عدالة لجنة التحفظ
منذ بداية المشوار الصحفي تطمئن قلوبنا إذا ما أحيلت قضايا ضدنا -بحكم عملنا في صحف المعارضة– إلى القضاء.. ساعتها كنا نلوذ إلى تلك المنصة المقدسة آمنين ومطمئنين لأننا في محراب العدالة وبين أيادٍ أمينة تعرف كيف ترد الحق للحق وتؤمن الملهوف وتبث في الخائف كل صنوف الأمان.
وتاريخنا القضائي يشهد بما قدم الأوائل ويسطر مسيرة الأجيال التي جعلت من القضاء المصري منارة لمحيطه الإقليمي والدولي، وكيف ساهم أبناؤنا القضاة في بناء دول بدءا من دساتيرها وحتى منصات عدالتها ومناهج محاكمها وتربية أجيال على الحكمة والعدل والمنطق.
وبعد هذه المقدمة أعرض على سيادتكم قصة قد يراها البعض محدودة الأثر والآثار وأراها على نحو مغاير تماما إذ إنها تجمع في تفاصيلها مضامين غاية في الأهمية والخطورة وطغيان الأنا على المصلحة وتغول السلطة على العدل والمنطق والحق.
محمود مصطفى طبيب صيدلي مجتهد، التزم طوال حياته بما تعلمه طفلا في بيت مصري أصيل وما عايشه على أيادى معلمين أجلاء في مدارس كانت تربي قبل أن تعلم وصولا إلى كلية خط أساتذتها بأناملهم سطورا من الضمير الإنساني حتى أصبح عضوا بنقابة الصيادلة التي أكملت مشوار التربية والتعليم والالتزام.
نجح محمود في عمله وشهد له القاصي والداني بالتزامه المهني والأخلاقي وشاء القدر أن يتقدم كصيدلي مشارك بصيدلية مستشفى مدينة نصر التخصصي -رابعة سابقا- ونجح في الفوز بها وتحقيق أرباح في العام الأول للمستشفى قدرت بنحو أربعة ملايين جنيه وفي العام الثاني بستة ملايين جنيه.
حكاية الصيدلي محمود مصطفى
أمطره الحظ بما لا يحلو لشاب أن يلاقي في مشوار حياته عندما واجهه الأستاذ الدكتور أحمد سعفان رئيس مجلس الإدارة بتهمة لم يقترفها؛ مدعيًا أن محمود تقدم بشكوى ضده للرقابة الإدارية وأقسم الصيدلي أنه لم يفعل، فطلب الدكتور أحمد سعفان منه أن يوثق شهادة في الشهر العقاري بأنه لم يشكوه ولن يشكوه.. وقد فعل رغم أن الطلب ضد المنطق والدستور والحقوق القانونية التي تعلمناها على أياديكم.
لم تمض الأيام كما كانت وبدا واضحا أن محمود أصبح في بؤرة الاستهداف، وقد بذل جهودا كبيرة دون كلل أو ملل في إصلاح الأمر دون جدوى حتى بدأت سلسلة من المفاجآت المدهشة.. صدور أمر شفوي بعدم دخول الصيدلي محمود مصطفى إلى مقر عمله.
وكما تعلمون أن إدارة الصيدليات مسئولية كبيرة حيث تعج بمواد مخدرة وأدوية مهمة ومنعه من أداء عمله والإشراف عليه قد يكلفه مستقبله المهني، فاضطر إلى تحرير محضر بقسم شرطة مدينة نصر وأبلغ التفتيش الصيدلي بما يجري حيث تقع المسئولية عليه كمسئول أولا وأخيرا.
سبق هذا الإجراء تفاصيل أخرى أكثر غرابة ثم تلا ذلك أن وقعت المستشفى في خطأ كبير عندما سلمت شيكات الصيدلية على غير وازع من القانون إلى شركاء في الصيدلية فرضوا فرضا على محمود مصطفى دون تفويض بذلك وعلى مدار عام كامل ذهبت أموال الرجل إلى غير مستحقيها وهو أمر مثبت في دفاتر الحسابات للأسف الشديد.
لم يتوقف الأمر عند هذا الحد بعد أن أبلغ الصيدلي رسميا بما يجري دون جدوى فلجأ إلى القضاء بعد أن راكمت الديون عليه لشركات الأدوية ليصبح رهن الخوف من السجن دون جريمة يقترفها وبدأ يلح في طلب حقوقه المادية فلم يكن من الدكتور أحمد سعفان إلا أن طلب منه التخارج قبل نهاية العقد المبرم بينه وبين المستشفى.
وافق محمود مصطفى على التخارج شريطة إعادة أمواله وأموال الشركات إليه ليسدد ديونه بعد أن حذر من أن الديون المتراكمة عليه تتسبب في عدم وجود أدوية مهمة للمرضى فلم يكن من الدكتور أحمد سعفان إلا أن ينذره أكثر من عشرة إنذارات في شهر واحد بتوقيع غرامة عشرة آلاف جنيه في كل إنذار بسبب نقص الأدوية.
دار محمود مصطفى في حلقة من الاضطهاد والخوف فهو مهدد بالسجن بسبب ديونه وفي نفس الوقت توقع عليه غرامات بسبب نقص الأدوية فكيف يعوض نقص الأدوية وأمواله تقوم إدارة المستشفى بتسليمها إلى غيره بعيدا عن القانون ومخالفة للعقد.
وقبل أن نلجأ إليكم فقد وجهنا استفسارات إلى الدكتور أحمد سعفان لعله يصحح ما لدينا من معلومات؛ فالصحفي ليس قاضيا يمتلك أدوات الحكم وقد يكون الرجل بريئا مما ينسب إليه دون أن نتلقى جوابا بل شهد الملف صراعا محموما ضد الصيدلي- لدينا تفاصيل منه بالفيديو-!
التفاصيل كثيرة ولايزال الملف يحمل من المفاجآت الكثير وقد آثرنا التوجه إليكم وسنوالى النشر فيما نظن أنه يعيد الحقوق إلى أصحابها ويقيننا أننا نوجه رسالتنا إلى ضمائر الإنسانية متمثلة في وجودكم على رأس هذا الملف الشائك والحساس.