاض الصادرات وبهذه النسبة لا يعد أمرًا إيجابيًّا.. فهو يعكس تراجعًا في الإنتاج الصالح للتصدير، إما لتراجع إنتاجنا وإما أننا استهلكنا نسبة أكبر من هذا الإنتاج، وإما الأمرين معًا.
ومن التفاصيل أيضًا التي تحتاج لتفسير هو أنه رغم انخفاض الواردات فقد ارتفعت واردات بعض السلع منها الغاز الطبيعي، حيث زادت وارداته في شهر يونيو بنسبةَ الثلث عن شهر يونيو من العام السابق! وقد سبق أن أعلن الدكتور مصطفى مدبولي إننا توقفنا عن تصدير الغاز خلال شهور الصيف.. والتفسير مهم وضروري هنا لإننا نعرف أننا نصدر الغاز منذ بدأنا إنتاجه من حقل ظهر.
المهم أن من يتابع أحوال اقتصادنا عليه ألا يكتفي بالأرقام والمعدلات العامة، وأن يعرج على تفاصيلها، لأن في التفاصيل تختبئ معاني أخرى لا يجب تجاهلها وتكمل معالم الصورة الصحيحة لأموالنا الاقتصادية.
وهنا نتبين أهمية التخصص في التناول الصحفي والإعلامي للأمور الاقتصادية.. فإن قراءة التفاصيل سوف يعتني بها المتخصص، أما غير المتخصص فإنه سوف يعرض الحقيقة منقوصة.. فالخطاب هنا لا يقرأ من عنوانه كما يقال!