الجينوم البشري علم المستقبل للكشف عن الأوبئة والأمراض، وتوصيات ملموسة للتعامل مع سيناريوهات تعديله
علم الجينوم البشري، في عام 1984، وفي اجتماع مشترك بين وزارة الطاقة الأمريكية واللجنة الدولية للوقاية من المطفرات والمسرطنات البيئية، طرح لأول مرة بصورة جدية سؤال جعل الجميع يعيدون النظر ويغيرون طريقة التفكير في كثير من الأمور: (هل يمكننا، أو هل يجب علينا، أن نقوم بفك تتابعات (سلسلة) الجينوم البشري؟.
لم تكن إجابة هذا السؤال من السهولة بأن يتم الإجابة عليها في نفس المكان والتوقيت، لذلك عقدت بعدها عدة جلسات عمل خلال عامي 1985 و1986، وتمت دراسة الموضوع برمته من قبل المجموعة الاستشارية لوزارة الطاقة، ومكتب تقييم التكنولوجيا التابع للكونجرس، والأكاديمية الوطنية للعلوم، بالإضافة إلى الجدل الذي احتدم وقتها بين العلماء أنفسهم على المستويين العام والخاص، وعلى أي حال، فقد استقر الإجماع في نهاية الأمر على أنه يجب أن نخطو في هذا الاتجاه.
وفي عام 1988، أنشئت منظمة الجينوم البشري في الولايات المتحدة، وكان هدف هذه المنظمة الدولية هو حل شفرة كامل الجينوم البشري.
وفي عام 1990 بدأ العمل الرسمي في مشروع الجينوم البشري، وأعلنت نتائجه الأولية عام 2000، وأعلنت النتيجة النهائية للمشروع عام 2003، وقد أدى ذلك لإجراء أبحاث في مجالات ذات أهداف أبعد.
وبدأت عام 2003 عملية البحث في تسلسل الحمض النووي، وذلك بفضل جهود مشروع الجينوم البشري الدولي، الذي أثبت وجود تقنية لتسلسل الحمض النووي تكشف عن معلومات رائعة يمكن أن تؤدي دورًا ضخمًا في النشاط الطبيعي.
وبحلول عام 2007م، تم التعرف على التسلسل الكامل للجينوم في 1879 فيروس و577 نوعا من البكتيريا و23 جينوم من الكائنات حقيقية النواة تقريبا كان نصفها من الفطريات، وكانت معظم البكتيريا التي فك تسلسلها الوراثي الجينوم لأنواع تسبب أمراضًا مثل المستدمية النزلية، وأيضا من الأجناس الحية الأخرى التي تم فك شفرتها هي الكائنات الحية الهامة في الابحاث الطبية والحيوية.
أهمية علم الجينوم في البحث العلمي والقطاع الصحي
وأكد الدكتور اسلام عنان استاذ أقتصاديات الدواء والباحث في علم انتشار الأوبئة أن علم الجينوم ومعرفة التسلسل الجيني له أهمية كبيرة في البحث العلمي والقطاع الصحي على مستوى العالم، موضحا أنه إذا أردنا معرفة أي الأمراض التي من الممكن أن تنتشر خلال الفترة القادمة فإننا لابد أن ندرس الجينوم الموجود وقدرته على التحور وسرعته في التحور.
وأضاف الباحث في علم انتشار الأوبئة أنه لابد من معرفة القفزات الجينية والتسلسل الجيني للفيروسات الموجودة عند الحيوانات، لأن كورونا مثلا جاء من خلال حيوان وسيط للإنسان ولو كنا استطعنا دراسة التسلسل الجيني داخل فيروسات الخفافيش مثلا كنا استطعنا معرفة النمط الخاص بهم وهل من الممكن أن يتغير في أي لحظة وتحدث له قفزة وينتقل للإنسان أم لا.
أهمية دراسة علم الجينوم
وكشفت دراسة قامت بها منظمة المجتمع العلمي العربي، منظمة تهتم بالعلوم وممارساتها، أن المعلومات التي يقدمها الجينوم البشري تستخدم في مجال الطب الجزيئي الذي يهدف إلي تحسين تشخيص الأمراض، والاكتشاف المبكر للاستعداد للإصابة بالأمراض الوراثية، وتصميم الأدوية بصورة أكثر ملاءمة، والمعالجة بالجينات وأنظمة التحكم للأدوية، وفي علم الأدوية الجينومي يتم تصميم أدوية تستهدف أمراضًا وراثية بعينها.
كما تستخدم هذه المعلومات في الدراسات السكانية والأنثروبولوجية، ودراسة التطور عبر طفرات الخط الجنسي في السلالات البشرية المختلفة، ودراسة أنماط هجرة المجموعات السكانية المختلفة استنادا إلى التوريث الجيني.
وأضافت الدراسة: «هذه المعلومات الكاملة التي سنحصل عليها من دراسة الجينوم البشري ستسمح لنا باتخاذ قرارات أفضل بشأن أجسامنا، لأنها تغير تصور الجهل الذي كان لدينا، على سبيل المثال، قرار الأطعمة التي نحتاج إلى تناولها لتعزيز دفاعاتنا، كما ستساعدنا بعض المعلومات على تعديل عمل جهاز المناعة لدينا وجعله أكثر فعالية، والذي يمكن أن يكون أكثر دقة لتقليل الالتهاب على المستوى الجزيئي في أجسامنا في مواجهة المرض».
