النسيء يثير الجدل بين العلماء والباحثين.. القرآن حرم التلاعب في الشهر الصغير.. وسر اختلاف الأشهر الهجرية عن مواقيتها قبل الإسلام
يستعد المسلمون لاستقبال العام الهجرى الجديد 1445 هجريًا، حيث تستعد دار الإفتاء المصرية لاستطلاع هلال شهر المحرم، وتحديد موعد أول أيام رأس السنة الهجرية الجديدة بعد مغرب اليوم الإثنين، وذلك من خلال اللجان الشرعية التابعة لها في كافة محافظات الجمهورية.
ويفتح باب بداية العام الهجري الجديد كل عام الحديث عن شهر “النسيء” والذي كان يستخدمه العرب قديمًا من أجل ضبط مواقیت دخول وخروج مواسم الفصول الأربعة بالنسبة لمن كان يستخدم السنة القمرية، ولكن تم إلغاؤه بعد ذلك، حيث نزل فيه قول الله تعالى «إنما النسيء زيادة».
شهر النسيء
وكان النسيء يستخدم فيما قبل الإسلام لضبط مواقیت دخول وخروج مواسم الفصول الأربعة بالنسبة لمن كان يستخدم السنة القمرية، فيكون هنالك توازن دائم لفصول الزراعة، ومع رحلات الشتاء والصيف، والتناسق في ذلك مع السنة الشمسية، وذلك لردم الفارق بين السنتين والذي يبلغ حوالي 11 يوما من كل سنة، فيتم بذلك تلافي أن تأتي فصول السنة القمرية الهجرية على غير مسمياتها، فيكون الربيع ربيعا، ويأتي الجماد باردا، ويهل رمضان في وقت الرمضة الحارة، ويأتي الحج وسط الشتاء.
ولكي يعالج عرب الجاهلية ذلك الفارق، فقد قاموا بزيادة شهر سموه بالنسيء، وكانوا يضيفونه لنهاية السنة أو بعد كل ثلاث سنوات عربية، بغرض سد السنة القمرية، والسنة الشمسية، بمعدل 11 الفارق بين يوم للسنة، وما يقارب 33 يوما لكل ثلاث سنوات يضاف لسنواتهم، فتظل المواسم الزراعية والدينية والتجارية ثابتة في مواعيدها.
سبب إلغاء شهر النسيء
وفي أواخر عهد غزوات الرسول صلى الله عليه وسلم الإسلامية، أصبحت بعض قبائل الجزيرة العربية تتلاعب بأوان ومعاني ذلك الشهر، حتى يتمكنوا من تأجيل أو منع حلول بعض الحروب، باعتبار أنها تقع في الأشهر الحرم (ذي القعدة وذي ورجب)، فنزلت الآية الكريمة «إنما النسيء زيادة في الكفر يضل به الذين كفروا يحلونه عاما ويحرمونه عاما ليواطئوا عدة ما حرم الله»، مما جعل المسلمين في الحجة ومحرم يحرمون وجود هذا الشهر، ويقطعونه كليا، فأصبحت السنة الهجرية تنكمش طولا عن السنة الشمسية واختلفت فيها مواعيد الفصول، فأصبحت شهور الربيع تأتي في منتصف الشتاء، وشهر رمضان يتجول في مواعيده من عز البرد، إلى عز الحر، كما أن موسم الحج لم يعد مستقرا في منتصف الشتاء، وتأتي بعض مواسمه في عز القيظ.
نتائج إلغاء شهر النسيء
ويرى باحثون أنّ السبب في ما يصفه بعضهم بـ"الفوضى" التي شهدتها الأشهر الهجرية، المعتمدة على النظام القمري في حسابها، هو إلغاء شهر النسيء، وكان هذا الشهر يضاف إلى السنة القمرية كل 32 شهرًا، قبل ظهور الإسلام، لضبط شهورها مع فصول السنة.
ويقول باحثون إنّ ذلك الشهر الذي كان يتكوّن من 30 يومًا، يعوّض الفارق ما بين السنة القمرية والسنة الشمسية، ومقدار ذلك الفارق 11 يومًا، ويشبه شهر النسيء اليوم الذي يضاف للسنة الكبيسة في التقويم الشمسي، حتى تتوافق أيام السنة، مع المدّة التي تقطعها الأرض في دورانها حول الشمس.
ويقول باحثون إنّ إلغاء هذا الشهر الذي كان يستخدمه العرب قبل بعثة النبي محمد، أحدث "فوضى" في الأشهر الهجرية، حيث بات شهر ربيع الأول على سبيل المثال، يأتي في الشتاء، بدلًا من أن يأتي في الربيع مع موسم تفتح الزهور، كما كان معتادًا من قبل، وأصبح رمضان الذي يأتي بعد الصيف، يجئ مرة في الشتاء وأخرى في الصيف.
كذلك تتباين رؤية اكتمال دورة القمر بناء على الموقع الجغرافي، ما يعني أن بداية الشهر الهجري قد تقع في مكان ولا تقع في آخر.
قصة النسيء
وبالعودة قديمًا نجد أن النسيء يعد واحدا من محاولات خرق الأشهر الحرم في الجاهلية، ونقل شهر بدل شهر آخر، كما تذكر ذلك كتب التاريخ، فأول من نسأ الشهور هو جنادة الكناني، وكان يقف عند جمرة العقبة، ويقول: اللهم إني ناسئ الشهور وواضعها مواضع لا أعاب ولا أحاب، ويقول: اللهم إني أحللت أحد الصفرين وحرمت صفر المؤخر.
وتعريف النسيء أن العرب تطول عليها المدة، فيقعدون ذي القعدة ويحجون ذي الحجة، وإذا رجعوا في بداية شهر محرم حللوا القتال فيه، وأخروا حرمة الشهر لصفر، كما تذكر بعض المراجع التاريخية.
