حتى لا يطير الدخان من الدكان
ينتاب سوق السجائر المصرية حالة من الربكة والارتفاع الجنوني غير المبرر في الأسعار، خاصة تلك السجائر المحلية مما أدى إلى تراجع المعروض منها، الأمر الذي جعل بعض المحال توقف عن بيع السجائر بسبب عدم استقرار أسعارها. وفي الوقت ذاته اتخذت بعض المحال من تلك الأزمة ذريعة لرفع الأسعار دون أي مبرر وبأعلى من الأسعار المعلنة من جانب الشركات المنتجة، وبلغت قيمة الارتفاع ما بين 10 و20 جنيها فى العبوة الواحدة وأحيانا بنسبة 100% من القيمة الحقيقية للعبوة.
وقد ذكر رئيس شعبة الدخان بغرفة الصناعات الغذائية باتحاد الصناعات، أن أسعار السجائر غير الرسمية مازالت تشهد ارتفاعا بالأسواق، وتراجعا بالكميات المعروضة وأكد أن أسعار السجائر لن تتراجع في الأسواق حتى يتم إعلان مناقشة مشروع قانون الضرائب الجديدة على السجائر مع بداية دور الانعقاد الرابع في أكتوبر المقبل.
وكانت شركة فيليب موريس مصر، أعلنت في بيان لها زيادة أسعار عدد من منتجاتها من السجائر بالأسواق، معللة ذلك بأن هذه الزيادة تأتي كضرورة للاستمرار في تأمين قدرتها على تزويد المدخنين ومستخدمي النيكوتين البالغين في مصر بالمنتجات عالية الجودة التي يبحثون عنها!
وأكدت فيليب موريس مصر التزامها بزيادة السوق بكافة احتياجاته من المنتجات التابعة لها، عبر تجار التجزئة والموزعين طبقا للأسعار الرسمية، مناشدة جميع التجار بضرورة الالتزام بقوائم الأسعار الصادرة عن الشركة والمعتمدة منها. ورغم كل ذلك فأن معظم أنواع السجائر اختفت من الأسواق دون مبرر.
جشع التجار والسوق السوداء
ويرجع بعض الخبراء السبب الرئيسي في ذلك للحكومة حيث كانت الزيادة التي تم عرضها لإضافتها على السجائر كانت لا تتعدى 2 جنيه ولم تتخذ الحكومة قرارها بالموافقة على ذلك، وعندما اتخذت الحكومة قرارها بوقف استيراد التبغ وأغلقت بعض المصانع التي كانت تصنع بعض الأنواع كل ذلك دون النظر لتأثير ذلك على السوق وبصورة مفاجئة..
مما أدى إلى قلة المعروض وبالتالي زيادة الأسعار للمنتجات المصرية، مع تشجيع المنتجات الاجنبية على زيادة أسعرها كذلك، فصار أقل سعر لعلبة السجائر تصل للمستهلك تبلغ 24 جنيها وتباع بـ55 جنيها!
هذا غير جشع التجار وعدم دراية المستهلك بحقوقه، وتباطؤ إصدار قرار تعديل تعريفة القيمة المضافة مما صعد من الأزمة، وبالنسبة لجشع التجار، فمن الضرورى فرض رقابة على المحال والمخازن، لمصادرة السجائر التى يخزنها التجار لبيعها فى السوق الموازية. فالتجار فى السوق الموازية يطمعون فى كسب أرباح كبيرة من بيع المنتجات بأسعار مرتفعة، ظنًا منهم أن السجائر ستشهد ارتفاعات كبيرة فى الأسعار خلال الفترة المقبلة.
ويؤكد الخبراء أن حل مشكلة السجائر يكمن فى إضافة التعريفة الضريبية، التى لن تكلف أكثر من إضافة 2 جنيه على الأسعار الرسمية. ورغم تكثيف جهاز حماية المستهلك الحملات على المحال التجارية والأكشاك، لمتابعة مدى التزام التجار بأسعار السجائر المعلنة من الشركات، خاصة بعد ورود شكاوى للجهاز بارتفاع أسعار السجائر، وتمت الاستعانة بعملاء متخفيين وقيام بعض رجال الضبطية القضائية بمحاولة شراء السجائر للتأكد من جدية الشكوى الواردة للجهاز. إلا أن الأزمة مستفحلة وتزداد يوما بعد يوم.
وفي سياق أخر يرجع التجار سبب الأزمة للشركة المنتجة نظرا لتخفيض حصة التاجر، فعلى سبيل المثال، إذا كانت حصة التاجر كرتونة سجائر أصبح يأخذ نصف فقط، إضافة إلى كثرة أيام إجازات الشركة، فمن المفترض أن تعمل الشركة 6 أيام فى الأسبوع، فهى حاليا لا تعمل سوى يومين فقط، فلا يستطيع التاجر الحصول على نصف حصته، ما أدى إلى قلة المعروض فى السوق وخلق مساحة للسوق الموازية، إضافة إلى فرض الشركة على التاجر أصنافا أخرى لا يرغب فيها مثل المعسل.
وذكر بعض أصحاب المحال أن أصحاب المخازن اتفقوا مع العمال على الحصول من كل تاجر على نصف حصته (قاروصة أو اثنتين)، وتجميعها نهاية اليوم، سواء كانت 10 كراتين سجائر أو أكثر، لبيعها بسعر السوق السوداء، ما خلق مشكلة كبيرة لدى أصحاب محال بقالة التجزئة والجملة، فلم يتمكنوا من الحصول على نصف الحصة التى فرضتها الشركة، ما أدى إلى لجوء كبار التجار، محتكرى السجائر، إلى شرائها بسعر السوق السوداء.
ومن هنا ستظل تدور الأزمة وكل طرف يلقي بالمسئولية على الطرف الآخر، فالشركة تلقي بالمسئولية على التجار، بينما التجار يتهمون الشركة كما يتهمون أصحاب المخازن الكبرى الذين بدورهم يتهمون المحال والتجار والشركة، وهكذا دون أن نجد دورا فعالا للحكومة في الأزمة.