ألغام من الأسمنت في رأس البر
تنازلت وتواضعت تحت ضغط من إلحاح ابنتى سارة بالسفر معها لقضاء بضعة أيام مع إخوتي، في رأس البر، متنفس أهالي المنصورة ومصيفهم المحبوب المعتاد.. تواضعت حقا لأنى عادة أقضى شهور الصيف في الساحل الشمالي، وفي القطب الشمالى وجزر المالديف، وبعض الجزر اليونانية..
المهم، وصلنا بسلامة الله عبر الطريق الساحلي الدولى، أجزاء طويلة منه رائعة وأجزاء بعد الدخول إلى ميناء دمياط مكسرة ودورانية ومقرفة بصراحة! من سنة وهم يرصفون فيها!
المهم وصلنا بالسلامة إلى بوابة المدينة الصغيرة الجميلة فطالعتنا البنايات المعممة بالأسقف الحمراء على الطراز الأوربي والتركي، والشوارع المرصوفة جيدا، والأهم من هذا كله أن الهواء هنا عذب طازج متجدد، محمل بمياه البحر المتوسط المرطبة، المهم، ثالثا، وصلنا أخيرا إلى شقة صغيرة في بناية من ثلاثة طوابق، والايجار والله باهظ، فاقتسمته العائلة، وبدأنا الانتشار في الغرف الثلاث، وقد اتسعت لعشرة غرف استجابة لعدد الصبيان والبنات والشبان، ولاد العيلة..
بالوعات قاتلة
الجو إذن رائع محمل باليود والطزاجة، وكفى جدا أن تكون وسط الأسرة الكبيرة، لكن الحلو لا يكتمل، فقد انتبهنا جميعا على صوت ارتطام قوى انزعجنا له انزعاجا شديدا؛ فقد دخلت سيارة بسرعتها البطيئة نسبيا في رأس بالوعة اسمنتية يتوسطها غطاء مرفوع، أى أن هناك ارتفاعين، الاساس الاسمنتى المرتفع ل٢٧سم، قمت بالقياس فعلا، ثم الغطاء الحديدي وسط الصبة وهو بدوره نافر من مكانه!
لبست للسيارة إذن لبسا خشنا فارتقت هذا المرتفع وعلقت فوقه، ونزل أفراد يساعدون، بالدفع وبالرفع، وصاحب السيارة يدوس بنزين فتدور على الفاضى والمارة يصدرون أصوات الصعبنة ويحسبنون على الموظف المهمل الذى ترك هذه المطبات البارزة اللعينة بدون تسويتها بالارض..
ونظرا لتكرار حوادث الارتطام بهذه البالوعة وبغيرها، قمت بجولة لرصدها فوجدتها تتناثر علي امتداد الشوارع الداخلية الرملية، وبين كل بالوعة قاتلة للسيارة وبالوعة اخرى حوالي 30 خطوة!
احسبها أنت على طول الشارع الرملي الموازي مثلا للشارع 101 أشهر شوارع رأس البر، ستجد عدد الرؤوس البارزة كثيرا، والغريب أنها جميعها تتوسط الشارع، قرص أسمنتى كاللغم، يتحدي السيارات كأنه مغناطيس يجتذبها.
جعلنى أفكر فيمن صنع هذا وهو يعلم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أمر باماطة الاذى من الطريق، حفاظا على الارواح وسلامة العابرين، ولا أرمى المسئول المهمل بتحدى ما أمرنا به الدين والرسول المريم بل أرميه بالاهمال الجسيم وموت الضمير، مهما كانت الاسباب الهندسية الخفية وراء هذه الاقراص الاسمنتية الضخمة تتمدد وتتناثر وسط الشوارع الرملية الداخلية..
الاهتمام بالشوارع الرئيسية والإهمال القاتل في الشوارع الداخلية يذكرنا بالمثل السائر: من بره هلا هلا ومن جوه يعلم الله! ناهيك عن مجاهل رأس البر في منطقة الامتداد العمراني، وكلمة عمرانى تتناقض تماما مع الشوارع ذات العشب، والحفر والتكسير، وغياب كامل للخدمات، ولا تليفون أرضى حتى، وتخوض بسيارتك في ظلام دامس الإ من بعض الشوارع ارتفعت فيها أعمدة الانارة الشاحبة، تدخل هذه المنطقة فتدرك أنها خارج حسابات المحافظة، ومجلس المدينة..
أرجو من محافظة دمياط السيدة منال عوض الاهتمام بأرواح الزائرين والمصطافين، فتخريب سياراتهم عمل لا يجوز القبول به جراء موظف معدوم الضمير أو عمل لم يكتمل لحسابات لا دخل للناس بها ولا يصح أن يتحملوا خسائر في أموالهم وسياراتهم بسبب هذه الالغام الاسمنتية..
حرام والله.. ادفنوها أو ساووها بالأرض..