أية تحريم شهر النسيء
ومن النسيء ينقل الشهر للعام المقبل، حيث يحلل محرم ويعوض مكانه صفر من العام المقبل، وهذا ما حرمه الإسلام، كما في قوله تعالى: "إِنَّمَا النَّسِيءُ زِيَادَةٌ فِي الْكُفْرِ ۖ يُضَلُّ بِهِ الَّذِينَ كَفَرُوا يُحِلُّونَهُ عَامًا وَيُحَرِّمُونَهُ عَامًا لِّيُوَاطِئُوا عِدَّةَ مَا حَرَّمَ اللَّهُ فَيُحِلُّوا مَا حَرَّمَ اللَّهُ ۚ زُيِّنَ لَهُمْ سُوءُ أَعْمَالِهِمْ ۗ وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الْكَافِرِينَ".
ويذكر المفسر البغوي في تفسيره أن النسيء استمر فيه العرب 40 عامًا، وربما يحجون في أشهر مختلفة، فحجوا في ذي الحجة عامين وفي محرم عامين، ثم حجوا في صفر عامين، حتى جاء الإسلام وحج الرسول في سنة 9 للهجرة في الشهر الذي شرع في الحج، وخطب خطبته الشهيرة في حجة الوداع وبين المواقيت والنسيء في تلك الحجة.
التقويم الهجري
ويعتمد التقويم الهجري على قياس دورة القمر حول الأرض، بحيث يكتمل الشهر الهجري باكتمال دورة القمر، وذلك على عكس التقويم الميلادي “الشمسي” الذي يعتمد على دوران الأرض حول الشمس.
وتُقاس نهاية وبداية الشهر الهجري بناء على رؤية هلال الشهر الجديد، ما يجعل أيام الأشهر الهجرية غير محددة، على عكس التقويم الشمسي. وبناء عليه، يتباين عدد أيام الشهر الهجري ما بين 29 وثلاثين يوما.
وبسبب النقطة السابقة، تتقدم السنة الهجرية 11 يوما كل عام، مقارنة بالتقويم الشمسي، ما يجعل الشعائر والمناسبات الإسلامية تقع في فصول وأوقات مختلفة كل عام.
التقويم الهجري العالمي
وهي طريقة تقدم بها مجموعة من علماء الفلك عام 2001، للحد من التباين في رؤية الهلال في الدول المختلفة.
واعتمدت الفكرة في المؤتمر الفلكي الإسلامي الثاني، الذي أقيم في العاصمة الأردنية عمّان، في أكتوبر 2001.
وتقدمت لجنة "الأهلة والتقاويم والمواقيت"، التابعة للاتحاد العربي لعلوم الفضاء والفلك، بفكرة قياس التقويم، وتعتمد على تقسيم الكرة الأرضية إلى نصفين:
النصف الشرقي: وهي المنطقة الواقعة بين خط طول 180 درجة شرقا، إلى خط طول 20 درجة غربا.
النصف الغربي: وهي المنطقة الواقعة بين خط طول 20 درجة غربا، إلى غرب الأمريكيتين.
وتعتمد فكرة التقويم على رصد الهلال في يوم 29 من الشهر الهجري، في أحد بقاع اليابسة في كل منطقة، وحال ثبوت رؤية الهلال (سواء بالعين المجردة أو الأدوات الفلكية)، تُعلن بداية الشهر الجديد في اليوم التالي في المنطقة كلها.
ولا تعني فكرة هذا التقويم أن تبدأ الشهور الهجرية في كل بقاع الأرض في نفس اليوم، لكنها تحد من التباين في بداية الشهور في الدول بحيث لا تزيد على يوم واحد عالميا.
أسماء الأشهر
ارتبطت أسماء الأشهر إما بالفصول التي تتزامن معها، أو أنشطة العرب في كل منها، أو حرمة القتال فيها.
فمثلا أشهر ربيع الأول وربيع الآخر وافقت فصل الربيع عند تسميتها. وجُمادى الأولى وجمادى الآخرة وافقت فصل الشتاء عند تسميتها (والكلمة مستمدة من جمود الماء). وشهر رمضان مستمد من الرموض، وهو اشتداد الحر في الوقت الذي سُميّ فيه.
أما الأشهر الحرم، فذي القعدة يرمز إلى قعود العرب عن الحرب. وذو الحجة كان هو شهر الحج. أما المُحرم فهو مستمد من تحريم القتال. ورجب مستمد من "رجب النصال عن السهام"، أي نزعها، في وقت تحريم القتال.
أما صفر، فيرتبط بخروج العرب للحرب حتى تصفر البيوت، أي تخلو من أهلها. وشعبان يرمز إلى بدء تشعب العرب ما بين حرب وتجارة بعد قعودهم في رجب.
ونقدم لكم من خلال موقع (فيتو)، تغطية ورصدًا مستمرًّا على مدار الـ 24 ساعة لـ أسعار الذهب، أسعار اللحوم ، أسعار الدولار ، أسعار اليورو ، أسعار العملات ، أخبار الرياضة ، أخبار مصر، أخبار اقتصاد ، أخبار المحافظات ، أخبار السياسة، أخبار الحوداث ، ويقوم فريقنا بمتابعة حصرية لجميع الدوريات العالمية مثل الدوري الإنجليزي ، الدوري الإيطالي ، الدوري المصري، دوري أبطال أوروبا ، دوري أبطال أفريقيا ، دوري أبطال آسيا ، والأحداث الهامة و السياسة الخارجية والداخلية بالإضافة للنقل الحصري لـ أخبار الفن والعديد من الأنشطة الثقافية والأدبية.