رئيس التحرير
عصام كامل

العلوم التطبيقية.. ياناس!!

لن نتقدم إلا بالعلم.. هذه حقيقه مؤكدة.. ولن تحدث النهضة إلا بالعلوم والبحث العلمى.. أقصد العلوم البحثية والتطبيقية، وإذا كنا نمتلك الكثير من الأبحاث والعلماء والباحثين في مجالات متعددة، فأعتقد أن الجانب التطبيقى هو الواجب الأولى بالتركيز عليه الآن، لأننا ببساطة في أشد الحاجة إليه.

 
في البداية البحث العلمي في العلوم البحتة الأساسية يرتكز على وصف الأشياء والقوى الأساسية والعلاقات بينها والقوانين التي تحكمها، معتمدا على الاجراءات الوصفية فيقوم الباحث فيها بعرض المشكلة ثم يفسرها ويحللها ويقدم النتائج لها معتمدا على العمل العقلى بعيدا عن التجريب والمختبرات أو التطبيق العملى على أرض الواقع، ولذلك يكون كل هذا الجهد على الورق، ثم يوضع فى الأدراج، فهو يعتمد على العمل العقلي وليس على العمل التجريبي.


لكن البحث العلمي التطبيقي ينتج المعرفة من خلال إيجاده الحل للمشكلة من أجل تعميمه، بعد اختباره من خلال التجارب. وأخيرا تنتقل هذه النتائج في صورة تطبيقات إلى أرض الواقع في شكل منتجات أو ألات أو معدات تتحول إلى إنتاج ورفاهية واقتصاد.. الخ من منجزات يشعر بها المجتمع والناس..

البحث العلمي والعلوم التطبيقية

 
ومن هذه العلوم التطبيقية على سبيل المثال: علوم الفيزياء والكيمياء التطبيقية والرياضيات التطبيقية والعلوم المعمارية والهندسة العامة والاليكترونية والكهربائية والميكانيكية وهندسة السيارات والهندسة البيولوجية والهندسة البيوكيميائية وعلوم النانو وهندسة كيميائية وهندسة مدنية وعلوم الكمبيوتر وهندسته ونظم المعلومات والاتصالات... الخ من علوم تقوم عليها النهضة الصناعية.


طبعا إلى جانب العلوم الأساسية البحتة والعلوم التطبيقية يوجد بالطبع الضلع الثالث وأقصد به العلوم الانسانية التي تهتم بالإنسان وثقافته.


والسؤال الذى يطرح نفسه على الأقل في الوقت الحالى والسنوات القادمة، ماهى العلوم الأكثر ضرورة واحتياجا لعمليات التنمية مع الأخذ في الاعتبار ما يوجد الآن من وفرة في العديد من خريجى العلوم الانسانية.


أعتقد وبلا مواربة أننا في أمس الحاجة للعلوم التطبيقية أى ترتكز على معرفه علمية بحتة بطبيعة الحال وتحتاج إليها مصانعنا ومزارعنا والتقدم التكنولوجى فى كل شئ، لكن المتابع والقارئ لأعداد الملتحقين بالقسم الأدبى هذا العام والذين أدوا امتحان الثانوية العامة هذا العام يدرك حجم المشكلة، فقد وصل عددهم نحو 259 ألف و566 طالب وطالبة من حوالى 763,206 طالب ممن تقدموا للثانوية العامة من مختلف الشعب..
 

 

أى حوالى 34 %، والسؤال هل نحتاج كل هذا العدد من القسم الادبى؟  الاجابة بالقطع لا! وتتفاقم كارثة النتائج عندما ينضم إلى طلاب القسم الأدبي زملاء لهم من القسم العلمى لدراسة العلوم النظرية والانسانية، وما يتبع ذلك من انفاق بالمليارات من الجنيهات من الأهل ومن الحكومة ليتخرج فى النهايه مئات الالوف لينضموا الى الملايين من العاطلين من السنوات الماضية


وتستمر المأساة إلى الكليات والمعاهد العليا وفوق المتوسطة، الحكومية والخاصة والأهلية والأجنبية التى تحتشد بكليات ومعاهد العلوم الانسانية، وإذا أحصينا عدد معاقل تعليم العلوم البحتة والتطبيقية نجدها أقل بكثير من الأولى عددا وطلابا.