تعديل الجينوم البشري كأداة من أدوات الصحة العامة
لم يكتف العلماء والباحثين بدراسة تسلسلات وتتابعات الجينوم البشري فقط، بل عكف بعضهم على تعديل الجينوم البشري وتكريسه كأداة من أدوات الصحة العامة، وصدر بهذا الشأن منذ نحو عامين تقرير من منظمة الصحة العالمية، به مجموعة من التوصيات العالمية للمساعدة على تكريس تعديل الجينوم البشري كأداة من أدوات الصحة العامة، مع التركيز على المأمونية والفعالية والأخلاقيات.
وجاء تقرير منظمة الصحة العالمية نتيجة لأول مشاورة عالمية واسعة النطاق بشأن تعديل الجينوم البشري على مستوى الخلايا الجسدية والصفات المنتقلة بالوراثة.
وقال الدكتور تيدروس أدحانوم جيبريسوس، المدير العام للمنظمة "بإمكان تعديل الجينوم البشري أن يعزز قدرتنا على معالجة الأمراض والشفاء منها، بيد أنه لا يمكننا تحقيق الأثر الكامل إلا إذا عمّمنا هذه الممارسة على الجميع، بدلا من زيادة تعميق الغبن في المجال الصحي بين البلدان وداخلها.
وتشمل الفوائد المحتملة لتعديل الجينوم البشري زيادة سرعة ودقة التشخيصات وتحسين توجيه العلاجات والوقاية من الأمراض الوراثية. وقد استُخدمت بنجاح معالجات الجينات الجسدية، التي تنطوي على تعديل الحمض النووي الريبي المنقوص الأكسجين للمريض بغرض معالجة مرض ما أو الشفاء منه، في مكافحة فيروس العوز المناعي البشري وداء الكُريات المنجلية والداء النشواني ذي البروتين الرابط للتيروكسين، كما يمكن لهذه التقنية أن تحسّن إلى حد كبير علاج طائفة واسعة من أنواع السرطان.
ومع ذلك، هناك بعض المخاطر المرتبطة، على سبيل المثال، بتعديل الجينوم البشري الإنتاشي والمنتقل بالوراثة، حيث يتسبب في تبديل جينوم الأجنّة البشرية، مع احتمال انتقالها إلى الأجيال اللاحقة، مما يؤدي إلى تعديل صفات الذرية.
وقدم تقرير منظمة الصحة العالمية توصيات بشأن حوكمة تعديل الجينوم البشري ومراقبته في تسعة مجالات منفصلة، بما فيها سجّلات تعديل الجينوم البشري؛ والبحوث الدولية والسفر لأغراض طبية؛ والبحوث غير المشروعة أو غير المسجلة أو غير الأخلاقية أو غير المأمونة؛ والملكية الفكرية؛ والتعليم والمشاركة والتمكين. وتركّز تلك التوصيات على التحسينات اللازم إجراؤها على مستوى النظم من أجل بناء قدرات جميع البلدان على ضمان استخدام تعديل الجينوم البشري على نحو مأمون وفعال وأخلاقي.
توصيات ملموسة للتعامل مع سيناريوهات تعديل الجينوم البشري
كما وفر التقرير إطارا جديدا للحوكمة يحدد أدوات ومؤسسات وسيناريوهات معيّنة لتوضيح التحديات العملية المواجهة عند إجراء البحوث في مجال الجينوم البشري وتنظيمها ومراقبتها. ويقترح إطار الحوكمة المذكور توصيات ملموسة للتعامل مع سيناريوهات محددة مثل:
- اقتراح بإخضاع تعديل الجينوم البشري على مستوى الخلايا الجسدية لتجربة سريرية افتراضية في إطار مكافحة داء الكُريات المنجلية في غرب أفريقيا.
- اقتراح باستخدام تعديل الجينوم الجسدي أو التخلقي المتوالي في تعزيز الأداء الرياضي.
- إنشاء عيادة تخيُّلية يكون مقرّها في بلد يتوفر فيه حد أدنى من المراقبة في مجال تعديل الجينوم البشري المنتقل بالوراثة ويقدم هذه الخدمات إلى عملاء دوليين عقب إجراء إخصاب في المختبر وتشخيص جيني سابق للانغِراس.
ونقدم لكم من خلال موقع (فيتو)، تغطية ورصدًا مستمرًّا على مدار الـ 24 ساعة لـ أسعار الذهب، أسعار اللحوم ، أسعار الدولار ، أسعار اليورو ، أسعار العملات ، أخبار الرياضة ، أخبار مصر، أخبار اقتصاد ، أخبار المحافظات ، أخبار السياسة، أخبار الحوادث ، ويقوم فريقنا بمتابعة حصرية لجميع الدوريات العالمية مثل الدوري الإنجليزي ، الدوري الإيطالي ، الدوري المصري، دوري أبطال أوروبا، دوري أبطال أفريقيا، دوري أبطال آسيا ، والأحداث الهامة و السياسة الخارجية والداخلية بالإضافة للنقل الحصري لـ أخبار الفن والعديد من الأنشطة الثقافية والأدبية.