في ذكرى وفاته، المفكر الإسلامي نصر حامد أبو زيد، أشهر ضحايا الإسلام السياسي، حرضوا على تكفيره وتفريقه عن زوجته واضطهدوه في جامعته
"يا أهل مصر، لا تصدقوا أنني مرتد، لأن المرتد والعياذ بالله لا يتقدم لينال لقب "الأستاذية" بجامعة في بلد مسلم إلا لو كان مجنونا، ولم تظهر علىّ أعراض جنون من أي نوع نداء إلى الشعب المصري 1996 ـ مجلة الطرق، عبارة لخصت كل شيء عن مشروع الدكتور نصر حامد أبو زيد، البداية والنهاية التي كانت في مثل هذا اليوم من عام 2010 عن عمر يناهز 67 عاما.
كان المفكر المصري البارز الدكتور نصر حامد أبو زيد، أحد كبار أعلام المتخصصين في الفكر الإسلامي والديني، وعارض بشدة ما أسماه «سلطة النص المطلقة» وواجه في سبيل ذلك متاعب لامثيل لها، من تكفير إلى ملاحقات ومحاولات اغتيال، نهاية بمحاولة تطليقه من زوجته باعتباره «مرتد».
من هو نصر حامد أبو زيد ؟
ولد نصر حامد أبو زيد بإحدى قرى طنطا في 10 يوليو 1943، ونشأ في أسرة ريفية بسيطة، ونتج عن ذلك تعثره في البداية عن الحصول على شهادة الثانوية العامة التوجيهية ليستطيع استكمال دراسته الجامعية، إذ لم تكن أسرته تستطيع أن تنفق عليه في الجامعة، لهذا اكتفى في البداية بالحصول على دبلوم المدارس الثانوية الصناعية قسم اللاسلكي عام 1960م.
لكن طموح الفتى النابغ لم يتوقف عند ذلك، حيث تغلب على مشكلاته المادية وظروفه الحياتية بعد أن عين فني لاسلكي بالهيئة المصرية العامة للاتصالات السلكية واللاسلكية، وطوال 10 سنوات قضاها في الوظيفة، من 1961 وحتى1972 م، قرر استثمارها في تطوير نفسه وتعويض ما فاته، والعودة للدراسة بجانب عمله، واستمر في المثابيرة، إلى أن حصل على شهادة الثانوية العامة مما أهله لدخول الجامعة والدراسة فيها بقسم اللغة العربية والفلسفة.
يحكي نصر حامد أبو زيد في أحد مقالاته كيف بكى لأنه نجح في السنة الأولى من دراسته الجامعية بتقدير جيد فقط، لهذا انكب على الدراسة وزاد من عزمه حتى ينجح بامتياز وكان الأول على زملائه حتى التخرج حاملا شهادة الليسانس من قسم اللغة العربية وآدابها بكلية الآداب جامعة القاهرة 1972م بتقدير ممتاز، وعين معيدا في نفس العام بالكلية.
استكمل مشواره بالحصول على ماجستير من نفس القسم والكلية في الدراسات الإسلامية عام 1976م وأيضا بتقدير ممتاز، ثم دكتوراه من نفس القسم والكلية في الدراسات الإسلامية عام 1979م بتقدير مرتبة الشرف الأولى.
أزمات نصر حامد أبو زيد مع الإسلام السياسي
طالب الدكتور نصر حامد أبو زيد بالتحرر من سلطـة النصوص وطالب بالاجتهاد في إنتاج تفسير جديد للقرآن مبني على معرفتنا وتقدمنا الثقافي في القرون الحالية والانتقال إلى مرحلة التحرر من كل سلطة تعوق مسيرة الإنسان في عالمنا قبل أن يجرفنا الطوفان.
أثارت كتابات أبو زيد ضجة إعلامية كبرى في منتصف التسعينيات من القرن الماضي التي سيطر فيها التيار الديني تماما وفرض قناعاته واستطاع تسويقها من أسفل، وصارت هي نفسها قناعات الغالبية العظمى، من المواطن البسيط، للساسة للأئمة، لقطاع من الصحافة والإعلام.
تبارت بعض الصحف في تتبع أفكار أبو زيد وتفنيدها بأراء دينية وفتاوى تطعن في أبحاثه العلمية ووصمها بالارتداد والإلحاد، إلى أن نجح خصوم أبو زيد في إحكام السيطرة عليه ودفعه إلى السجن من خلال محكمة النقض وباستخدام مبدأ «الحسبة»، وعلى أساسه طالبوا المحكمة بالتفريق بين أبو زيد وزوجته، والمثير أن المحكمة استجابت بالفعل وحكمت بالتفريق بين نصر حامد أبو زيد وزوجته قسرًا، على أساس «أنه لا يجوز للمرأة المسلمة الزواج من غير المسلم».
صعوبات تعرض لها نصر حامد أبو زيد قبل مغادرته البلاد
تعرض مؤلفات نصر حامد أبو زيد وأعماله الأكاديمية للهجوم الشديد، وبسببها لم يحصل على الترقية المهنية ـ الأستاذية ـ حيث عرضت أبحاثه على اللجنة العلمية التي تألفت من ثلاثة أعضاء هم الدكاترة: علي مكي، عوني عبد الرؤوف، عبد الصبور شاهين والأخير تحديدا ترك ملاحظة فحواها أنه لمس في أعمال "أبو زيد" ما يوحي بالكفر والإلحاد، لتترك الملاحظة أثرها على العضوان الآخرين، فأقروا جميعهم حرمان أبو زيد من الترقية أيد مجلس الجامعة قرار اللجنة العلمية.
