رئيس التحرير
عصام كامل

ألم نكتو بنيران قناة "الجزيرة"؟


لم أفرح طوال حياتي بقدر فرحتي ببلوغ الدكتورة درية شرف الدين، مقعد وزارة الإعلام في مصر، وإلى الآن لم ينطفئ الفرح في صدري على الرغم من عدم تغيير سياسة الإعلام الرسمي تجاه أزمة سوريا، في ظل وجود وزيرة مثقفة "بنت مهنة"، تعرف أكثر مما يعرفه المشاهد العادي، والإعلامي المصنوع، أو الـ "نص نص".


مؤكد أن درية شرف الدين تعرف أن سوريا يتم التمثيل بجثتها إعلاميا في معظم وسائل الإعلام المصرية حاليا، بعد أن ذبحها الإعلام العربي على مقصلة قناة "الجزيرة" التي بدأت بفبركة بعض الصور المغرضة لبثها مئات المرات يوميا لتتلقفها قنواتنا المصرية نقلا عنها.

وبالطبع، تعرف درية أن مصر تتعرض الآن للمؤامرة الدنيئة نفسها، حيث تتم صناعة الصور المفبركة من سوريا لبثها على أنها "لايف" من مصر، وبعدما تؤتي أكلها في صدور المشاهدين المصريين، نتفانى في إثبات أنها مفبركة، وعبثا نفعل، حيث تكون المادة السامة قد انتشرت في الخلايا العصبية وأصابت قلب وعقل المصريين.

لايزال التليفزيون المصري وقنوات فضائية مصرية مستقلة، تنقل عن الشبكة السورية أخبار مقتل سوريين على أيدي قوات بشار الأسد دون أن تتطرق لحيثيات الخبر، أو كيفية سقوط الضحايا.

وعلى الرغم من أن مصر قد تعرضت للمحاولات الدنيئة نفسها من تصوير للأطفال الموتى والجثث المشوهة والمحترقة، من معارك تمت على أرض سوريا، ولآدميين أحرقتها نيران جبهة النصرة الإخوانية في سوريا، لاتزال مصر تتدحرج في المطب نفسه لتتعمق فيه دون أن يكون هناك مسئول واع يدرك خطورة الأمر، ليس على سوريا فقط وإنما على مصر أيضا، خاصة في أزمتها الحالية المتعلقة بمقاومة إرهاب الجماعات المتأسلمة وتلفيقاتها الشيطانية المغرضة، لضرب مصر في قلبها النابض منذ أكثر من خسمة آلاف عام.

لا يكاد يمر يوم إلا ونقرأ فيه خبر مقتل مدنيين سوريين على شريط الأخبار في معظم قنواتنا الفضائية، سواء الرسمية المملوكة للتليفزيون المصري أو المستقلة أو الصحف المصرية القومية أيضا منها والخاصة، وبالطريقة نفسها التي تنشرها قناة الجزيرة عن اعتصام أنصار "المعزول" في ميداني "رابعة العدوية" و"النهضة".

درية شرف الدين، تعرف كما يعرف أسامة الشيخ في "دريم"، وألبرت شفيق في "أون"، ومحمد هاني في الـ "سي بي سي"، ومحمد عبد المتعال في "الحياة"، يعرفون جميعا أن هناك حيثيات طبيعية جدا لمقتل المدنيين في سوريا، حيث تحتمي وسط المدنيين في الأحياء السكنية العناصر الإجرامية المأجورة، سواء من المعارضين العاديين، أو أعضاء جبهة "النصرة" المتأسلمين الدمويين.

وللأسف الشديد، فإن المجرمين الذي ينفذون المخطط الأمريكي القطري الإسرائيلي الدنيء في سوريا، يجبرون المدنيين على الاصطفاف كدروع بشرية لحمايتهم، فيكونون بين نيران الجيش السوري الرافض لتدمير وطنه، وأسلحة الدمويين الذين يصورون قتلاهم لإثارة الرأي العام العربي والعالمي ضد بشار الأسد.

وعلى الرغم من تحول مؤشر الوعي العربي خاصة في مصر تجاه الأزمة السورية، وتأكد معظم المصريين من أن معظم ما يحدث في سوريا الشقيقة ليس سوى فبركة مشاهد صغيرة واستنساخها لعدة مشاهد، لاتزال الأخبار تنشر في صحفنا المصرية وتبث على قنواتنا الفضائية بالطريقة التي تتفق تماما مع أسلوب "الجزيرة".

والآن، وبعد أن اكتوينا بنار "الجزيرة" وتأكدنا بأنفسنا من صناعة مشاهد لا تحدث أبدا على أرض الواقع في مصر، ألم يأن الأوان لمسئولي الإعلام المصريين أن ينتبهوا لهذا الخطأ، فيعتمدوا المهنية في صياغة الخبر بحيث لا يقطع من سياقه العام؟
اللهم جنبنا خطايا قناة "الجزيرة"
barghoty@yahoo.com
الجريدة الرسمية