ثروت الخرباوي والخدمات الجليلة للإخوان!
كثيرون لا يعرفون والبعض لا يتذكرون كيف كان حال حركة الإخوان في مصر قبل عشرين عاما أو حتي أكثر.. منذ الطفولة ونحن نري هذا التيار يرتع في البلاد من الدعم التام والحماية الكاملة من السلطة إلي الدخول في مباراة سخيفة في عصر آخر علي حساب شعبنا ، وانتهت بالفعل والجماعة في السلطة! ولا توجد أدلة تؤيد ذلك أكثر من النتيجة النهائية!
في تلك الفترة كانت دور نشر الإخوان في كل مكان.. كتب الإفك في المكتبات.. عامة وفي المساجد.. كتب لزينب الغزالي وجابر رزق وأحمد عادل كمال ومحمود عبد الحليم وعلي جريشة وأحمد رائف إلي آخر قائمة هذه العصابة، ولم يكن من رد علي هؤلاء إلا كتب أخري للتيار الوحيد الذي تصدي للجماعة بحكم الثأر التاريخي فكان للكاتب للناصري الراحل عبدالله إمام وكتابه التاريخي الممتع "عبد الناصر والإخوان" مشفوعا بالمستندات وأوراق التحقيق..
ومثله فعل الكتاب الناصريون الكبار شيخهم محمد عودة وحسنين كروم وجمال سليم (والد مبدع الكاريكاتير عمرو سليم) وآخرون.. وانتهت القصة.. لا الدولة تمنع تزييف تاريخ مصر ولا أي مؤسسة توقف هذا السم الذي ينشر في كل مكان، ولا أحد من باقي التيارات يرد بل منهم من تحالف معهم!
فجأة.. يظهر علي خط النار ثروت الخرباوي.. قصف متبادل بينه وبينهم.. لم يكن أحد حتي يتخيل ما جري في 2011.. قبله تمت مراجعات الجماعة الإسلامية داخل السجون الراحل كرم زهدي وآخرين.. ولكن كان المراجعون أو المتراجعون هم الجماعة نفسها!
شجاعة ثروت الخرباوي
فهؤلاء مؤسسوها وقياداتها خلاف حالة ثروت الخرباوي.. الذي بدا وحيدا يقاتل منفردا.. فلا دولة توظف قدراته ولا خصوم يعرفون أي شرف للخصومة.. ولكن اشتعلت المعركة أكثر وأكثر.. وأشتد عود الرجل أكثر وأكثر حتي بلغ نضج المواجهة أقصاه في كتابيه "قلب الإخوان" و"سر المعبد" ثم استمر ما نعرفه وتعرفونه وصولا إلي حلقتي برنامج "الشاهد" مع الصديق العزيز الدكتور محمد الباز علي شاشة إكسترا ليتجدد الزعم القديم بأن ثروت الخرباوي لم يترك الإخوان وما بينهما تمثيلية!
نتعجب مما يقال! تمثيلية؟! و"قلب الإخوان" الذي استخرجه ثروت الخرباوي وشرحه أمام العالم كان تمثيلية؟! وأسرار الأسرار التي فجرها في "سر المعبد" كما لم يحدث من قبل ولا في أي إصدار عن الجماعة في العالم كان تمثيلية؟!
البعض لا ينتبه إلا أن الجهة الوحيدة المستفيدة من تشويه ثروت الخرباوي هي الجماعة نفسها.. ولجانها التي تهاجمه بحسابات مزيفة، بحجة أنه لم يزل إخوانجيا لا تريد إلا صرف الناس عنه.. والجماعة تعرف أنها لن تخسر شيئا من ذلك.. بشعار "ضربوا الأعور علي عينه"!
اليقظة مطلوبة.. فالقصة طويلة تحتاج إلي مقالات.. ولكن معيارا وحيدا يجب أن يعرفه القارئ العزيز ويستخدمه في معرفة صدق وصحة مراجعات أي عضو عن الجماعات المتطرفة وأولهم الجماعة.. وهو معيار بسيط جدا استخدمناه في حالة الجماعة الإسلامية وكرم زهدي والذين كانوا معه، واستخدمناه في حالة ثروت الخرباوي والإخوان وهو: عندما تجدون المتراجع يستند إلى أدلة شرعية فخروجه صادق وحقيقي.. من يعطي مبررات غير شرعية فخروجه سياسي مشكوك فيه!
الحديث عن تمثيلية بين ثروت الخرباوي والجماعة أهبل.. ومسئ لصاحبه وليس للخرباوي.. ويضعه في دوائر الخربة عقولهم فيتشككون في كل شيء وأي شيء وغالبا بلا أي منطق.. هؤلاء يقدمون خدمات جليلة للإخوان.. أدركوا أم لم يدركوا!
ثروت الخرباوي رجل شجاع قال كلمته مرتين.. الأولي كانت ضد السلطة -كما ظن- وقتها وانضم للجماعة وكان علي خطأ.. والثانية عندما طلب المغفرة من الله واعتذر لنفسه ولأسرته ولشعبه وترك الجماعة.. في عز مجدها.. شركات وأموال ومكاتب وسفر للخارج وعقود بعشرات الألوف المصرية وحرب شعواء إذا واجه ورفض.. وواجه ورفض.. في وقت كانت الميوعة وأحيانا الخنوسة خيار البعض!
كل التحية للمقاتل الشجاع.. الذي سيتوقف التاريخ أمام تجربته.. وعندها.. طويلا!