اللافت أن القرار صدر رغم تعيين كلية الآداب لجنة علمية خاصة تشكلت من مجموعة دكاترة هم: حسن حنفي، جابر عصفور وآخرون، وكانت نتائج قراءتهم للأعمال إيجابية، لكن الجامعة رجحت قرار اللجنة التي مالت إلى تكفير الإنتاج العلمي الذي تقدم به أبو زيد، وهو الحكم الذي تطور ليفرض على المفكر الإسلامي الخروج قسرا في حياة الغربة بعيدًا عن بلده خوفا من الملاحقات والأذى بكل صوره وألوانه، وخاصة بعد أن تعرضت حياة نصر حامد أبو زيد وزوجته الدكتورة ابتهال يونس أستاذة الأدب الفرنسي لخطر شديد، واضطرا معا للخروج من البلاد نحو المنفى إلى هولندا، وأقاما هناك حيث عمل نصر حامد أبو زيد أستاذا للدراسات الإسلامية بجامعة لايدن.
تأثير الضغوط الحياتية على مشروع نصر حامد أبو زيد
وسط هذه الأجواء اضطر نصر حامد أبو زيد للتراجع عن تشدده في مواقفه بصورة لافته، لهذا بدا للمتابعين أن بعض التناقضات تسللت لأفكاره ومشروعه التنويري، إذ أصبح يغلب على لقاءات نصر حامد أبو زيد «الخطابية» أي علو نبرة الصوت والتنغيم كما يفعل خصومه أمثال الدكتور محمد عمارة عندما يخاطبون الجمهور، في حين أن طريقة كلام أبو زيد كانت عكس ذلك تماما.
وضع نصر حامد أبو زيد لافتة آخرى له، وهو كشف آليات الخطاب الديني، والتمييز بشكل واضح بين الدين والخطاب الديني الذي أصبح يضفي سلطة على الفكر الديني، والتوحيد بين الفكر والدين، وبين التراث والدين، مما يجعل كلاًّ من الفكر والتراث ديانتين ما ترك مشكلات كبرى للعقل العربي والإسلامي وليس المصري فقط.
كواليس وفاة نصر حامد أبو زيد
استمر نصر حامد أبو زيد في النضال من أجل تمكين أفكاره إلى عاد لمصر قبل أسبوعين من وفاته بعد إصابته بفيروس غريب فشل الأطباء في تحديد طريقة علاجه، ودخل في غيبوبة استمرت عدة أيام حتى فارق الحياة في صباح الإثنين 5 يوليو 2010 التاسعة صباحا في مستشفى زايد التخصصي، وتم دفنه في مقابر أسرته بمنطقة قحافة بمدينة طنطا.
أعمال نصر حامد أبو زيد
ـ الاتجاه العقلي في التفسير (دراسة في قضية المجاز في القرآن عند المعتزلة) وكانت رسالته للماجستير
ـ فلسفة التأويل (دراسة في تأويل القرآن عند محيي الدين بن عربي) وكانت رسالته للدكتوراة، في كلية الآداب جامعة القاهرة قسم اللغة العربية
ـ مفهوم النص دراسة في علوم القرآن
ـ اشكاليات القراءة واليات التأويل (مجموعة دراساته المنشورة في مطبوعات متفرقة
ـ نقد الخطاب الديني
ـ المرأة في خطاب الأزمة (طبع بعد ذلك كجزء من دوائر الخوف)
ـ البوشيدو (ترجمة وتقديم نصر أبوزيد)
ـ الخلافة وسلطة الأمة نقلة عن التركية عزيز سني بك (تقديم ودراسة نصر أبوزيد)
ـ (1) النص السلطة الحقيقة (مجموعة دراسات ومقالات نشرت خلال السنوات السابقة)
ـ دوائر الخوف، قراءة في خطاب المرأة (يتضمن الكتاب السابق المرأة في خطاب الأزمة)
ـ الخطاب والتأويل (مجموعة دراسات، تتضمن تقدمة كتاب الخلافة وسلطة الأمة)
ـ التفكير في زمن التكفير (جمع وتحرير وتقديم نصر أبوزيد عن قضية التفريق بينه وبين زوجته وردود الفعل نحوها)
ـ القول المفيد في قضية أبوزيد (تنسيق وتحرير نصر أبوزيد عن قضية التفريق بينه وبين زوجته.)
ـ هكذا تكلم ابن عربي (يعيد فيها الباحث مراجعة دراسته عن ابن عربي)
ـ الإمام الشافعي وتأسيس الأيديولوجية الوسطية.
ونقدم لكم من خلال موقع (فيتو)، تغطية ورصدًا مستمرًّا على مدار الـ 24 ساعة لـ أسعار الذهب، أسعار اللحوم ، أسعار الدولار ، أسعار اليورو ، أسعار العملات ، أخبار الرياضة ، أخبار مصر، أخبار اقتصاد ، أخبار المحافظات ، أخبار السياسة، أخبار الحوادث ، ويقوم فريقنا بمتابعة حصرية لجميع الدوريات العالمية مثل الدوري الإنجليزي ، الدوري الإيطالي ، الدوري المصري، دوري أبطال أوروبا ، دوري أبطال أفريقيا ، دوري أبطال آسيا ، والأحداث الهامة و السياسة الخارجية والداخلية بالإضافة للنقل الحصري لـ أخبار الفن والعديد من الأنشطة الثقافية والأدبية.