 

والسؤال هل يستمر هذا الوضع وما الحل؟ فى البداية علينا أن نشيد رغم العديد من الملاحظات على افتتاح العشرات من الجامعات والمعاهد الخاصة والأهلية والأجنبية لأنها ببساطة تستوعب احتياجات السوق المحلى وتمنع سفر طلابنا إلى الخارج للتعليم هنا وهناك، ومايتبعه من استنزاف العملة الصعبة بالإضافة لهموم وآثار الغربة والاغتراب.

 
وتأتى المصاريف المغالى فيها لتضع حائلا ضخما أمام أولادنا فى ظل الظروف الاقتصادية التى يمر بها العالم الآن، وطبعا هناك الكثير من المشاكل، لكن كل شيء قابل للحل والتطوير والتعديل والتصويب، ونأتى لصلب القضية التى أتحدث فيها والحل ببساطة أن يكون تركيزنا على تعليم أولادنا العلوم التطبيقية بنسبة من 80 إلى 85 % والباقى للعلوم الأخرى.

 
يعنى نريد توجيه البحث العلمى لحل المشكلات التى تعانى منها الصناعه والزراعة بمفهومهم الشامل 
لذلك المتابع الآن للتنسيق فى الثانوية العامة يقف عند العديد من الملحوظات التى تستلزم مناقشتها على المستوى القومى، مثلا أعداد المتقدمين للثانوية العامة وقد اقتربوا من الـ 800 ألف طالب والناجحين منهم يجعلنا نطرح السؤال: هل سيتم توجيه هؤلاء حسب احتياجات سوق العمل بعد 4 سنوات أم أن الأمر ليس فى الحسبان؟!

تطوير التعليم الفنى والتكنولوجي


وحسنا بدأت الدولة برحلة الألف ميل وبتحويل الدعم غير المسبوق الذى قدمته القيادة السياسية، لإنشاء جامعات تكنولوجية جديدة بالتوسع في إنشاء الجامعات التكنولوجية هذا العام بإنشاء 10 جامعات تكنولوجيا في العديد من المحافظات وتقديم كافة أوجه الدعم الفنى لها..


وتم تجهيزها وفقًا لأعلى المعايير العالمية، بما يدعم خطة الدولة لتطوير التعليم الفنى والتكنولوجي.
وتضم مجموعة من التخصصات فى الطاقة الجديدة والمتجددة وتكنولوجيا المعلومات والميكا ترونكس والأوتوترونكس وتكنولوجيا الغاز والبترول.. إلخ لطلاب علمى رياضة وفنى صناعى، وتكنولوجيا الأطراف الصناعية لطلاب علمى علوم.


والهدف طبعا تقديم كوادر فنية مُدربة على أعلى مستوى للالتحاق بسوق العمل، والمُشاركة فى عملية التنمية المُستدامة وفقًا لرؤية مصر (2030)، ولم يقف الأمر عند ذلك بل بتشجيع الجامعات التكنولوجية الجديدة على تبادل الخبرات الدولية، وإبرام بروتوكولات التعاون مع جامعات أجنبية والعديد من الجهات الأجنبية والمحلية..

 

وإتاحة الفرص أمام رجال الصناعة والشركات الصناعية والجهات والمؤسسات الداعمة والتمويلية، لتبنى ابتكارات طلاب الجامعات ودخولها حيز التنفيذ العملي، والاستفادة من الطاقات والعقول الخلاقة والأفكار الرائعة للشباب المصري، إضافة لتدريب الكوادر البشرية، ودعم وتنفيذ المشروعات البحثية والعلمية القابلة للتطبيق لخدمة قطاعات التصنيع المختلفة. 

 


أخيرا إذا كانت الدولة قد بدأت توجيه البوصلة إلى العلوم التطبيقية التكنولوجية فلماذا لا تتجه بوصلة الجامعات الحكومية والأهلية والخاصة إلى ذلك وخاصة وهناك تجارب عظيمة في جامعات زويل والنيل بالإضافة لبعض الجامعات الأجنبية!
yousrielsaid@yahoo.com

الجريدة الرسمية