ازرعوا الأسطح.. وأكثروا من الأشجار المثمرة!
أرجو لو يعطي الحوار الوطني أولوية قصوى لقضية الأمن الغذائي، إلى جانب التعليم والصحة، فإذا تأكد لنا أن المعدة بيت الداء فإن ما تنفقه الدولة على الدواء وعلاج الأمراض يمكن أن يتراجع لو خصصت نفقات أكبر لتحسين جودة الحياة في الغذاء والماء والهواء؛ فتكلفة علاج المرضى أكبر بكثير من تكلفة الغذاء الآمن.
التغيرات المناخية تنذر البشرية بعواقب وخيمة جدًا، وما نراه يوميًا على الشاشات من حرائق غابات عالمية كان آخرها في كندا، فضلًا عن إزالة 800 مليون شجرة من غابات الأمازون خلال الأعوام الستة الأخيرة، وفقًا لصحيفة الجارديان البريطانية وهو ما أفقد العالم جزءًا غاليًا من رئته، ناهيك عما يهب من عواصف ترابية تكبد منطقتنا العربية وحدها خسائر سنوية تقدر بنحو 13 مليار دولار ما بين أضرار تلحق بالمباني والمحاصيل الزراعية والبنية التحتية..
زراعة أسطح المنازل
ألا يدفعنا كل هذا للتفكير جديًا خارج الصندوق للبحث عن حلول ناجحة لتأمين احتياجاتنا من الغذاء النظيف وتحقيق الاكتفاء الذاتي قدر المستطاع.. وماذا تفعل أكثر من 16 كلية زراعة في مصر بأساتذتها وباحثيها، وماذا صنعت الحكومة بالأفكار الخلاقة طرحنا بعضًا منها في هذا المكان قبل أسابيع؟!
ماذا يمنع أن تتبنى الدولة مثلًا حملة قومية لزراعة الأسطح بنباتات مثمرة، وأن تتبنى زراعة الأشجار في كل مكان، وأن تسارع الخطى في التحول للطاقة النظيفة خصوصًا في قطاع النقل الأكثر إصدارًا للانبعاثات الضارة.
حسنًا فعلت مصر ودول عربية أخرى حين تعهدت بزراعة مليارات الأشجار لاحتواء غضب الطبيعة لاسيما الغضب الأصفر الذي يثور وكأنه ينتقم من تخاذل البشر وإفسادهم للطبيعة. الأمن الغذائي من أهم القضايا الجديرة بالطرح على طاولة الحوار الوطني، في ظل ما تشهده الدولة من تحديات تعوق تحقيق استقرار مستدام في ملف الغذاء.
ارتفاع أسعار المواد الغذائية نتيجة طبيعية لزيادة الطلب وقلة المعروض، نتيجة التغيرات المناخية، والأزمة الروسية- الأوكرانية، وهى تحديات مرشحة للتصاعد ما يفرض على الدولة أن تكون أكثر حرصًا على تحقيق الاستقرار الغذائي بصورة غير تقليدية.
الغذاء حق دستوري أصيل لا يصح إغفاله بل ينبغي تعزيز الاحتياطي من السلع الاستراتيجية، ودعم منظومة الخبز في كل المحافظات، وتبنى خطط ملائمة تحقق أهداف نمو الإنتاج الزراعي المحلى، وتوفير المياه اللازمة لزيادة الرقعة الزراعية، وتنمية الثروة الحيوانية والداجنة والسمكية.. فالظروف الضاغطة لا تحتمل التأخير.